تعيش الصحافة في السودان حقبة من المعاناة لا تقلّ عن المعاناة التي يقاسيها المواطنون اقتصاديا وسياسيا. ويكمن جوهر المشكلة في أنه بينما تتحدث الحكومة عن هامش للحريات الصحفية، فهي تؤكد في ذات الوقت على وجود سقف لهذه الحريات قامت بتحديده مسبقا.
هذا السقف لا يفسح المجال لأي تعبير، فضلا عن أنه ينسف قول المؤرخ البريطاني توماس ماكولاي، المتوفى عام 1859، والذي اتخذه الصحفيون السودانيون أيقونة لأكثر من نصف قرن من الزمان: "إنّ المقصورة التي يجلس فيها الصحفيون أصبحت السلطة الرابعة في المملكة".
تجاوز التحدي الذي يواجهه الصحفيون في السودان مسألة حرية الصحافة، إلى مقدرة الصحافة نفسها على الصمود في ظل نظام الإنقاذ وقوانينه. وتثبت التجارب يوما بعد يوم أنّ الصحافة في السودان تسير إلى طريق مسدود، والقوانين التي تصدر لتنظم العمل الصحفي ويستبشر بها الناس خيرا سرعان ما تتحول إلى وبال عليهم.
عند إصدار قوانين 2009 والتي نصت على إمكانية حظر أي صحيفة لمدة ثلاثة أيام، كان الصحفيون يرون فيها إجحافا كبيرا، ولكن سرعان ما عاجلتهم السلطة بإصدار عدد من القوانين تزيد مدتها إلى عشرة أيام، الأمر الذي عمل على إلحاق خسائر مادية فادحة بالصحف. أما قوانين 2013م فقد ركزت على تهديد دور الطباعة بالإغلاق أو العقوبات المادية في حالة المخالفة مما جعل معظم المطابع ذراعا أمنيا ورقيبا آخر على الصحف.
كما استخدمت الحكومة بعض التعابير مثل "الأمن الوطني" و"هيبة الدولة" كذريعة لتخويف الصحفيين والذين يقومون بعملهم في كشف تجاوزات الحكومة للناس، مما مكنها من اتخاذ أداة أكثر فعالية في قمع الصحافة بتوجيه التهم المجانية من شاكلة الخيانة والتخريب والتجسس.
لم تنطل هذه الحيلة على الصحفيين ومؤسساتهم المستقلة فبدأ كثير منهم في استهداف أوجه الفساد الحكومي وتعريته بتناول أسماء ومؤسسات ضالعة فيه، فما كان من السلطة إلا أن فعّلت آلية كبح جماح هذه القدرة التي يتجرأ بها الصحفيون على كشف مواطن الفساد وهي تقييد حرية الصحافة بالقانون. فبرزت إشكالية متعلقة بهذه التشريعات والقوانين السودانية، وهي تضاربها مع المواثيق والقوانين الدولية، لدرجة برزت أصوات خارجية داعمة للصحافة تنادي بعدم تطبيق العقوبات الجنائية في قضايا النشر واستبدالها بالعقوبات المدنية.
كما أدت هذه القوانين إلى زيادة الضغوط المفسدة للصحفيين أنفسهم وهي ما يتعلق بالرشوة الحكومية خاصة في ظل الظروف الاقتصادية السيئة، والتي ثبتت فعاليتها بشكل أكبر من القمع المباشر. فخلف الأبواب المغلقة تستخدم الحكومة الحوافز المالية والسلطات الرقابية لإخراس أصوات الانتقاد وتحوير المحتوى التحريري لصالحها.
احتل السودان مرتبة اسواء دولة علي مستوي العالم في انتهاكات حرية الصحافة ومضايقة الصحفيين ، وجاء ذلك في التقرير السنوي لاصدارة صحفيين بلا حدود لعام 2013 الذي صدر امس الاربعاء
احتل السودان مرتبة اسواء دولة علي مستوي العالم في انتهاكات حرية الصحافة ومضايقة الصحفيين ، وجاء ذلك في التقرير السنوي لاصدارة صحفيين بلا حدود لعام 2013 الذي صدر امس الاربعاء وقال الصحفي والكاتب فيصل محمد صالح لراديو دبنقا من الخرطوم، أن كل المؤشرات تؤكد علي تدهور اوضاع الصحفيين فى السودان من رقابة مفروضة علي الصحف بكل اشكالها من الرقابة القبلية من جهاز الامن المسؤول عن مراقبة الصحف ، ومنع عدد من الصحافيين من الكتابة ، بالاضافة لمنع انشطة وتغطية شخصيات بعينها واحزاب. واكد فيصل على مصادرة الصحف من المطبعة لاحداث خسائر للناشرين ، واغلاق الصحف بلا مسببات قانونية كما حدث لبعض الصحف مثل راي الشعب ، والوان والجريدة وغيرهم ، بالاضافة لعدم توفر المعلومات للصحفي ، وصعوبة الحصول عليها
واوضح الصحفي فيصل محمد صالح بان كل هذه المؤشرات ستظل تضع السودان دائما في وضع متأخر ومتدهور حتي لو تم مقارنته مع الدول العربية والافريقية
ومن ناحية أخرى ، أعلنت الجمعية العامة للامم المتحدة أن السودان فقد حقَّه في التصويت بالمنظمة الدولية بسبب عدم دفعه للأموال المستحقة عليه للعامين «2011 ــ 2012م» . وكشفت الجمعية إن السودان يحتاج إلى مبلغ «347,879» دولارًا تحت الحساب حتى يعود للتصويت . من جانبه قال المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة مارتن نيسيركي إن متأخرات السودان بلغت عن العامين قرابة مليون دولار، وقال ان ميثاق الأمم المتحدة تنص على أن أي عضو لا يدفع لأكثر من عامين يفقد حقه فى التصويت . وكان سفير السودان لدى الامم المتحدة دفع الله الحاج قد انكر في وقت سابق من الشهري الجاري تخلف السودان عن تسديد هذه المتأخرات.
تقرير أحلام رحومة
ليست هناك تعليقات