غير نظرتها للحياة ودلها على عالم الطهر ، عالم لا صراع فيه مع القدر ، غير نظرتها وخلق فيها نشوة الحياة لينتحر كبريائها شانقا نفسه بكلمة "أحبك".
كلمة نطقتها بعفوية بريئة تناجي قلبها الصغير عن أحلام ضائعة ، نطقتها بعفوية تسمو بالحب الطاهر البعيد عن الأنانية عن الرغبات عن الشهوات وعن الأطماع.
نطقتها بأحرف تتمرد على قيم مجتمعهم المحافظ ، نطقتها منتظرة أن يعلو بمشاعرها الصادقة في بستان تختفي فيه ضجة المدينة الفاسقة وتعلو فيه أنوار العشق لتخفي المداخن السوداء.
و أنا أكتب جذب قلمي أنفاسا طويلة تتمهل الوصول الى النهاية الحزينة ، نطقتها وما كانت تدري أنها تشهد الموت المؤجل ، نطقتها وما تدري أن جوادها يخترق غابة أيامه يغزو حكاياته التائهة في حب ضائع.
نطقتها وما تدري أنه لا يختصر الشهادة في طلقة تخترق حاجز قلبه مصوبة من النظام، لكنه يخشى الشهادة في طعنة تسقط القلب من الهيام.
إنتظرت جوابه متأملة صمته في خيال ينسج حكايات تغلي في الذات وتتوتر في الإدراك، كتبت أنامله الخشنة الملمس كيف أحببتني في هذا الوقت؟
تراقصت عينيها.. إختنقت أنفاسها.. وتسارعت دقات قلبها في الخفقان وضعت يديها عليه وتساءلت بصوت مسموع أتراه الموت؟ اذا بها تسمع صوتا بعيدا يجتاح الخيال كلا يا ملاكي انه الحب.
أدركت أنه صوت أختها فتوردت خجلا معلنة عن إرتكابها لجرم لا يعاقب عنه القانون ولا الاعراف ولا الدين لأنه مرئي ترتكبه الجوارح عندما يثمل العقل ويغيب عن القلب فيجد حرية تبحر الى العالم الذكوري وتستسلم له لذا فيعاقب عنه القدر.
عادت أناملها للوحة الحاسوب فكتبت بكلمات متقطعة تكاد تصف مشاعرها النبيلة وهل للحب ميعاد أخي؟.
قررت أن تنسحب لأن حبها لأخوها أصبح من المحرمات وتجاوز خطوطه الحمراء، لكن أخاها إستفاض عليها بكلمات جعلتها ترضخ للحظات من الأمل ،جعل نبضها يمشي على الماء و يسافر نحوه ويتوغل بشوق لقلبه من شريان الى شريان.
ومع إشراق جديد أشرقت حياة جديدة خرجت من أيام الخريف والنزيف لتعلن عن عهد شريف، أشرقت أنوار العفة لتعلن عن مولودة جديدة تتوجها أجنحة الملائكة في عرش الحب الطاهر.
لم تسأل عن النار ولا عن من يخلق الأقمار وتوقفت عن التقاط الأصداف وانشغلت بالتنقيب عن الماسة في البحار، غيرت حياتها و هاجرت من عالم الثائرات الى عالم الملتزمات.
تسوقت من كتبها ما تحتاجه من كلمات وحملت قفة من العبارات ولاحت في أفق المتاهات مقدمة جبلا من التنازلات.
ذات يوم قررت أن تضع حدا لحب تائه في الظلمات ،فأرسلت له رسالة لا يهم ما كتب فيها لأن الأهم أنها إنتهت بكلمة "الودااااااااع."
دون أن يكترث دون أن يتمسك بها ولو للحظات رد" أتمنى أن يتقطع قلبي بحبك ساعتها "فلانة" سأبحث عنك بأي طريقة ولو تحت الأرض...".
نطقها وما كان في قلبها لؤلؤ وفي جرحها احتفال نطقها وماتت دموعها وحيدة فوق خديها، ذبل جسدها و أصبحت كثوب رث فقد ورديته.
وقفت امام باب غرفتها الضيقة فتحت النافذة ، إستلقت فوق سريرها ، أغمضت عينيها تتذكر سرب التماسيح السوداء ، لطالما كانت صادقة مع الأخرين لكنها لم تتذوق طعم الصدق مع نفسها فإكتشفت أن لا سعادة أعذب من سعادة تعيشها في لحظة صدق.
أشواكها حمتها من النحل الجائع لكنها لم تحمها من خضوع أنثوي عنيد لاطالما مرر وجهها على كل الوجوه ليستقر في وجه، إستقرارا يبحث عن براءة الصبا في ملامح تنطق بشجاعة عارمة.
تنطق بتحدي يثير فيك غرورا عنيف، تهللت أساريرها وتنهدت تراه كم سيطول هذا الانتظار؟ أخرجته من عالمها لكنها لم تخرج عالمه منها تراه سيعود يوما؟ أنزلت الستار فوق مقلتيها استقرت دمعتين فوق رموشها وكتبت بهما رسالة الوداع فوق خديها وإستسلمت للنوم.
|
ليست هناك تعليقات