أخبار الموقع

اهــــــــلا و سهــــــــلا بــــــكم فــــــي موقع مجلة منبر الفكر ... هنا منبر ختَم شهادةَ البقاءِ ببصمةٍ تحاكي شَكلَ الوعودِ، وفكرةٍ طوّت الخيالَ واستقرتْ في القلوبِ حقيقةً وصدقاً " اتصل بنا "

هل ينزلق العراق نحو هاوية التفكك واللادولة ?


هل ينزلق العراق نحو هاوية التفكك واللادولة ؟
 بقلم : مصطفى محمد غريب
 26/5/2016


الحديث أو الكتابة عن أوضاع وشؤون العراق الآن وتاريخياً له شجون لا تحصى، فهذا البلد الذي كان من المفروض أن يكون حاله أفضل بكثير مما هو عليه أصبح كالجحيم لا يطاق بالنسبة لأكثرية العراقيين الذي عاشوا البلاء البعثي المقيت وما سبقه من البلايا ثم الابتلاء بالبلاء الحالي المستمر في تصنيع المآسي والفواجع بلا أية بارقة ضوء للإصلاح وإعادته إلى جادة الأوضاع الطبيعية المبنية على الوئام والسلام والعيش الكريم. ولعلّ المأساة الكبرى التي يعيشها العراق ومواطنوه تكمن في التدخلات الخارجية وتأثيراتها على البعض من القوى السياسية والدينية حتى أصبح رهينة للقرار الخارجي تقريباً، أما المصيبة المستفحلة فهي في القوى السياسية صاحبة القرار التي تغلق آذانها تماماً أمام ما يقدَّم لها من الإنذارات التي  تنذر بالبلاء الأوسع والأكبر والأشمل وهو التقسيم الذي من مؤشراته ما يجري في المناطق الجنوبية والغربية والعلاقة مع الإقليم، والحرب التي هي مشتعلة تلتهم أرواح المواطنين، والتخريب وتدمير البنى التحتية وفقدان الأمن، فعند ذلك سيكون الجميع تحت طاحونة السحق والتغريب والضياع ومطرقة التدمير لهذه الجغرافية التي باتت هشّة أمام وحدتها، ويلمس أي مواطن شريف تقسيمها على الواقع بدون محاباة أو تضليل، القوى السياسية المتنفذة على ما يظهر لا تأبه لهذا البلاء ولا تريد أن تتم المعالجة الجذرية عن طريق  الإصلاح والتغيير الحقيقيين وإنقاذ البلاد من الهاوية التي نعنيها بكل تداعياتها وآلياتها وصناعها المهيمنين على مقاليد السلطة والمتحكمين بالقرارات، أما العوامل الداخلية التي ساعدت وتساعد على الاقتراب من الهاوية فهي القوى الطائفية المسلحة التي تتحكم في الشارع العراقي وتسرح وتمرح فيه ولها ارتباطات خارجية معروفة، ثم القوى الإرهابية بكل أنواعها من "داعش" الذي يهيمن على مساحات غير قليلة من الأراضي والمناطق، أو حزب البعث الذي مازال ينشط ويعمل باتجاهين من اجل التدمير أو من داخل الحكومة ومؤسساتها بحجة أسلمة بعضهم وتوبتهم التي هي كتوبة ابن آوى ومن خلال عناصره وتنظيماتها وضخه المال لشراء الذمم والسلاح الذي سرق من المال العام أثناء سلطته التي دامت حوالي (35) عاماً.

 هذه التداعيات وغيرها من تداعيات تحدثنا وكتبنا عنها مئات المقالات، هي حتف العراق الحالي والمستقبلي وهي التي سوف يشهد التاريخ على سقوطه في هاوية التقسيم والضياع إذا لم يجر تدارك المأساة حيث  ستكون الطامة الكبرى وعند ذاك سيكون المتضرر الوحيد أكثرية المواطنين العراقيين، أما أصحاب السحت والأموال المسروقة من المال العام بطرق عديدة فهم بالتأكيد سيكونون أول الهاربين والمغادرين للالتحاق برؤوس أموالهم الرابضة في البنوك والمصارف الخارجية أو مؤسساتهم التي تجني المال من المال الحرام المسروق من قوت الشعب، حتى أن المرجعية الدينية في النجف وعلى لسان ممثلها في كربلاء عبد المهدي الكربلائي يوم الجمعة 20/5/2016 "أن الشعب العراقي لم يخول المسؤولين بصرف الأموال العامة في غير مكانها الصحيح"، واتهمهم مؤكداً أن "بعض المؤتمنين في سلطة القرار بتقنين سرقتهم أموال الشعب" ووصفتهم "بالسياسيين المستحوذين على مال الدولة بالخائنين للأمانة".

لقد أظهرت الأحداث التي رافقت نهج المحاصصة مصداقية الاستنتاج الذي طرحناه منذ سنين بأن العراق آخذ بالتفكك كدولة وحكومة وهو استنتاج نابع عن فهم لما جرى ويجري بعد عام 2003 وبالذات "الاحتلال والسقوط" فالتحولات التي جرت على هيكلية الدولة والمجتمع بفعل النهج المدمر باتجاه هيمنة الكتل والأحزاب الطائفية المتنفذة على مرافق الدولة وتشكيل حكومات ذات طابع طائفي وقومي ضيق تحت طائلة من الادعاءات الوطنية ثم التوجه لتقسيم المجتمع العراقي بشكل فعلي إلى طوائف وقوميات متناحرة ليتسنى الاستمرار في الهيمنة على السلطة باعتقادنا أن هناك نجاحات معينة واستغلال ثغرات معينة للولوج منها لكي يُوسعوا الهوة ودفع التطاحن الطائفي نحو التفجير الفعلي الذي يهدف إلى الخراب الشامل ويضع العراق على حافة الهاوية لإسقاطه وعند ذلك ستحقق هذه القوى مآربها في نجاح المخططات المرسومة للحرب والتقسيم وتحل عند ذلك الطامة الكبرى بمفهومها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني والجغرافي لأن تداعيات الفوضى التي تعم العديد من المحافظات والعاصمة بغداد بالذات تبشر بحدوث الانهيار التدريجي وهو أمر واقع لا محالة إذا ما استمرت الأوضاع  بالتردي، واستمرار الأوضاع المعيشية بالتدهور وانتشار المجموعات المسلحة التي تتحكّم في العديد من المناطق، والأزمات المستفحلة بين القوى المتنفذة، والأزمة المتصاعدة في البرلمان وعدم عقد اجتماعاته الاعتيادية، إضافة للحرب الدائرة مع الإرهاب وداعش في المحافظات الغربية والهيمنة على محافظة الموصل ومناطق واسعة واشتداد الخلافات على جميع الصعد مع الإقليم، ثم التطاحن بين الميليشيات الطائفية المسلحة مما خلق الخوف والذعر وعدم الأمان لدى المواطنين، وعدم ثقتهم لا  بالحكومة ولا بالبرلمان ولا بالأجهزة الأمنية وأحسن دليل التفجيرات الإجرامية التي حدثت في مدينة الصدر والشعب وحي سومر ومناطق أخرى وتفجيرات طالت معمل الغاز والحبل على الجرار، حتى أن مقتدى الصدر ذكر في بيانه حول عجز الحكومة والأجهزة الأمنية بعد هذه التفجيرات الإجرامية فأكد "أن هذه التفجيرات التي طالت مدنكم وعوائلكم ورزقكم وتزعزع أمنكم إنما هي أوضح دليل على أن حكومتكم باتت عاجزة عن حمايتكم وتوفير الأمن لكم بعد أن سرقت كل خيراتكم".. لكن لشديد الأسف كان من المفروض على السيد مقتدى الصدر أو غيره من الذين يتابعون الأوضاع أن التفجيرات والقتل والاغتيال والقرصنة بحجج طائفية ودينية، أن يفهموا أن هذه الأوضاع الكارثية ليست وليدة الوقت الحالي بل هي مستمرة منذ سنين وبخاصة بعد السقوط وحتى خروج قوات الاحتلال من الباب لتعود من الشباك بعد أن سُلِّمت محافظة الموصل وتوابعها وصلاح الدين ومناطق واسعة من محافظة ديالى ومناطق قريبة للعاصمة بغداد وآخر الأمر محافظة الانبار إلى داعش الإرهاب بفضل السياسة الطائفية التي كانت نهجاً للكتل والأحزاب الطائفية التي مازالت متمسكة بالنهج الطائفي وعدم التنازل عن المحاصصة في الوزارات والسفارات والدوائر والمؤسسات الأمنية وغيرها... الخ، وليس هذا فحسب فان هذه القوى المتمكنة والمتنفذة لا تبالي بالوضع المزري لحقوق الإنسان لا بل تساهم في خرق حقوق الإنسان والتجاوز على أكثرية الحقوق المنصوص عليها في الدستور ولائحة حقوق الإنسان وقد شجب السيد وليد الحلي بوجود "الانتهاكات الواسعة والقاسية لحقوق الإنسان العراقي" إضافة إلى إدانة واسعة من قبل منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان والمنظمات المدنية العاملة في هذا المجال والأحزاب الوطنية والديمقراطية فضلاً عن قوى مستقلة أدانت النهج غير الديمقراطي والاستعلائي والطائفي في ممارسة تطبيق القوانين ومنهجية محاربة الرأي الآخر واستخدام ادوات القهر والتنكيل القديمة ولكن بحجج الدين والطائفة وبالاتهامات التي تروج وفي مقدمتها الاتهام بالإرهاب والخيانة والعمالة.

أن المؤشرات في تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية والخدمية واستمرار تفاعلها وتصاعدها وتفاقمها دليل على الانزلاق نحو الهاوية بالنسبة لاستقلال البلاد والتجاوز على حقوق المواطنين العراقيين واتخاذ القرارات التي لا تساعد على الحدّ من هذا الانزلاق وفي مقدمتها نهج المحاصصة وعدم الالتفات لمصالح الجماهير الكادحة وأصحاب الدخل الضعيف والفقراء الذين يزدادون يوماً بعد يوم وهو مؤشر خطر في تدمير البلاد والعبث بمقدرات أكثرية الشعب العراقي ولا سبيل للإنقاذ ونقولها "لمليار مرة" سوى الحلول الواقعية للتخلص من الأزمة الشاملة وان تعددت الأسباب والمسميات بالذهاب بشكل مرن وجدّي لعمليات الإصلاح والتغيير الحقيقيين والخروج من نهج المحاصصة إلى رحاب الوطنية والتخلّص من الانتماءات الخارجية وما تُملى عليهم من املاءات لتنفيذ تدخلاتهم في الشأن العراقي الداخلي والاعتماد على القرار الوطني لتهيئة الظرف المناسب لإنقاذ العراق من الهاوية، لقد أصبح المواطن العراقي في حالة يرثى لها وسدّت أمام نظريه أكثرية الطرق للتخلص من الأزمات المدمرة لحياته وحياة عائلته ولا سبيل لتخلصه من ما هو عليه سوى الاحتجاج والتظاهر والاعتصام السلمي الشامل لكي تتراجع القوى صاحبة القرار من غيّها وسياستها المفرطة بالعداء للجماهير الكادحة وعند ذاك تنتصر إرادة الجماهير للإصلاح والتغيير وتعرية المتشدقين والمتمسكين بالسلطة للحفاظ على مصالحهم الضيقة..


لإرسال مقالاتكم و مشاركاتكم
يرجى الضغط هنا

ليست هناك تعليقات