أخبار الموقع

اهــــــــلا و سهــــــــلا بــــــكم فــــــي موقع مجلة منبر الفكر ... هنا منبر ختَم شهادةَ البقاءِ ببصمةٍ تحاكي شَكلَ الوعودِ، وفكرةٍ طوّت الخيالَ واستقرتْ في القلوبِ حقيقةً وصدقاً " اتصل بنا "

« ركوب براق الألوان » ... بقلم : د. محمد غاني



  « ركوب براق الألوان »
    بقلم :   د. محمد غاني
   22/2/2018
 كاتب مغربي


« مجلة منبر الفكر » د. محمد غاني  المغرب 22/2/2018


تفنن الغرب في إركاب اطفالهم براق الالوان من اجل الصعود في معراج العلم في تدرج لطيف دون ان تضيق رئتا تنفسه العلمي بفضل تنوع نقوش الرياضات العلمية من جهة و اختلاف صباغة المناهج تارة، و تغاير التنميقات التي تزوِق مختلف دروسهم و مدرسيهم من جهة اخرى، لا لشيء الا لعلمهم بطبيعة الملل الذي يتسرب للنفوس عند سلوكهم لطريق الحق في أي ميدان من الميادين.

امة العرب أولى بفقه هاته اللطيفة، الا انها أصرت ان تغطي اعينها بحجاب يَدِ فتنة مظاهر الماديات و اغلقت أذني البصيرة الثاقبة باصابع تلونات سطحيات ملهيات جوفاء، و استغشوا ثياب الجهالة، واصروا على التغني بارث الأولين و استكبروا بأسبقيتهم على الآخر الحضاري استكبارا.
أليس هي الأمة التي لون لها الحق الطاعات لما علم منها حصول الملل في سلوك الجادة، جاء في حكم ابن عطاء الله السكندري: لما علم الحق منك وجود الملل لون لك الطاعات وعلم ما فيك من وجود الشره فحجرها عليك في بعض الأوقات ليكون همك إقامة الصلاة لا وجود الصلاة فما كل مصل مقيم.

اليس التدبر و التفكر في الشرائع أولى الأولويات في مقدساتنا، لكننا نأبى الى التشبث بالسطحي منها دون الغوص في الفلسفي منها فأجود ما في الثمار لبها لا قشورها. نعم يحمي القشر اللب من التلف دون ان يعني ذلك ان نقطف القشر و نترك اللب، فيا أسفا على من اعطى الاولوية الكبرى لسطحيات الأمور و ترك مغزى و لب مقاصدها.

للوصول الى أسمى المقاصد يبقى براق الالوان من أولى الوسائل التي يمكن ركوبها، و تغيير الطلاءات يبقى من الاختيارات المحضة لكل طالب للنجاح، حيث يمكنه الهروب من الملل كلما شعر به يتسلل إليه من اجل ثنيه عن عزمه، بتنويع المناهج مثلا، فان كان يركز على كليات الأمور يمكن ان يُعَرِج على جزئياتها، ألم تسمع الى حكمة باولو كويلو يصدح قائلا: إن تشابهت الأيام هكذا فذلك يعني أن الناس توقفوا عن إدراك الأشياء الجميلة التي تمثل في حياتهم.

من الأمور التي تثنى العزائم أيضا عن بلوغ المرام، تشتت التوجه و القصد لذلك لا بد من تحديد مراد أسمى للحياة، لكن هذا لا يمنع من تنويع أهداف صغرى يجدد المرء إحداها إلى ما سواها كلما رسا بمرفأ منها، لذلك ينوع الكبار في الأهداف حتى لا يتسرب لهم الملل، لأنه في نظرهم خطيئة ما مثلها خطيئة، لا لشيء الا للتنوعات الهائلة التي يجدونها أمامهم من اجل ركوب بُرُقِها للوصول الى مراميهم، ألم يشدو اوسكار وايلد بحكمته الرائدة: الملل هو الخطيئة الوحيدة التي لا يمكن أن تغتفر.

حتى حكماء الروح من كبار الرجالات يحذرون من تسريبات الملل إلى فِعالهم، لما ينزعه من بنزين المحبة من طموحات الإنسان، فهذا عبد الوهاب الشعراني يترنم صادحا "ذرة من العبادة مع الإقبال على حضرة الله خيرٌ من أمثال الجبال منـها مع الملل"

أضف إلى كل ما سبق الذكاء  ذلكم الذكاء الاشاري الذي يعلمه لنا ركوب براق الألوان من فهم لمؤشرات إيضاحية لمعالم طريق النجاح، أليست إشارات المرور الدولية من ألوان حمراء و صفراء و خضراء خير منظم لسياراتنا في حياتنا اليومية؟ أليس بياض النهار ايذان يومي بنهاية سواد كل كرب و مشكل؟
أليس سواد اليل مؤشر على وقت راحة البدن من كل تعب يومي؟

أليس تتغير نظرة أحدنا الى الدنيا كلما تنبه الى ضرورة تغيير نظاراته النفسية الى الوجود من الحسن إلى الأحسن و من الجيد الى الأجود؟




 اقرأ المزيد لـ د. محمد الغاني


لإرسال مقالاتكم و مشاركاتكم
يرجى الضغط على كلمة  هنا


ليست هناك تعليقات