أخبار الموقع

اهــــــــلا و سهــــــــلا بــــــكم فــــــي موقع مجلة منبر الفكر ... هنا منبر ختَم شهادةَ البقاءِ ببصمةٍ تحاكي شَكلَ الوعودِ، وفكرةٍ طوّت الخيالَ واستقرتْ في القلوبِ حقيقةً وصدقاً " اتصل بنا "

الزواج دراسة سوسيوانثروبولوجية ... بقلم : ليث العتابي



 الزواج دراسة سوسيوانثروبولوجية
 بقلم : ليث عبد الحسين العتابي
 19/7/2016


إن الزواج هو تلك العملية الإقترانية ، و الشراكة الحياتية التي تنشأ بين الذكر و الأنثى ، بين امرأة و رجل يحصل بينهما
توافق و تعاقد على أن يعيشا سوياً ليكونا أسرة ،
كما و يحرص كلٌ منهما على تلبية حاجات الآخر ، مضافاً إلى تعاونهما في سبيل العيش حياة هانئة و رغيدة .

في الحقيقة : أنه لمن العسير تحديد الفترة التي حدث فيها الزواج بما هو منظومة حياتية لها أسسها الخاصة بها .
و إذا استثنينا ما جاء في القرآن الكريم ـ و باقي الكتب السماوية ـ من سنة التزويج الأولى بين ( آدم و حواء )[1]

فإننا نجد بأن روايات أغلب الأمم و الشعوب تختلف في مسألة نشأة الزواج إذ أن الاعتقاد السائد بأن الزواج ليس قديماً قدم الإنسانية ، بل إن هناك من يشير إلى كون ( الشيوعية الجنسية )[2]
هي التي كانت سائدة بين البشر في بادئ الأمر ، 
ثم جاء التنظيم لهذه العلاقة وفق أساس ما يراد به من كلمة ( زواج ) .


فقد جاء في الملحمة الهندية المعروفة باسم ( مها بهارتا ) أن النساء في بدء الزمان كن طليقات من كل قيد أو حد يسعين وراء ملاذهن دون أن يكون لإحدٍ عليهن من سلطان ، و لم يكن في هذا الفعل أي معنى من معاني الإثم و الفجور إذ كانت هذه هي القاعدة السائدة في الأزمنة القديمة . و يقال : أن الملك ( سوتيا كيتو ) هو الذي أبطل هذه العادة ، و فرض أن يكون الإخلاص هو القاعدة المتبادلة بين الزوج و زوجته[3]


و قد جاء في الحوليات الصينية أن الإنسان البدائي كان لا يختلف عن الحيوان في حياته الجنسية و غيرها ، فقد كان يهيم على وجهه في الغابات ، و الاحراش ، و كانت النساء في الوقت ذاته ملكاً للجميع ، لذلك كان الولد لا يعرف أباه ، بل كان ينتسب إلى أمه دون غيرها . و تذهب الأسطورة إلى أن الإمبراطور ( فو ـ هي ) قد قضى على هذه الشيوعية الجنسية ، و سن الزواج[4]  .

و هناك أساطير أخرى مماثلة لهذه عند القدماء من المصريين و اليونان و من ذلك : ما كان يعتقد به البعض من القدماء المصريين من أن الملك ( مينا ) أول ملك وحد بين الوجهين البحري ، و القبلي هو الذي سنَّ الزواج في مصر القديمة . كما كان يعتقد الإغريق أن الملك ( ككرويس ) اليوناني هو الذي سن الزواج في بلاد اليونان أي أنه أول من جمع الرجال و النساء في رابطة زوجية بعد أن كانت الفوضى الجنسية هي السائدة في تلك البلاد ... و الأساطير و إن كانت تبصرنا بنفسية الجماعات إلا أنها قلما تزوَّدنا بمادة يمكن الاعتماد عليها عن تطور النظم الاجتماعية ، و هذا يصدق بنوع خاص إذا كانت مثل هذه الأساطير قد اخترعت متمشية مع طبيعة الدين البدائي[5] 
 .

و لو لاحظنا الزواج عبر القرون السالفة ، و حتى يومنا هذا و في جميع المجتمعات ، و حتى ما يمكن أن نسميها بالمجتمعات البدائية منها ، لرأينا ـ و من حيث الشكل العام ـ أنه يحافظ على العملية الإقترانية بين الذكر و الأنثى ، فالرجل زوج و قرين ، و المرأة زوجة و قرينة ، و كلاهما يُنشئان بيت الزوجية ، و يكوَّنان أسرة ، و يحافظان على امتداد النسل البشري .


لكن ، و من منظور آخر فإن تفصيلات الزواج ، و خصوصياته ، و ما يتعلق به تختلف من مجتمع إلى آخر تبعاً لاختلاف العادات الاجتماعية و القبلية ، و الطقوس ، و الأديان ، و المجتمعات ، و ينشأ هذا الاختلاف غالباً من الإختلاف في نظرة الرجل إلى المرأة ، من تقديرٍ عن البعض ، و تحقيرٍ عند آخرين ، و تقييدٍ عند جماعة ، و إباحيةٍ عند جماعة أخرى .

إن المصادر التاريخية تتحدث عن عادات مختلفة حول الزواج كانت سائدة بين الجماعات و في ظروف متعاقبة . و لقد جاء الدين الإسلامي وسط هذه الفوضى لينظم للرجل و المرأة هذه المرحلة ـ المهمة ـ التي يمر بها كل زوجين تشاء الصدف أن تجمع بينهما ليتعاونا على بناء البيت الزوجي . و لم يقتصر النظام الإسلامي على تنظيم الزواج من حيث الوصف فقط ، بل و حتى التعدد في الاقتران . و على هذه الأسس يبني الإسلام هيكل المجتمع العام ، لذلك كانت التعاليم الشرعية متجهة إلى الزواج بشكل خاص ، لأنه اللبنة الأولى في بناء المجتمع .


---------------------
هوامش و مراجع

[1]: ليس في القرآن الكريم ذكر لاسم حواء ، لكنه أخذ من مصادر أخرى .

[2]: أي الشياع الجنسي ، و الإباحية الجنسية .

[3]: عادات الزواج و شعائره ، أحمد الشنتنتاوي  ، ص 8 .

[4]: عادات الزواج و شعائره ، أحمد الشنتنتاوي ، ص9 .

[5]: المصدر السابق ، ص 10 .



لإرسال مقالاتكم و مشاركاتكم
يرجى الضغط هنا

ليست هناك تعليقات