ماذا فعل حزب الله في القصير حتى جُنّ جنونهم؟! ... بقلم : عبدالله قمح
مجلة منبر الفكر ... عبدالله قمح
في 14 شباط عام 2008، أي بعد يومين على إغتيال القيادي الجهادي الكبير الحاج عماد مغنية، أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابٍ شعبوي كبير أن “دم عماد مغنية سيخرج إسرائيل من الوجود”.
إستتبع السيد ذلك بإضافات عسكرية لخّصها بأن مغنية كان يعد لتجهيز وحدات قتالية عالية وهو (أي مغنية) “ترك لكم (أي للإسرائيلي) عشرات الآلاف من “المقاتلين المدربين المجهزين الحاضرين للشهادة”. وعلى مبدأ ” إلي بتقاتل فينا هي الروح” نسج عماد مغنية خيوطه العسكرية وحاكها بعناية وخصها لفترة ما بعد تموز 2016 وبدأ يعد العدة منذ اليوم الأول لـ”وقف الأعمال القتالية” للجولة القادمة من النزال التي ستكون مختلفة عما سبق شكلاً ومضموناً.
في أواخر ربيع عام 2013 وبينما كان حزب الله قد أنجز الكثير من مشروع تهيئة العشرة آلاف مقاتل، دخلت المقاومة منطقة القصير السورية في حرب إستباقية مرسومة الأهداف فرضتها الوقائع عليه من أجل لجم، نقول لجم، الفصائل المسلحة التي كانت تحتشد على خطوط دفاع لبنان الأولى وتهدد منطقة البقاع بغزوة شبيهة بـ “فتح الأندلس” ما كان سبباً في رفع مستوى الغليان الطائفي الذي كان قد بدأ يشكف عن أنيابه ناقلاً المنطقة من حالة إلى حالة.
دخل حزب الله يومها منطقة القصير التي كانت ساقطة عسكرياً بيد فصائل كـ “كتائب الفارووق” ذات التوجهات السلفية المتشدّدة التي تحولت لاحقاً إلى نواة جبهتي النصرة وداعش في منطقة حمص، وبدأ بمعاونة الجيش السوري عمليةً عسكريةً واسعة نجح في أوائل صيف نفس العام من إحكام سيطرة شبه تامة على هذه البقعة. فُسرت “غزوة الفاتحين” يومها على أنها نقلة نوعية في الحركة القتالية لحزب الله التي أدخلته القتال في سوريا من بابه الواسع، وقرأت يومها على وسائل الإعلام العبري قبل الغربي “بروفة إلتحام في الجليل الأعلى ومستعمراته” نفذتها نخبة مقاتلين من ما أنتج دماغ مغنية العسكري.
سقط يومها في “غزوة الفتح” 80 شهيداً مضاف إليهم نحو 160 جريحاً، هذا في الإحصاء البشري أما في الحسابات العسكرية فإن هذا العدد سقط في معركة طهّرت نحو 1260 كيلومتراً مربعاً، ما يعتبر رقم أقل من معقول بكثير برز قوة التكتيك والأسلوب العسكريين اللذان مارسهما الحزب بكفاءة على مسطح أرضي مكشوف مطعم بأحياء منظمة مدنياً وغير منظمة، مبعثرة المنازل مع مبانٍ متعددة التصاميم الهندسية منتشرة في زواريب وأزقة عمل بحد ذاته يعتبر ذات صعوبة عسكرية وأرضية غير صالحة للحركة براحة، ومن زار المنطقة يعرف ماذا نقصد، ورغم كل تلك العوامل نجح الحزب بتحقيق الهدف بأقل خسائر بشرية ممكنة.
بعد إستعادة السيطرة وإنجاز المقاومة للأهم، أسس حزب الله نواة وجوده في سوريا في القصير لعدة إعتبارات على رأسها قربها من منطقة البقاع التي تعتبر خزاناً للمقاومة وطرقها المتفرعة التي تصل إلى الداخل السوري فكانت بيئة عسكرية مميزة ذات أهمية إستراتيحية. إستكملت المقاومة مشروع إعداد الـ “عشرة آلاف مقاتل” منها، وبنت فيها قواعد تدريب عسكرية لإنتاج مقاتلي “فرقة الرضوان” المشكلة من خليط مميز جمع بين “الخاصة والتدخل” فأفرزت ثلة من المقاتلين النخبويين المعبئين على طريق العشرة آلاف مقاتل الذين أضحوا اليوم عاموداً فقرياً للمقاومة في سوريا وريكزة مشروع “غزوة الجليل الأعلى”.
في تشرين الثاني 2016 وبعد ثلاثة أعوام من تأمين منطقة القصير، قرّر حزب الله الكشف عن أنيابه، ومن خلال عرض عسكري أراد توجيه رسائل عسكرية ذات طابع حاد إلى إسرائيل ترجمها من خلال من أظهره في العرض الذي عمل أن يكون سرياً ويتم بهدوء كونه يعلم عدوه جيداً الذي يراقب من الجو والفضاء كل تغير يمكن أن يطرأ على الأرض. كان عماد هذا العرض فرقة الرضوان التي نقل عبرها حزب الله الحالة العسكرية الخاصة به من مكان إلى آخر ما فتح شهية المحللين من أجل دراسة ظهور المدرعات في صفوف المقاومة للمرة الأولى في تاريخها.
لا شك أن لظهور المدرعات والآليات المعدلة “جينياً” من قبل خبراء المقاومة يعد حدثاً في حد ذاته، ففي حين أن مقاتلو الرضوان يتمرسون في القتال ويراكمون الخبرات القتالية في سوريا، يضعون نصب أعينهم الجليل كهدف إستراتيجي، ولهذا الهدف يجب أن تحضر القدرات لحرب قال عنها الحاج عماد مغنية يوماً أنها “ستكون مختلفة عن ما سبق”، هذا الإختلاف يفتح الطريق أمام إعتماد أساليب جديدة، فالمعركة لم تعد كالسابق التي كانت تجري على مبدأ “العدو يغزو والمقاومة تترصد وتنقض”، أو تطلق الصواريخ من الأحراش ومن على منصات أرضية يدوية متحرّكة، بل أن الحرب المقبلة وفق الشكل الذي ظهر فيه حزب الله يوم أمس، تذهب حد الهجوم وليس الدفاع ودخول مدرعات إلى الجليل الأعلى المحتل وهناك تحرّر مناطق على شاكلة “القصير” وتتساقط مرتفعات على غرار “القلمون” وتخترق بيئات سكنية وفق سيناريو “الزبداني” وتُنصب راجمات الصواريخ لتدك الداخل من الداخل، هذه ليست أحلام ولا تحليلات بل وقائع يدرسها الإسرائيلي جيداً ويتأكد يوماً بعد آخر أن إمكانية تطبيقها باتت واقعية.
من هنا نفهم طبيعة ما الذي فعله حزب الله حتى تحشد لمهاجمته كل الأفواه والأقلام والشاشات بعد العرض العسكري ولماذا وصل غضب البعض حد الجنون الذي لا يفسره إلا الهلع الإسرائيلي مما هو قادم والذي عبر عنه المعلق الأمني في صحيفة يديعوت أحرنوت، رون بن يشاي، اليوم الثلاثاء 15 تشرين الثاني بالقول: “”الاليات التي شاركت في استعراض حزب الله العسكري في القصير هي جزء من لواء مدرع شكله حزب الله قبل عام بالضبط والذي أصبح جاهزاً الآن.. حزب الله بات جيشاً هجيناً يعمل كجيش تقليدي قادر على تنفيذ هجمات مدرعة محدودة”.
في 14 شباط عام 2008، أي بعد يومين على إغتيال القيادي الجهادي الكبير الحاج عماد مغنية، أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابٍ شعبوي كبير أن “دم عماد مغنية سيخرج إسرائيل من الوجود”.
إستتبع السيد ذلك بإضافات عسكرية لخّصها بأن مغنية كان يعد لتجهيز وحدات قتالية عالية وهو (أي مغنية) “ترك لكم (أي للإسرائيلي) عشرات الآلاف من “المقاتلين المدربين المجهزين الحاضرين للشهادة”. وعلى مبدأ ” إلي بتقاتل فينا هي الروح” نسج عماد مغنية خيوطه العسكرية وحاكها بعناية وخصها لفترة ما بعد تموز 2016 وبدأ يعد العدة منذ اليوم الأول لـ”وقف الأعمال القتالية” للجولة القادمة من النزال التي ستكون مختلفة عما سبق شكلاً ومضموناً.
في أواخر ربيع عام 2013 وبينما كان حزب الله قد أنجز الكثير من مشروع تهيئة العشرة آلاف مقاتل، دخلت المقاومة منطقة القصير السورية في حرب إستباقية مرسومة الأهداف فرضتها الوقائع عليه من أجل لجم، نقول لجم، الفصائل المسلحة التي كانت تحتشد على خطوط دفاع لبنان الأولى وتهدد منطقة البقاع بغزوة شبيهة بـ “فتح الأندلس” ما كان سبباً في رفع مستوى الغليان الطائفي الذي كان قد بدأ يشكف عن أنيابه ناقلاً المنطقة من حالة إلى حالة.
دخل حزب الله يومها منطقة القصير التي كانت ساقطة عسكرياً بيد فصائل كـ “كتائب الفارووق” ذات التوجهات السلفية المتشدّدة التي تحولت لاحقاً إلى نواة جبهتي النصرة وداعش في منطقة حمص، وبدأ بمعاونة الجيش السوري عمليةً عسكريةً واسعة نجح في أوائل صيف نفس العام من إحكام سيطرة شبه تامة على هذه البقعة. فُسرت “غزوة الفاتحين” يومها على أنها نقلة نوعية في الحركة القتالية لحزب الله التي أدخلته القتال في سوريا من بابه الواسع، وقرأت يومها على وسائل الإعلام العبري قبل الغربي “بروفة إلتحام في الجليل الأعلى ومستعمراته” نفذتها نخبة مقاتلين من ما أنتج دماغ مغنية العسكري.
سقط يومها في “غزوة الفتح” 80 شهيداً مضاف إليهم نحو 160 جريحاً، هذا في الإحصاء البشري أما في الحسابات العسكرية فإن هذا العدد سقط في معركة طهّرت نحو 1260 كيلومتراً مربعاً، ما يعتبر رقم أقل من معقول بكثير برز قوة التكتيك والأسلوب العسكريين اللذان مارسهما الحزب بكفاءة على مسطح أرضي مكشوف مطعم بأحياء منظمة مدنياً وغير منظمة، مبعثرة المنازل مع مبانٍ متعددة التصاميم الهندسية منتشرة في زواريب وأزقة عمل بحد ذاته يعتبر ذات صعوبة عسكرية وأرضية غير صالحة للحركة براحة، ومن زار المنطقة يعرف ماذا نقصد، ورغم كل تلك العوامل نجح الحزب بتحقيق الهدف بأقل خسائر بشرية ممكنة.
بعد إستعادة السيطرة وإنجاز المقاومة للأهم، أسس حزب الله نواة وجوده في سوريا في القصير لعدة إعتبارات على رأسها قربها من منطقة البقاع التي تعتبر خزاناً للمقاومة وطرقها المتفرعة التي تصل إلى الداخل السوري فكانت بيئة عسكرية مميزة ذات أهمية إستراتيحية. إستكملت المقاومة مشروع إعداد الـ “عشرة آلاف مقاتل” منها، وبنت فيها قواعد تدريب عسكرية لإنتاج مقاتلي “فرقة الرضوان” المشكلة من خليط مميز جمع بين “الخاصة والتدخل” فأفرزت ثلة من المقاتلين النخبويين المعبئين على طريق العشرة آلاف مقاتل الذين أضحوا اليوم عاموداً فقرياً للمقاومة في سوريا وريكزة مشروع “غزوة الجليل الأعلى”.
في تشرين الثاني 2016 وبعد ثلاثة أعوام من تأمين منطقة القصير، قرّر حزب الله الكشف عن أنيابه، ومن خلال عرض عسكري أراد توجيه رسائل عسكرية ذات طابع حاد إلى إسرائيل ترجمها من خلال من أظهره في العرض الذي عمل أن يكون سرياً ويتم بهدوء كونه يعلم عدوه جيداً الذي يراقب من الجو والفضاء كل تغير يمكن أن يطرأ على الأرض. كان عماد هذا العرض فرقة الرضوان التي نقل عبرها حزب الله الحالة العسكرية الخاصة به من مكان إلى آخر ما فتح شهية المحللين من أجل دراسة ظهور المدرعات في صفوف المقاومة للمرة الأولى في تاريخها.
لا شك أن لظهور المدرعات والآليات المعدلة “جينياً” من قبل خبراء المقاومة يعد حدثاً في حد ذاته، ففي حين أن مقاتلو الرضوان يتمرسون في القتال ويراكمون الخبرات القتالية في سوريا، يضعون نصب أعينهم الجليل كهدف إستراتيجي، ولهذا الهدف يجب أن تحضر القدرات لحرب قال عنها الحاج عماد مغنية يوماً أنها “ستكون مختلفة عن ما سبق”، هذا الإختلاف يفتح الطريق أمام إعتماد أساليب جديدة، فالمعركة لم تعد كالسابق التي كانت تجري على مبدأ “العدو يغزو والمقاومة تترصد وتنقض”، أو تطلق الصواريخ من الأحراش ومن على منصات أرضية يدوية متحرّكة، بل أن الحرب المقبلة وفق الشكل الذي ظهر فيه حزب الله يوم أمس، تذهب حد الهجوم وليس الدفاع ودخول مدرعات إلى الجليل الأعلى المحتل وهناك تحرّر مناطق على شاكلة “القصير” وتتساقط مرتفعات على غرار “القلمون” وتخترق بيئات سكنية وفق سيناريو “الزبداني” وتُنصب راجمات الصواريخ لتدك الداخل من الداخل، هذه ليست أحلام ولا تحليلات بل وقائع يدرسها الإسرائيلي جيداً ويتأكد يوماً بعد آخر أن إمكانية تطبيقها باتت واقعية.
من هنا نفهم طبيعة ما الذي فعله حزب الله حتى تحشد لمهاجمته كل الأفواه والأقلام والشاشات بعد العرض العسكري ولماذا وصل غضب البعض حد الجنون الذي لا يفسره إلا الهلع الإسرائيلي مما هو قادم والذي عبر عنه المعلق الأمني في صحيفة يديعوت أحرنوت، رون بن يشاي، اليوم الثلاثاء 15 تشرين الثاني بالقول: “”الاليات التي شاركت في استعراض حزب الله العسكري في القصير هي جزء من لواء مدرع شكله حزب الله قبل عام بالضبط والذي أصبح جاهزاً الآن.. حزب الله بات جيشاً هجيناً يعمل كجيش تقليدي قادر على تنفيذ هجمات مدرعة محدودة”.
عبدالله قمح
ليست هناك تعليقات