أخبار الموقع

اهــــــــلا و سهــــــــلا بــــــكم فــــــي موقع مجلة منبر الفكر ... هنا منبر ختَم شهادةَ البقاءِ ببصمةٍ تحاكي شَكلَ الوعودِ، وفكرةٍ طوّت الخيالَ واستقرتْ في القلوبِ حقيقةً وصدقاً " اتصل بنا "

« فُقاعات » ... بقلم : فريد غانم



 « فقاعات »
    بقلم :   فريد غانم    
   1/6/2017


« مجلة منبر الفكر »
  فريد غانم       1/6/2017


يقولُ لي صاحبي القديمُ، فيما كان يحمِلُ على كاهلِه كتابًا في طولِ عُمرِه وفي عرضِ الزّمانِ المُمتدِّ من أيّامِ الجهلِ الجميلِ إلى هذه الأيّامِ المثقوبةِ بالوهمِ السّعيد:
"إنّما أرتاحُ قليلًا في دفاترِ الوُجوهِ بين ساعتَيْن مُعبَّأتين بالهُموم".
 كأنَّ صاحبي، المرصوفَ بالتّجاعيدِ والهواجس، يُعرِّجُ على محطّاتِ الضّجيجِ في الطّريق الطّويلِ بين عيدان الفارابي وسَيِّد درويش، بين موزيّات البحرِ وموتسارت، ويُدخّن سيجارةً مكسورةً بين قافيةِ امرئِ القيس وسونَاتةٍ لشكسبير، ليرتشفَ كأسَ نبيذٍ في انحناءات الدُّروبِ بين تلالِ غانيةٍ طافحةٍ تخرجُ للتَّوِّ من مُعلّقةِ طرفةِ بن العبد، وبين وديان عشيقةٍ من عشيقاتِ اللُّورد بايرون.

كأنّهُ يمشي على رؤوسِ أناملِه، بين صمْتِ الوَتَرِ المُتعَبِ وانفجارِ اللَّحنِ، ليستريحَ على كومةِ الوُجوهِ المرسومةِ بالإبهامِ فوقَ الدّفاتر الافتراضيّة؛
فماذا هناك؟
وجوهٌ تهبطُ من الرُّفوفِ وتركضُ في الأسواقِ على أصواتِ الباعةِ ثمّ تتعمْشَقُ على روائحِ الفلافل والشّوارما والعِمْلةِ الصَّعبة ولولَبةِ الأَنَا.

دَجاجٌ يُحلّقُ في الفضاءِ، بقوّةِ النّفطِ المُنقّى، فوقَ جُثَثِ الطّيورِ المُهاجِرة، وشَعْرٌ أشعثُ يختلطُ بالشِّعْرِ المُصفَّفِ بأجهزةِ الاكسشوار.
تهافُتُ التّفاهاتِ في ذُروَةٍ لا  تُنالُ.

غزالٌ يزأَرُ، بأنيابٍ من الشَّمْعِ المائع.
سخافاتٌ موزونةٌ ومُقفّاةٌ تؤطِّرُ صُوَرَ الحائطِ ومنحوتاتِ الأضرحة المقدّسة.
حروفٌ متنافرةٌ تمارسُ مهنةَ العِناقِ والنّفاقِ والفوضى، لتبعثَ الخطيئةَ ما قبلَ الأولى، وسعرُ القمحِ يسقطُ من أفواهِ الفقراءِ في مُدُنِ الزَّوان.

وماذا هنا؟
نصمِتُ كَي نسمعَنا، أمام شلّالاتِ النّشازِ المُدَوْزَن.
من السَّقفِ المعلّقِ فوقَنا، يواصلُ الطّلاءُ الأخيرُ سُقوطَهُ غيرَ المرئيّ، فيما تترهَّلُ ألوانُ السَّتائرِ وتسيلُ على مهلٍ، فوقَ سجّادٍ مجدولٍ بالمُراءاةِ.
أقولُ: للنّفَقِ وجهان، وللمنافق ألفُ وجهٍ.

يقولُ صاحبي، من أعماقِ كومةِ دخانِ سيجارتِه:
"الإناءُ بما فيه ينضَحُ. فها هُم النّاسُ يسكبونَ قلوبَهم المُشقّقةَ فوق الدَّفاترِ".
مساءٌ عاديُّ يظلُّ يُحاصرُنا، فنمضي إلى داخِلنا؛
في الخارجِ، خلفَ الشَّبابيك المُلثّمةِ بالقِماشِ المُزيَّف، تهبطُ أسهمُ الكَلامِ، وتستبدلُ قارئاتُ الطَّوالعِ الرّاحاتِ والأصدافَ وفناجينَ القهوةِ بالوُجوهِ المكتوبةِ بالأرقام.
وفي الشّوارع،
في السّاحاتِ،
في غُرفِ النّوم والمقاهي،
على الشّرفات وفوقَ السّطوح،
ترتدي الدكتاتوريَّات فساتينَ الدِّيمقراطيّات الفضفاضةِ، ويهطُلُ مَطَرٌ كاذِبٌ، فتنهمرُ الوجوهُ على الزّجاجِ لتنطفئَ في أقلّ من ومضةٍ عَلى انفجارِ فُقاعَةٍ.
‭‮
‭‮

  اقرأ المزيد لـ فريد غانم


لإرسال مقالاتكم و مشاركاتكم
يرجى الضغط على كلمة  هنا


ليست هناك تعليقات