أخبار الموقع

اهــــــــلا و سهــــــــلا بــــــكم فــــــي موقع مجلة منبر الفكر ... هنا منبر ختَم شهادةَ البقاءِ ببصمةٍ تحاكي شَكلَ الوعودِ، وفكرةٍ طوّت الخيالَ واستقرتْ في القلوبِ حقيقةً وصدقاً " اتصل بنا "

« حينما تزهّدت ذات حُلْمٍ » ... قصة بقلم : عطا الله شاهين



  « حينما تزهّدت ذات حُلْمٍ »
  بقلم : عطا الله شاهين
   17/2/2018
  


« مجلة منبر الفكر»    عطا الله شاهين     17/2/2018


خيّلَ لي أنني رأيتُ امرأةً ذات ليلة مقمرةٍ لا تشبه النّساء الأرضيات في حُلْمٍ بدا لي غريبا، واعتقدت في البداية بأن تلك المرأة بجمالها الساحر الغير عادي سيتقاتل عليها كل من يراها، لأن كل رجل، عندما سيراها فإنه سيريدها له، فهي امرأة كانت مختلفة عن كل النساء الأرضيات، ولم يكن حينها أي دربٍ لكي أسير عليه مع أحزاني في عزلة قاتلة، وفي مكان مقفر، والوقت الذي ضجرت ذاتي فيه، رغم هدوئي المجنون صوب التعرّف على نساء عاديات، ولا يفهمن أي كلمة عن الحُبّ..

بقيت قابعا في مهجعي، وشهوتي ظلت تقلقني في تركِ ذاك المكان، الذي كنت أسكن فيه من جنون خشونته عليّ، كأنني كنت أريد أن أحسّ بدفء نساء مفتونات بأجسادهن المترهلة، التي يضجر منها أي عاشق، فأبيت مثل بعض الرّجال أعاكس بصديقة باتتْ امرأة خرِفة أتاها الزهايمر في زمانها، لكنها عازت ما يقلقها مثلي أنا العائش في عزلة، وبعيد عن جنون الدنيا بمتعتها الغريبة.. 

كان يخيل لي بأنني ترددت في التحدث معها، ورحت مثل أؤلئك الذين من يداهمون الحياة بحذر، بقيت أعيش بمفردي وتعبت من ترميم مسكني، كنت أخاف أن تقتل الرطوبة حيطان مسكني، الذي طليته بألوان باهتة، لأنني لم أجد ألوانا أخرى لطليها، لأنها انفقدت من المحلات.. 

وذات مساء قلت لذاتي: ربما التقرب من امرأة غير عادية هو جنون، قربما هي أتت من السماء، لكن التعلق بها هو أيضا جنون. فرغبتي المجنونة كانت تدفعني إلى الميل عن زمن ولّى، بكل أحزانه العادية. اعتقدت في البداية بأنها امرأة منفردة تشبهني بتزهّدي. كنت أقطن في مكان مقفر مثل من يعوم في محيط هائج لوحده، وكنت أقول في ذاتي: لا أعتقد بأنني رغبت العزلة، إلا لغوصي في جنوني اختبار مدى قدرتي على البقاء بدون همسات امرأة.. رغبتُ حينها اختبار قدرتي كيف أعيش بلا أي حبٍّ يأتيني من امرأة لا تشبه كل النساء حتى في الصّمت، كالتي رأيتها تخطو.. هي صاخبة. فأنا تعجبني المرأة التواقة للحبِّ مثلي..  
كنت خائفا أن لا تنظر صوبي، رغم أنها نظرتْ بلا أي اهتمام، وخطت بعيدا عني.. لم يكن هناك أية أضواء، ولحسن الحظ القمر أضاء المكان، فرأيت وجهها المشع بلون السماء، ولم أتذكر سوى جسدها الملفوف بملابس بيضاء، فعرفت حينها بأنها لم تنتمي إلى هنا.. هي امرأة من هناك لم تريد حُبَّا أرضيا
ومضىت العتمة ببطء كعادتها، وطلّ الفجر، وأنا بقيت ساهرا على نافذة مسكني، وقلت في ذاتي هذه حياتي، ولا بد أن أظل مقتنعا بما أعمله، وسألت ذاتي حينما راحت الشمس تظهر من خلف الجبال بأشعتها، التي دفّأتْ جسدي البارد، فعلمتُ بأنني كنت أحلمُ، وعلمتُ أنّ حُلْمي كان عابرا، وتزهّدت فيه في مكان مقفرٍ.


  اقرأ المزيد لـ عطا الله شاهين


لإرسال مقالاتكم و مشاركاتكم
يرجى الضغط على كلمة  هنا 


ليست هناك تعليقات