مجلة منبر الفكر ...
سعاد فهد المعجل
التكنولوجيا سلاح ذو عدة حدود ومخالب، وليس حدين فقط. نلمس ذلك يوميا في ادوات التواصل الافتراضي، التي شوهت مبدأ التواصل الحسي المعهود، شهدنا علاقات تنهار.. وبيوتاً تهدم، وإشاعات مدمرة! والسؤال حول مدى قدرتنا على احتواء هذا الجانب السلبي، الذي تفرضه تكنولوجيا التواصل واعلام اليوم؟ بالطبع، لا إجابة على ذلك حتى الآن، وان كانت بعض محركات البحث، مثل «غوغل» وغيرها، قد بدأت محاولاتها لفرز محتوياتها وتحديد الحقيقي منها من المشبوه!
المشكلة اليوم أصبحت ذات أبعاد سياسية، وليست اجتماعية فقط، فالاعلام التقليدي اليوم اصبح هو الآخر مصدر شك وتساؤل حول مصداقية ما يبث من خبر وصورة وتعليق!
البروباغندا الاعلامية كانت ولا تزال احدى اهم الاسلحة السياسية والحربية، اعتمد عليها الحزب النازي في الحرب العالمية الثانية، الى درجة ان الاعلام الحربي النازي قد استطاع ان يدخل نظام الدعاية، التي خُطّطت بشكل متطور بواسطة وزير الدعاية الألماني آنذاك غوبلز، الذي تنسب اليه الكثير من النظم الدعائية الحديثة، التي تم استخدامها في الاعلام الحربي بشكل مؤثر وفعال جداً!
اليوم يعود مثل هذا الاعلام الحربي او البروباغندا، وبيده أدوات اكثر تطوراً وتقنية من ادوات غوبلز في الحرب العالمية الثانية!
حتى اصبحت الشكوك تراود المتابع للأخبار حول مدى صحة ما يراه من خبر، او يشاهده من صورة او مقطع تلفزيوني حي! والتقارير اليوم تتحدث عن تحويل حكومات مختلفة لخبراء اعلاميين معارضين وتدريبهم بشكل محترف، لبث الصور والاخبار التي تتلاءم مع سياسة وتوجه حكومة ما!
في عام 1997 أنتجت هوليوود فيلماً من بطولة دستن هوفمان وروبرت دي نيرو بعنوان Wag the dog، تدور أحداث الفيلم بشكل كوميدي حول استعداد الرئيس الأميركي لجولة انتخابات جديدة، لكن أخطاء الماضي تلاحقه، فيقترح عليه أحد الأصدقاء المخرجين أن يشن غزواً عسكرياً لإحدى الدول، بحيث تتم صناعة حرب وهمية في استديو في هوليوود لإشغال الرأي العام الأميركي عن خطايا الماضي، التي قد تحول دون فوز الرئيس في جولة جديدة، وبالطبع يستخدم المخرج كل المؤثرات الخاصة لصناعة تلك الحرب الوهمية في ألبانيا.
واقع الإعلام اليوم لا يختلف كثيراً عن ذلك الفيلم، غير ان تقنيات صناعة الخبر والصورة اليوم أصبحت متفوقة جداً عن عام إخراج الفيلم.
المحزن هنا ليس في الكذب الإعلامي فقط، وإنما هو في استغلال معاناة الناس في الحروب لصناعة دعاية حربية يستغلها طرف ضد الآخر، وبشكل جعل الحقائق تختلط بالمواد المزيفة ولا عزاء لكل هؤلاء المستضعفين الذين يتم استغلال معاناتهم بأبشع الطرق.
سعاد فهد المعجل
ليست هناك تعليقات