أمسية أدبية للروائية الرفاعي والقاصة الياسين في «الصحفيين»
« مجلة منبر الفكر » - عمان
بين القصة والرواية كانت الأمسية الأدبية التي نظمتها اللجنة الثقافية في نقابة الصحفيين الخميس الماضي، باستضافة القاصة تبارك الياسين والروائية نيرمينة الرفاعي وأدارها الزميل محمود الداوود.
وألقت القاصة تبارك الياسين مجموعة من قصصها من مجموعتها القصصية (احك تلك الفكرة) الصادرة عن دار الأهلية للنشر عام 2016 عدة قصص حملت عدة عناوين هي: أحاول، دخان، خبر عاجل، كهرباء، حبل غسيل، وطن، تخاطر، إثم، تجريد، سرقة، صديقات ولكن، لو، حدث عابر، ساعات، رياضيات، وقصص اخرى من خارج المجموعة.
ومما قرأت قصة «رياضيات» وقالت فيها:
(- أحبك وتحبني أين المعضلة؟
- إنني لا أجيد الحساب، أنا وأنت نساوي ثلاثة!
- كيف؟
- كلما حاولت جمعنا يخرج لي زوجك ملوحا)
وتميزت قصص الياسين بالدهشة عند الخاتمة، ومزجت بين القصص الاجتماعية، ذات البعد الإنساني وبين المغزى السياسي الخفي المبطن، بأسلوب رشيق وصور تعبيرية جميلة، كيف لا وهي أيضا فنانة تشكيلية تحكي عبر لوحاتها الكثير من القصص والحكايا.
ومما قرأت في الأمسية أيضا قصة (حبل غسيل) وقالت فيها:
(المرة الأولى التي صعدت بها إلى سطح منزلنا، كانت لأعلق على حبل الغسيل جواربي البيضاء التي اتسخت من الطين عند عودتي من المدرسة، كان العالم من أعلى يبدو مختلفا عندما وضعت صندوقا خشبيا لأصل إلى الحبل وبدأت أتأرجح عليه حتى انقطع بي. السقطة قوية ولذيذة، وأنا أرى السماء فوقي تضحك علي، وأنا ممددة مع جواربي. المرة الثانية عندما صعدت مجددا لأسترد طفولتي المعلقة على حبل الغسيل، وأعلق عليه قلبي المبتل بحب أرهق كاهل صدري. اليوم اصعد مرة أخرى أتحسس متانة الحبل أعقده جيدا، اليوم أريد أن أتأرجح فقط، اريد السقوط لألمس وجه السماء).
وقرأت الروائية نيرمينة الرفاعي عدة فقرات من بعض فصل روايتها التي ستصدر قريبا بعنوان (كرز)، وهي روايتها الثانية بعد روايتها الأولى التي حملت عنوان (ويزهر المطر أحيانا)، ومن (كرز) الرواية الاجتماعية الإنسانية قرأت:
(اعتدتُ مثلًا على السيناريو المتكرر بين أميّ وجارتنا التي تسكنُ في الطابق الأرضيّ من العمارة، تضعُ تلك يدها على فمها وهي تقولُ:»لم لا تأتين يا أم ريما لرؤية حديقتي التي جددّتها مؤخرًا وأضفت لها كراسٍ من خيزران»؟ فتجيبها أمي:»لا وقت لديّ يا عزيزتي، العملُ كما تعلمين يبتلعُ أكثر من نصف يومي»، فتجيبها:»مسكينة! أعلم أنَّ ظروفك صعبة»! ثم تلوّح في الهواء بيدها بحركة بهلوانية وهي تقول:»كان الله في عونكِ»! تغلقُ أمّي الباب وراءها وهي تقلّد حركاتها، نضحكُ أنا وأختي منتبهات إلى ألّا تصل ضحكتنا إلى مسامع الشقق القريبة.. يجبُ على الابتسامة أيضًا أن تكونَ محسوبةً بالسنتيمتر قبلَ أن نجتازَ عتبة البيت، إن كانت أضيقَ من اللزوم فسيتكلمون عن مقدار تعاستنا وبؤسنا وعن كمية المشاكل التي تثقل أيامنا، وسيصلنا نصيبنا من نظرات الشفقة، وإن كانت الابتسامةُ أوسعَ بقليل، فسيبدأ الهمز واللمز عن سبب سعادتنا الغامض! أما إذا ضحكنا بصوت مرتفع فإنَّ ذلك قد يضعنا في تصنيف الفتيات المنحلات أخلاقيًا، فالقاعدة العامة التي نتعلمها منذ الصف الأول الابتدائي تنصُّ على أنَّ «الضحك بغير سبب هو قلة أدب»! نساءُ بلادي لا يضحكن بصوتٍ عالٍ في الشارع إلّا ما ندر.. الضحكةُ طريقةٌ لفرزنا و تقييمنا ووضعنا في صناديق.. نحن النساء الدمى.. وخيطٌ ذهبي من النايلون يربطُ أعناقنا وأيدينا وأرجلنا ويشدُّنا إلى العلبة.. نحنُ النساء المعلّبات الخاضعات للمواصفات المصنعية التي ستمنحنا شهادة الجودة والصلاحية في هذا المجتمع.. من يضع لنا مقاييسنا؟ من يخلق حدود علبتنا؟ من يحكمُ هذا المجتمع؟ من يرفعُ خط الأفق في وجهنا بزاوية 90 درجة؟ أعلمُ أنَّ أمي وضعت نفسها في قالبها الخاص بملء إرادتها، هي وضعت قوانينًا صارمة لكلّ ما ينظّمُ حياتنا أمام الناس وأعلمُ كم يهمّها أن نلتزمَ بهذه القوانين(.
وفي آخر الأمسية فتح باب النقاش والأسئلة من الجمهور للأديبتين.
يذكر أن تبارك الياسين حصلت مؤخرا على جائزة وزارة الثقافة الأردنية للإبداع عن روايتها « شهقت القرية بالسر» عام 2016، ونيرمينة الرفاعي حصلت روايتها» ويزهر المطر أحيانا «، على جائزة من رابطة الكتاب الأردنيين لغير الأعضاء عام 2013.
بين القصة والرواية كانت الأمسية الأدبية التي نظمتها اللجنة الثقافية في نقابة الصحفيين الخميس الماضي، باستضافة القاصة تبارك الياسين والروائية نيرمينة الرفاعي وأدارها الزميل محمود الداوود.
ومما قرأت قصة «رياضيات» وقالت فيها:
(- أحبك وتحبني أين المعضلة؟
- إنني لا أجيد الحساب، أنا وأنت نساوي ثلاثة!
- كيف؟
- كلما حاولت جمعنا يخرج لي زوجك ملوحا)
وتميزت قصص الياسين بالدهشة عند الخاتمة، ومزجت بين القصص الاجتماعية، ذات البعد الإنساني وبين المغزى السياسي الخفي المبطن، بأسلوب رشيق وصور تعبيرية جميلة، كيف لا وهي أيضا فنانة تشكيلية تحكي عبر لوحاتها الكثير من القصص والحكايا.
ومما قرأت في الأمسية أيضا قصة (حبل غسيل) وقالت فيها:
(المرة الأولى التي صعدت بها إلى سطح منزلنا، كانت لأعلق على حبل الغسيل جواربي البيضاء التي اتسخت من الطين عند عودتي من المدرسة، كان العالم من أعلى يبدو مختلفا عندما وضعت صندوقا خشبيا لأصل إلى الحبل وبدأت أتأرجح عليه حتى انقطع بي. السقطة قوية ولذيذة، وأنا أرى السماء فوقي تضحك علي، وأنا ممددة مع جواربي. المرة الثانية عندما صعدت مجددا لأسترد طفولتي المعلقة على حبل الغسيل، وأعلق عليه قلبي المبتل بحب أرهق كاهل صدري. اليوم اصعد مرة أخرى أتحسس متانة الحبل أعقده جيدا، اليوم أريد أن أتأرجح فقط، اريد السقوط لألمس وجه السماء).
وقرأت الروائية نيرمينة الرفاعي عدة فقرات من بعض فصل روايتها التي ستصدر قريبا بعنوان (كرز)، وهي روايتها الثانية بعد روايتها الأولى التي حملت عنوان (ويزهر المطر أحيانا)، ومن (كرز) الرواية الاجتماعية الإنسانية قرأت:
(اعتدتُ مثلًا على السيناريو المتكرر بين أميّ وجارتنا التي تسكنُ في الطابق الأرضيّ من العمارة، تضعُ تلك يدها على فمها وهي تقولُ:»لم لا تأتين يا أم ريما لرؤية حديقتي التي جددّتها مؤخرًا وأضفت لها كراسٍ من خيزران»؟ فتجيبها أمي:»لا وقت لديّ يا عزيزتي، العملُ كما تعلمين يبتلعُ أكثر من نصف يومي»، فتجيبها:»مسكينة! أعلم أنَّ ظروفك صعبة»! ثم تلوّح في الهواء بيدها بحركة بهلوانية وهي تقول:»كان الله في عونكِ»! تغلقُ أمّي الباب وراءها وهي تقلّد حركاتها، نضحكُ أنا وأختي منتبهات إلى ألّا تصل ضحكتنا إلى مسامع الشقق القريبة.. يجبُ على الابتسامة أيضًا أن تكونَ محسوبةً بالسنتيمتر قبلَ أن نجتازَ عتبة البيت، إن كانت أضيقَ من اللزوم فسيتكلمون عن مقدار تعاستنا وبؤسنا وعن كمية المشاكل التي تثقل أيامنا، وسيصلنا نصيبنا من نظرات الشفقة، وإن كانت الابتسامةُ أوسعَ بقليل، فسيبدأ الهمز واللمز عن سبب سعادتنا الغامض! أما إذا ضحكنا بصوت مرتفع فإنَّ ذلك قد يضعنا في تصنيف الفتيات المنحلات أخلاقيًا، فالقاعدة العامة التي نتعلمها منذ الصف الأول الابتدائي تنصُّ على أنَّ «الضحك بغير سبب هو قلة أدب»! نساءُ بلادي لا يضحكن بصوتٍ عالٍ في الشارع إلّا ما ندر.. الضحكةُ طريقةٌ لفرزنا و تقييمنا ووضعنا في صناديق.. نحن النساء الدمى.. وخيطٌ ذهبي من النايلون يربطُ أعناقنا وأيدينا وأرجلنا ويشدُّنا إلى العلبة.. نحنُ النساء المعلّبات الخاضعات للمواصفات المصنعية التي ستمنحنا شهادة الجودة والصلاحية في هذا المجتمع.. من يضع لنا مقاييسنا؟ من يخلق حدود علبتنا؟ من يحكمُ هذا المجتمع؟ من يرفعُ خط الأفق في وجهنا بزاوية 90 درجة؟ أعلمُ أنَّ أمي وضعت نفسها في قالبها الخاص بملء إرادتها، هي وضعت قوانينًا صارمة لكلّ ما ينظّمُ حياتنا أمام الناس وأعلمُ كم يهمّها أن نلتزمَ بهذه القوانين(.
وفي آخر الأمسية فتح باب النقاش والأسئلة من الجمهور للأديبتين.
يذكر أن تبارك الياسين حصلت مؤخرا على جائزة وزارة الثقافة الأردنية للإبداع عن روايتها « شهقت القرية بالسر» عام 2016، ونيرمينة الرفاعي حصلت روايتها» ويزهر المطر أحيانا «، على جائزة من رابطة الكتاب الأردنيين لغير الأعضاء عام 2013.
ليست هناك تعليقات