مجلة منبر الفكر ... د. عبد الفتاح ناجي
إنّه سؤال بسيط قد يتبادر إلى ذهن الأُسر اليوم. ولعلّك أيُّها الأب وأيتها الأم ستدركان الكثير من تصرفات أبنائكما، ولن تستغربا كثيراً من سلوك أبنائكما وتصرفاتهم، إن أدركتما من هو قدوة ابنكما أو بنتكما اليوم، فهل سألتما أبناءكما مؤخراً عن قدوتهم في تلك الحياة. إنّه نفس السؤال القديم الجديد، ولكن أصابه سهم التكنولوجيا الحديثة، فأصابت التغييرات خيارات الإجابة، فبعد أن كانت الإجابة لا تخرج عن الوالدين والمدرسة، فقد تعددت كثيراً اليوم. والمبرر عادة ما يرتبط بذريعة التطوّر والدخول في الألفية الثالثة، وسريعاً نرمي كل تغيير في سلوك أبنائنا على التكنولوجيا والتطوّر، وكأنّ تلك الأدوات التكنولوجية سحرٌ يخطف الأبناء من أحضان والديهم، هي ليست كذلك. ابتعدتم عن أبنائكم في وقت احتياجهم إليكم، فكانت تلك التكنولوجيا هي ملجأهم.
اتّفق معظم علماء النفس والاجتماع على أن الطفل في سنواته الأولى يقوم بتقليد أبويه ومن يعيش معه ضمن تلك البيئة الأسرية، حيث إنّ التقليد هو السمة الأولى في تشكيل السلوك. وهنا يأتي دور الوالدين في تهذيب هذا السلوك وتصحيحه للطفل لينمو سلوكه بشكل مناسب، حيث يميز ما بين الصواب والخطأ، ولعلّنا ندرك الآن سبب بعض الأنماط السلوكية السلبية لدى أبنائنا، فهي مرتبطة بما يشاهدونه وبما تلتقطه حواسهم، حيث إنّ إهمال الأسرة لأي سلوك سلبي وعدم تصحيحه هو مؤشر للطفل بالاستمرار فيه، فكم طفلاً ينعت الآخرين بكلمات سيئة ولا نعير الموضوع اهتماماً، وكم من طفل يعتدي ويضرب ويكذب ويأخذ شيئاً ليس له، وغير ذلك من أنماط سلوكية غير مقبولة، ولا يعطي الوالدان أهمية لذلك بحجّة أنّه طفل صغير ولا يدرك، وننسى بأنّ الصغير سيكبر يوماً ما حاملاً ما تعلّمه وبقي في عقله وكبر معه.
إنّ معظم أبنائنا اليوم تائهون في عالم بلا قدوة واضحة يسترشدون بها، فقد أضاعوا بوصلة المنارة المضيئة، وصاروا يتجهون تارةً يميناً وتارةً يساراً بحثاً عن أي قمة مضيئة يستهدون بها، والحقيقة أنّ ليس كل ما يلمع ذهباً.
إنّ ابناءكم اليوم هم أنتم في المستقبل، فراقبوا تصرفاتكم، واحذروا بما يخرج منكم من أقوال وأفعال، فما تقومون به اليوم هو ما سيقوم به أولادكم مستقبلاً، ولا تستصغروا الأمور وخذوا تصرفاتكم على محمل الجد أمام أبنائكم. ولعلّ لنا في رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام أسوة حسنة، حيث هو من يجب أن يكون قدوتنا وقدوة أبنائنا. فكم جميل بأن نعلّم أبناءنا السلوك الطيب الذي كان يقوم به نبينا الكريم، ونغرس فيهم مفاهيم القيم والأخلاق. نقول ونفعل، وإياكم أنْ تقولوا ما لا تفعلون، فأطفالنا أذكى مما تتخيلون!
د. عبد الفتاح ناجي
ليست هناك تعليقات