فومو FOMO) Missing Out Fear of)، مصطلح اجنبي استُحدث بعد ثورة التواصل الاجتماعي، يعني الخوف من أن يفوتك شيء. فبعد ان أصبح كل منا معلقا بسلك وهمي بهاتفه النقال، أصبح البعض يشعر بالخوف والقلق إن ترك هاتفه لدقائق، فلربما حدث شيء ما في بلد ما ولم يعرف به، أو لربما أحدهم أرسل له رسالة ولم يرها.. أو لربما وضع له «لايك» على صورة من صوره.
تقول الدراسات ان الشخص العادي يتفقد هاتفه حوالي 85 مرة يوميا، فسلوك التفقد أو «التشييك» أصبح آفة أصابتنا كلنا (ولا أبرئ نفسي)، فنحن دائما نجري خلف حساباتنا على وسائل التواصل: قليل من التفقد على تويتر، بعض «التشييك» على الفيسبوك، والقليل من اللايكات على الانستغرام، ثم ننهي النهار بمشاهدات مطولة لـ «سنابات» المشاهير كي لا يفوتنا شيء.
الظاهرة لا تخصنا وحدنا، فقد أصبحت مشكلة عالمية، فارتباطنا بهذه الوسائل أصبح يشكل عبئا بل ضغطا علينا، وأصبحنا نعيش حياتنا من خلالها باحثين عن القبول والتقدير وحتى المحبة عبر « الريتويت واللايك ». اللافت أن حالة القلق والخوف من الابتعاد عن هواتفنا أصبحت «فوبيا» معترف بها طبيا، فرهاب فقدان الهاتف أو التواجد خارج نطاق تغطية شبكة الانترنت يسمى « نوموفوبيا ».
بيد أنه كفكرة عابرة، اود أن «أفرد» مصطلح « فومو » قليلا وأعممه على حياتنا الاجتماعية. فكما للفومو ضحاياه في العالم الافتراضي له أيضا ضحايا في الواقع، فالخوف من أن يفوتك شيء يجعل البعض يحترق ليكون في كل مناسبة وكل احتفال وكل مهرجان وكل أمسية وكل دعوة وكل عرس.. إلى ان يجد في النهاية أنه استهلك جسديا ونفسيا ولم يستفد من أي منها.
«مستر/ مدام فومو» لهم في كل عرس قرص. يحرص على تواجده في كل أمسية ثقافية حتى وإن لم يكن الموضوع من ضمن اهتماماته، يجلس مثل «الأطرش بالزفة»، مسجلا حضوره «كمثقف»، ومنها يقفز إلى الامسيات الموسيقية، ثم ينط إلى المعارض التشكيلية، ليلتقط صورة مع الفنان لينشرها في حساباته مسجلا حضورا.
نأتي إلى الأهم، الندوات السياسية، يحرص على جلوسه في الصفوف الأولى لتلتقطه عدسات الكاميرات، لا يسمع ما يقال، يقضي وقته على هاتفه «يشيك» إن فاته شيء، ثم في وقت الأسئلة، يكون أول من يرفع يده، يسأل سؤالا.. (أي سؤال)، المهم أن يثبت وجوده صوتيا. ثم عندما يحين وقت الإجابة لا تجده… فقد غادر القاعة لأن عليه أن يحضر عرسا اجتهد كي يدعى إليه.
الحياة أبسط من ان تهدرها في أمور لا تحبها. لا تجبر نفسك على حضور أمسية لا تهمك، ولا قراءة كتاب لا يشدك، ولا مصادقة شخص لا يعجبك ولا حضور حفل لا يسعدك..
ففي الحقيقة لن يفوتك شيء.
دلع المفتي
|
ليست هناك تعليقات