يقال أن الفقر لا يظلم في بعض الاحيان. مقولة تنسحب على بعض الناس الكسالى و المتقاعسين ممن تتوفر فيهم الصحة البدنية و العقلية و لكنهم لا يعملون و لا يكلفون أنفسهم عناء البحث عن العمل وحتى و إن ظفروا به فإنهم لا يثابرون عليه فتراهم يتغيبون
و إذا قاموا إليه قاموا كسالى مصابين بالوهن و اليأس المميت. كما ان هذه الفئة المتواكلة و ما أكثر أفرادها في بلداننا العربية تجدها تختلق الاعذار تلو الاعذار ففي فصل الصيف يتحججون بالحرارة و في الشتاء بالبرودة .
فهم يحرمون أنفسهم و أسرهم من خير عميم وهم يسلخون أيامهم و لياليهم في اللهو و اللعب في وقت وافر الفرص لا سيما في أيام الصيف الطويلة و التي تزدهر فيها حملات جني المحاصيل الزراعية و تنتعش أثناءها التجارة و السياحة و غيرها من الاعمال التي يجني من خلالها كل مجد أموالا محترمة تغطي مصاريف البيت طولا و عرضا ويدخر منها المتحكم في زمام أموره للأيام الجدباء القاحلة .
لكن لا شئ يحدث مع هؤلاء الكارهين للعمل و لأنصار الجد و الاجتهاد و يستمرون على هذه الحال الى أن يحل فصل الامطار و البرودة فتغلق الابواب و النوافذ على فرص العمل و لا يبقى سوى صفير رياح الاحتياج المرير فتقسو عليهم الايام فتدفع عائلاتهم ثمنا غاليا من الفاقة و الحرمان و المعاناة .
وهو موقف صعب يدفع بهم الى مغادرة بيوتهم من الصباح الى الليل هربا من متطلبات عيالهم اليومية و الملحة . الأمر الذي يحول هؤلاء المتقاعسين إلى أفراد غير مرغوب فيهم
لا سيما حين تغص بهم المقاهي فيتطفلون على غيرهم و باقتحامهم لجموع المرتادبن المترددين على مختلف المحال التجارية . بغرض يد العون إليهم و مساعدتهم عاى تجاوز ظروفهم العسيرة . مفضلين مد أيديهم لغيرهم على أن ينفضوا عنهم غبار الخمول و الكسل و المضي بيد عليا في طلب الرزق و العيش الكريم بدلا من انتظار السماء التي يعرفون مسلمين سلفا أنها لا تمطر عليهم لا ذهبا و لا فضة ،كما أنهم يدركون أن الفقر في بعض الاحيان لا يظلم بل كانوا أنفسهم يظلمون.
ليست هناك تعليقات