استيقظ نزلاء فندق"بوليون" باكرآ في تلك الليلة على وقع حادثة مروعة، عج المكان بسيارات الشرطة ورجالها، كان صوت سيارة الإسعاف صاخبآ، الجميع يتحدث عن جريمة قتل!!
في تمام الساعة الثالثة ونصف صباحآ ورد اتصال هاتفي إلى مقر شرطة البلدة كان من إدارة فندق"بوليون" الذي لم يسبق أن جرت فيه أية مشاكل. أبلغوا عن جريمة قتل وقعت. سارع المحقق ورجاله إلى الفندق مصطحبين معهم سيارة الإسعاف وعندما وصل شاهد الناس متجمعين يتبادلون الأحاديث ووجوههم مصفرة. وصل إلى الغرفة رقم 417 حيث وقعت الجريمة فشاهد امرأة غارقة بدماءها ملقاة أرضآ وقد طعنت بسكين في الصدر، وفتاة أخرى تجلس على كرسي ويداها ملطختان بالدماء. اندفع أحد الحاضرين وأشار للفتاة على الكرسي قائلآ: سيدي المحقق هذه هي القاتلة لقد شاهدناها جميعآ، قتلتها بكل وحشية!.. إرموها في السجن.
رمقه المحقق بنظرة غاضبة ولم يرد عليه. حضر مدير الفندق ورحب بالمحقق وعلى الفور طلب منه أن يروي ما حصل بالتفصبل، قال المدير: كنت نائمآ وفجأة استيقظت على صوت صراخ الناس، سارعت إلى هذا الطابق فرأيتهم متجمعين ويصرخون: قاتلة!! قاتلة!!... أبعدتهم عن باب الغرفة لأرى ما حصل فشاهدت الجثة مرمية وهذه الفتاة تقف إلى جوارها ويديها ملطختان بالدم وتصرخ: لست قاتله!! ثم جلست على الكرسي ولم تتحرك وأنا اتصلت بكم على الفور ولم أسمح لأحد بدخول الغرفة عدا الطبيب دخل ليتأكد إن كانت المغدورة ماتت أم لا..
نظرت الفتاة إلى المحقق ونهضت عن الكرسي: صدقني أرجوك أنا لم أقتل أحد. وجدتها ميتة... امر المحقق الجميع أن يبقوا في الفندق حتى ينتهي التحقيق وطلب أيضآ من المدير أن يغلق الفندق وألا يستقبل أي زوار جدد. ثم بدأ بجمع الإفادات وأولها إفاده المتهمة: كنت نائمة في سريري واستيقظت بفعل الضجة في الغرفة المجاورة
إلى الساعة كانت تشير إلى الثالثة صباحآ حاولت النوم مجددآ ولكني لم استطع أحسست أن صوت الضجيج أصبح أقوى وكأن عراكآ يدور في الغرفة، نهضت من سريري واتجهت نحو باب غرفتي وما إن وضعت يدي على مقبض الباب حتى سمعت صرخة عالية!! كانت صرخة امرأة وبحركة لا إرادية ابعدت يدي عن المقبض ورجعت إلى الخلف كنت خائفة جدآ ولكن فضولي كاد يقتلني وقررت أن أخرج وأرى ما يحصل فخرجت من غرفتي، لم أر أحدآ في الممر رأيت باب الغرفة 417 مفتوحآ قليلآ، اتجهت إليها وقلبي يكاد يتوقف لأن الأصوات اختفت والمكان صامت تمامآ، دلفت إلى الغرفة والتي كانت مظلمة باستثناء الضوء الداخل من الكوريدور عبر شق الباب فدفعني الفضول لأدخل الغرفة، تقدمت عدة خطوات في الظلام فتعثرت بشيء وسقطت أرضآ وقبل أن أنهض دخل الناس إلى الغرفة وأشعلوا الأنوار وأخدوا يصيحون: قاتلة!! قاتلة!! .. نظرت إلى الأرض حيث جثيت على ركبتي فوجدت هذة الجثة مطعونة بسكين ويداي تلطخت جراء سقوطي فوقها.أنا لم أرتكب هذه الجريمة..
سألها المحقق: هل تعرفين الضحية؟...
-لا أبدآ، أنا أراها للمرة الأولى...
-حسنأ ستبقين في ضيافتنا حتى ننهي التحقيق..
نظر المحقق إلى الحاضرين وسأل إن كان أحدهم يعرف الضحية ولكن أحدآ لم يجب على ما يبدو لا أحد يعرفها أو لا أحد يريد التعرف عليها. أخذ رجال الشرطة يجمعون الأدلة ويفحصون المكان، كان من الواضح أن معركة دارت بين الضحية والقاتل ولكن ما من أثر لأي شيء حتى السكين لم يجدو عليها بصمات. عاد المحقق إلى المتهمة وقال: لم قتلتها؟..-صدقني أنا لم أقتلها وما غايتي معها؟! أنا حتى لاأعرفها. اتيت إلى هنا بعمل وكنت سأغادر غدآ صباحآ...
-اسمك"جودي" أليس كذلك؟ (الصحفية جودي) اسمك ورقمك مسجلان في هاتف الضحية واتصلت بك ظهر الأمس، ما قولك الآن؟؟..
صعقت جودي لهذا الخبر وجحظت عيناها، بدت لثوان كمن يتذكر شيء ثم قالت: نعم اتصلت بي امرأة وقالت أن لديها ما تطلعني عليه وعندما طلبت معرفته قالت أنه سري للغاية! لا شك أنها المرأة ذاتها.
بدأت الشكوك تراود المحقق حول وجود طرف ثالث في القضية مع أن الصحفيه كانت في ساحة الجريمة وملطخة بالدم إلا أن هناك لغز ما عليه حله، فالصحفية ملكت الوقت للهرب لكنها لم تفعل! ولو أن كلامها صحيح فهذا يعني أن هناك أحد قتل المرأة كي لاتشي به أمام الصحفية ويبقى السؤال من هو؟؟!
بحث في الغرفة عدة مرات لكنه لم يجد أي دليل وطلب رؤية تسجيلات الفيديو الخاصة بالفندق وجد أن كميرات المراقبة في ذلك الكوريدور قد تعطلت وهذا دليل على التخطيط للجريمة، وشاهد أن الضحية أجرت حديثآ في بهو الفندق مع إحدى النزيلات فطلبها إلى التحقيق وعندما حضرت بدت مرتبكة كان رقم غرفتها 419 سألها المحقق عن علاقتها بالضحية فأنكرت وجود أية علاقة فأراها التسجيل وكرر السؤال فقالت: لقد التقينا مصادفة صباحآ في متجر للحلويات واشترت هي آخر علبة من النوع المفضل لدي وعندما لاحظت أنزعاجي لعدم حصولي على الحلويات دعتني لتناولها وفي الظهيرة التقينا مجددآ في البهو فجلسنا وتناولنا بعضآ منها معآ ونحن نتبادل أطراف الحديث.
-ولم أنكرت معرفتك بها؟...
-لأني خشيت أن تلصقوا التهمة بي.
فقال المحقق محتدآ: نحن لا نتهم أحدآ عبثآ. عم تحدثتما؟ هل أخبرتك بشيء مريب؟؟...
-لا ياسيدي، كان حديث تعارف ليس إلا وقالت أنها ستقابل شخصآ ما ولم تخبرني باسمه...
-حسنآ يمكنك الإنصراف الآن ولكن إياك أن تغادري الفندق.
بدأ المحقق يصدق قصة الصحفية. أمر بتفتيش جميع الغرف المجاورة للغرفة 417 دون استثناء ولكن عبثآ لم يجد أي دليل وهكذا أمر بإغلاق القضية على أنّ الصّحفية هي الجانية. ولكنها قبل أن تساق للمحاكمة تذكرت شيئاً قد يخلصها من حبل المشنقة..
قالت للمحقق: أنا لست متأكدة فقد كنت خائفة سمعت صوت باب فتح وأغلق بُعيد سماع الصرخه قبل خروجي من غرفتي. أرجوك إبحث أنا بريئة....
كان المحقق متأكداً من وجود ثغرة ما خلّفها القاتل وراءه. ولكن المحيّر أن الضحيّة لم تصرخ أو تطلب النجدة إلّا حين طُعنتْ فلو لم تكن تعرفه لصرخت مذ رأته ولكنّها عاركته بصمتْ. وجميع الشهود أنكروا معرفتها. جمع المحقق اسماء النزلاء أصحاب الغرف من الغرفة ذات الرقم415 إلى الغرفة420 في لائحة واحدة؛
415 رجل أعمال مشهور.
416 الصحفية.
417 الضحية.
418 طبيب.
419 المرأة صاحبة الحلويات.
420 طباخ.
حاول إيجاد رابط ما يجمع الضحية بالقاتل. فكر أنه قد يكون رجل الأعمال فغالباً رجال الأعمال هم الأكثر خوفاُ على سمعتهم وأموالهم لابد أن الضحية كانت ستفضح له أمراً أمام الصحفية ولهذا أقدم على قتلها ولكن ما من دليل!
أمر المحقق بإحضار معلومات كاملة عن كل اسم من الاسماء الستة امامه. واستدعاهم للتحقيق فاستخلص من حديثه مع الطبيب أنّ المغدورة ماتت فور تلقيها للطعنه. أما الأنسة كاترين-صاحبة الحلويات- فأعادت حديثها عينه ولم تزد عليه. ورجل الأعمال والطباخ لم يقدما أية معلومات هامة.
لكن المعلومات الاخيرة والاستنتاجات ركزت حول الطبيب وحده, وكان النهاية كالتالي..
في التحقيق أنكرت معرفتك بالضحية. لكن السيدة كاترين أعطتني دليلاً مهماً؛ ألا وهو بطاقة التعريف الخاصة بعيادتك التي سقطت من حقيبة الضحية صباح ليلة الجريمة والتقطتها هذه السيدة . في البداية غفلت عنها ولكن بعد التدقيق في الاسماء عرفت أنك صاحبها ، وهل ينسى الطبيب مرضاه؟؟؟
-هذه محض صدفة وماذا لو كانت بطاقتي معها؟ لا دليل ضدي.
-الآن حضر الدليل انظر هذه سجلات لمرضاك أحضرناها اليوم من العيادة زارتك الضحية منذ يومين فقط كيف لك أن تنساها بمثل هذه المدة الوجيزة؟!
-وهذا ليس دليلاً كافياً ؛ يُعرّج عليّ العشرات من المرضى في اليوم الواحد، كيف لي أن أتذكرهم جميعاً؟
-لقد وجدنا بصمات الصحفية على مقبض الباب والكرسي ولم نجدها على السكين أو أي مكان آخر وهذا يعني أنّ القاتل ارتدى قفازات والآنسة جودي لم تملك الوقت لإخفائها فضلاً عن أنها ملكت الوقت لتهرب لكنها لم تفعل وأيضا منزلك قريب من هنا فما حاجتك للحجز في الفندق بدءاً من يوم الجريمة حتى ثلاثة أيام أخرى! القفازات التي كنت ترتديها عليها دماء الضحية وهي الآن في المخبر.
-مستحيل لقد خبئتها في المظلة متى وجدتها ؟!
ضحك المحقق بصوت عال : لم أجدها بعد ولكن الآن سأجدها. أخبرنا لم قتلتها ؟
- لقد أجرت عملية كورتاج في عيادتي بشكل مخالف لأن الجنين فوق السن المسموح به الأجهاض وعلمت أنه طفل غير شرعي وبسبب الطمع بدأت بإبتزازها فهددتني أن تغضح أعمالي الغير قانونية وأخبرتني عن نيتها بمقابلة الصحفية ثم تأكدت أنها حجزت في هذا الفندق لمقابلتها...
بنية مقابلة الصحفية، حجزت على الفور في نفس الفندق وفي تلك الليلة ذهبت إلى غرفتها ورجوتها ألاّ تشي بي ولكنها أصرّت فطعنتها.
-لو أنها وشت بك لكنت أفضل حالاً اعلم أنّ ما من جريمة كاملة ولا بد للحق أن يظهر مهما طال الأنتظار.
(تم الكشف عن القاتل وتبرئة الصحفية).
ليست هناك تعليقات