أخبار الموقع

اهــــــــلا و سهــــــــلا بــــــكم فــــــي موقع مجلة منبر الفكر ... هنا منبر ختَم شهادةَ البقاءِ ببصمةٍ تحاكي شَكلَ الوعودِ، وفكرةٍ طوّت الخيالَ واستقرتْ في القلوبِ حقيقةً وصدقاً " اتصل بنا "

« الراموس » ... قصة بقلم : عطا الله شاهين



 « الراموس »
    بقلم : عطا الله شاهين  
   19/11/2017
 قصة


« مجلة منبر الفكر»    عطا الله شاهين     19/11/2017


اعتاد أن يمرُّ في كل مساء بمحاذاة جبّانة صغيرة كلّما رجعَ من عملِه إلى قريته الصغيرة، 
التي تبعد عن المدينة كيلومترات عدة، 
لكنه ذات مساءٍ عندما وصل إلى الجبانة كعادته، لاحظ بأنّ البوابة على غير عادتها مفتوحة، 
فاعتقد للوهلة الأولى بأنّ هناك أناساً يُودّعون غاليا عليهم الثرى، 
لكنّ شيءٌ ما دفعَه للولوجِ  إلى تلك التّربة، 
تقدّم وخطا بكل هدوء، لم يكنْ أيّ أحد هناك، ذهلَ واستثير فضوله، 
طاف في جنباتها السّاكنة، في ركن جهة الجنوب رأى وردة جوريّة بريّة جافّة، 
وكوم من حطب العنب.. 
لا شيء كان يشير على الحياة فيها، إلا كلبان متشردان، يتناكحان دون أدنى اهتمام بمشاعر الميّتين، ب
ومة كانتْ تنعق من مكان قريب ترثي سوءةَ زوجها، 
وجرذٌ كبير اختبأ في مدفن محفور اختاره حفرةً له.
انشدّ دون إدراك إلى راموس بدا له جديدا، 
ولاحظ بأن تربته لم تنشف بعد، سارَ في خوفٍ صوبه، 
تعثّر بين بعض الشواهد، ونباتات العليق الشائكة القبيحة التي نمت في المكان، 
فلم يكن أية ورود ولا أية شجيرات بالجبّانات، رائحة جثث الميّتين كانت تزكم أنفه، 
وهمسٌ حمله إليه ريح قارصة، أصاخ الإصغاء.. 
كان نحيبا خافتا يتعالى.. 
أصوات مترددة بدت تشتكي وتريد العدالة، 
امرأة لمْ ينشف دم نفاسها تستفسر في غمٍّ عن جنس طفلها، 
ضاقتْ الجبّانة بالسياسي.. 
ودعوات المضطهد على المستبِد، تعالى الصراخ من كل حدب، 
وتشابكت النبرات في لحن بدا مخيفا، حاول أن يغلق أذنيه، 
أخفق في الفرار من كل هذا الصخب، فهربَ ببدنه وفحص الدرب نحو ذلك الراموس الغريب.
ثبتَ عنده وبرزتْ مقلتاه لدرجة، 
بداخل الراموس رأى امرأة ترقد وتشق كفنها، 
وقد تشقّق بدنها الطريّ، جيشٌ من الدود كان يحوّطها، ولَهَا لعبةَ التّستر بين طيّاتها، 
افترس جمَالَها وفتكَ بحسنِها، دودة صغيرة كانت ترنو إليه بإغضابٍ وتنهش سحنتَها السّاحرة، 
رآها تدخل من عينها وتخرج من أذنها، 
وانزلقت في مخاطها الهلامي الشّفّاف.. 
كان يحكّ مقلتيه بلا توقف، فقد يكون ما يراه مجرد حُلْم عابر سيصحو منه، 
ويتبدد بعد حين، ظل يرنو في خيفة من بين فتحات بنانه 
وأمعن النظر في أسارير المرأة.. لقيه يحاكيها ..


  اقرأ المزيد لـ عطا الله شاهين


لإرسال مقالاتكم و مشاركاتكم
يرجى الضغط على كلمة  هنا 


ليست هناك تعليقات