يثار الكثير من التساؤلات حول الدور التخريبي الذي يمارسه حكم رجب طيب اردوغان وحكومته في تركيا ليس فقط ازاء الازمة القائمة في سوريا، بل ايضاً حيال كل قضايا المنطقة من العراق الى فلسطين، مروراً بما حصل في مصر، وانتهاء بالدعم والتسليح الذي يقوم به هذا النظام للمنظمات الارهابية في سوريا والعراق بدءا من تنظيم «داعش».
ولم يقتصر هذا الدور المشبوه لاردوغان وحكومته حيال القضايا الاقليمية بل تعداه الى ممارسة كل انواع الارهاب والقمع ضد الحريات في تركيا سواء حريات التعبير او الاعلام وصولا الى الزج بالسجن للمئات من الضباط في الجيش التركي بينهم برتب عالية جداً، لمجرد اعتراض هؤلاء على سياساته الهوجاء التي تحاول ضرب كل ما انجزته تجربة اتاتورك، وفرض اوهام السلطنة العثمانية ليس على بلاده فقط، بل على كامل المنطقة العربية.
كذلك فان ضغوطات اردوغان وحكومته اضطرت مئات الضباط الاخرين الى تقديم استقالاتهم من الجيش التركي، الى جانب سجن اعداد اخرى بينهم نائب رئيس الاركان السابق إلكر باشبوغ بعد ان جرى تلفيق تهم لهؤلاء الضباط بالتخطيط لانقلابات عسكرية ضد حكومته اواخر العام الماضي.
ورغم ذلك، فان كبار المراقبين للاوضاع في تركيا يعتقدون ان حكم اردوغان مع كل اعمال القمع والارهاب بحق من يعارضه بات في وضع ضعيف، خصوصاً مع تزايد قوى المعارضة له واضطراره الى اجراء انتخابات نيابية قبل بضعة اشهر، بعد ان فشل في الانتخابات التي سبقت الحصول على الاكثرية المطلقة لتأليف الحكومة.
اذاً، كيف تبدو تركيا في واقعها الراهن من وجهة نظر احد كبار معاضي اردوغان وهو نائب رئيس الاركان السابق إلكر باشبوغ؟
احد الذين التقوا المسؤول العسكري التركي المذكور مؤخراً عادوا بانطباعات تشير الى مدى الوهن والضعف الذي بلغه حكم اردوغان، ويقول المسؤول التركي امام ضيفه ان الحسابات السياسية لاردوغان تتناقض في معظم الاحيان مع المصالح الوطنية لتركيا. ويضيف ان اداء اردوغان يضر ببلاده ومصالحها على المستويين الاقليمي والدولي، وهذه النظرة باتت راسخة لدى أكثرية كبار ضباط الجيش التركي.
ويلاحظ المسؤول العسكري التركي السابق - المعارض لاردوغان - ان كل احلام الاخير تبخرت، وهو الأمر الذي يمكن ملاحظته في عداء كثير من الدول العربية لانقرة، ويتساءل المسؤول التركي: اين اصبحت شعارات اردوغان من انه سيصلي في الجامع الاموي في دمشق؟
ويشير باشبوغ الى مدى الضعف الذي بلغه الجيش التركي جراء سياسات اردوغان ويقول ان تركيا بوضعها الحالي لا يمكن ان تدخل في حرب كبيرة الا اذا كان هناك مشروع دولة كردية وخاصة في العراق فباعتقاد اردوغان وحكومته ان هذه الدولة من شأنها ان تهدد وحدة تركيا وان كانت الاخيرة ترى ضرورة استمرار وحدة دول المنطقة واعطاء المناطق الكردية حكماً ذاتياً. ويوضح ان هناك اختلافات جدية بين انقرة والولايات المتحدة حول النظرة الى الموضوع الكردي، سواء في سوريا او العراق.
كما يلاحظ المسؤول العسكري التركي السابق ان الجيش التركي بوضعه الحالي ليس قادراً على خوض حروب بعيداً عن تركيا، فهذا الجيش تعرض لضربات كبيرة من نظام اردوغان بما ان تجربته ضعيفة ولا يستطيع الابتعاد عن اراضيه لخوض حروب معينة، بل انه يزداد ضعفاً كلما كانت مهماته خارج الحدود التركية، عدا عن ان الجيش التركي لا يمتلك حتى الآن حاملة طائرات او ما شابه.
وحول محاربة تنظيم داعش لا يرى المسؤول التركي ان نظام اردوغان قد يذهب بعيداً في محاربته ويقول ان تركــيا لن تساهم سوى بدور لوجستي فقط وليس بدور قتالي حتى اذا كان هناك قرار دولي صادر عن مجلس الامن لقتال «داعش» مع اعتقاده ان هذا التنظيم لن ينتهي الا بقرار دولي يحدد بوضوح اليات انهاء هذا التنظيم ومحاربته.
الا ان المسؤول المذكور يبدي خشيته من وجود خلايا ارهابية لتنظيم داعش في تركيا. ويقول ان الخطر دائم جراء الخلايا النائمة الموجودة في بلاده.
ويرى هذا المسؤول اخيراً ان من حق مصر ان تدافع عن مصالحها الوطنية العليا، وبالتالي ضمن الخطة ان لا تسعى حكومة اردوغان الى اعادة تصحيح هذه العلاقة مع مصر.
سياسات أردوغان عزلت أنقرة ... بقلم : حسن سلامة
مراجعة بواسطة مجلة منبر الفكر
في
7:33 ص
التقييم: 5
ليست هناك تعليقات