أخبار الموقع

اهــــــــلا و سهــــــــلا بــــــكم فــــــي موقع مجلة منبر الفكر ... هنا منبر ختَم شهادةَ البقاءِ ببصمةٍ تحاكي شَكلَ الوعودِ، وفكرةٍ طوّت الخيالَ واستقرتْ في القلوبِ حقيقةً وصدقاً " اتصل بنا "

تنجيم لبناني بنسخ مهترئة.. أرباح طائلة وسذاجة وفبركة!


ورد في صحيفة “البلد” أنه مع إطلالة كل عام جديد يتمترس المتوقعون أو المنجمون أو العرافون، وما أكثرهم، أمام الشاشات الصغيرة ليكشفوا عمّا ستخبئه الأيام المقبلة والذي إن لم يحصل في المدى القريب فبالتأكيد سيحصل في المدى البعيد على حد تعبيرهم. ويتسمّر بالمقابل أمامهم المشاهدون ليروا ما سيحمله العام الجديد لهم، لزعيمهم، لفنانهم المفضل، لبلدهم والبلدان المجاورة والبعيدة حتى.

من حيث الأصل اللغوي فكلمة (تنجيم) مصدر من الفعل (نَجّمَ)، وهذه الكلمة مأخوذة من (النَجم) وهو الكوكب أو الثريا، والنجوم كلمة تجمع الكواكب كلها وبعبارة أخرى: الأجرام المضيئة في السماء، وقد أطلق على المشتغل بعلم النجوم ومراقبة سيرها ومداراتها بالمنجم أو المتنجم. ويقوم علم النجوم على ادعاء معرفة الأمور الغيبية سواءً ما كان في الماضي أو الحاضر أو المستقبل، كما أنه يحاول أن يربط بين حركة النجوم والأفلاك وبين بعض الأحداث التي تجري على الأرض ارتباط الأثر بالمؤثر. وبين الكهانة والتنجيم علاقة عموم وخصوص، فالكاهن هو اسم عام لكل من يدّعي الاطلاع على الغيب ومعرفة المستقبل من الحوادث والأمور، ويدخل في ذلك صور كثيرة، منها التنجيم القائم على التماس الغيب من خلال مطالعة حركة الأجرام وادعاء تأثيرها.

بروباغندا إعلامية

اختلفت هذا العام الإطلالات الاعلامية “الركيكة” للمنجمين على القنوات المحلية، شكلا ومضموناً، عن سابقاتها، فبينما كانت “ترعبن” كل قناة من القنوات على واحد من العرافين، ليلة رأس السنة، رأيناهم هذا العام يتنقلون من شاشة إلى أخرى بشكل دوري، يبثون سذاجتهم وإفلاس توقعاتهم وتفاهة إلهامهم على موجة تلفزيونية ويهرولون إلى أخرى ليعاودوا بث ما بجعبتهم نفسها ولكن بترتيب مختلف.

وكأن معظمهم من أكثرهم إلى أقلهم شهرة تأثر بطريقة أو بأخرى بالفشل المدوي لعرابة العرافين المحليين التي خيّبها إلهامها في قضية الانتخابات الرئاسية اللبنانية. فتقلّصت الهالة التي كانت تحيط بهؤلاء هذا العام وكان الدليل على ذلك كثرة إطلالاتهم الإعلامية، وعدم انجذاب الناس كثيراً لأكاذيبهم، أو الإيمان بها الى حد بعيد كما من قبل. فلم تكن أوقات الإطلالات اللاحصرية “مقدسة” لدى المشاهد الذي لم يرفع صوت تلفازه إلا لسماع برجه الخاص حيث ما زال علم الفلك يحتفظ بنوع ما من المصداقية لدى المشاهد. هذا بالشكل، أما في المضمون وإن كان منمقاً ومسبوقاً ببروباغندة إعلامية تهيّص لتوقعات “الضيف” التي صحت، في حين يتغافلون عن أخرى لم تصح، بل حصل نقيضها تماما وهي النسبة الاكبر من التوقعات. فاقتصر العرافون هذا العام على توقع ما هو متوقع، بناء على دراسات علمية أو تحليلات سياسية محلية إقليمية أو دولية، فرأينا معظمهم ينحو باتجاه العموميات كي لا يقعوا في شر توقعاتهم التي لا ينفعهم مع حصول نقيضها ولا تشفع لهم حينذاك أي توقعات أخرى صحّت، أو شاءت الصدفة أن تصح وتأتي مطابقة لإلهام زائف.

ترويج مفبرك

فلا يختلف اثنان على أن سلة توقعات العام الجديد وقاطفيها كانت مختلفة عن سلة توقعات العام الماضي، فلم يحتل العرّافون الصدارة في نسب المشاهدة، ربما لكثرتهم، وربما لفشل توقعاتهم، لسذاجتها واعتمادها على مبدأ اكتشاف “المي السخنة” واستخفافهم بعقول المواطن اللبناني في الفترة الأخيرة، وهو المواطن الذي ربما بات على يقين بأنه مع اطلاعٍ قليل على مجريات الاحداث الماضية والحالية وربط “لينكاتها” الداخلية والخارجية سيصبح متوقعاً فذاً أكثر من كل هؤلاء الذين يعتمدون حسب بعض المتابعين على بعض المعلومات المسربة من جهات مخابراتية أو من الزعيم الفلاني والمصدر العلتاني. حيث طغت هذا العام متابعات أخرى على متابعة التنجيم اللبناني بنسخه المهترئة، وإن حاول الإعلام جاهداً الترويج “لخبرياتهم” ومشاعرهم المستوردة من كوكب آخر وتلميع مصداقيتهم الملوثة بالفشل عبر اسقاطات عموميات التوقعات على خصوصيات الأحداث بطريقة الأفلام الهوليوودية. لدرجة اعتبر فيها المشاهدون أن الإعلام يتحمل مسؤولية كبيرة في ترويج وشهرة هؤلاء المنجمين، ما فسره الكثيرون بأنه نوع من أنواع التأثير المباشر على عقول ونفسية المشاهدين. الأمر الذي يحمل الإعلام مسؤولية هذا الإفلاس المستنسخ، الذي يُفرض علينا كمشاهدين سنوياً لأنه حول هؤلاء المنجمين إلى نجوم حقق بعضهم أرباحاً طائلة بسبب شهرتهم الإعلامية المفبركة واللاعبة على وتر الحالة النفسية للبناني الذي يعيش حالة توتر دائم تخضع لمد وجذر الأحداث الإقليمية والدولية. وذلك انطلاقاً من الدراسات النفسية التي تؤكد على أن هناك ارتباطا وثيقا بين الحالة النفسية لمن يزور هؤلاء المنجمين أو يصدقهم ويؤمن بإلهامهم، وبين سلوكياته المختلفة. إذ أن الأفكار والمعتقدات الخرافية التي يؤمن بها هؤلاء الناس تؤثر على قدراتهم وسلوكياتهم، فبعضهم يمرون بظروف صعبة ولا يجدون منها مخرجا إلا اللجوء إلى الخرافات التى تجعلهم أكثر رضا وأكثر تصالحاً مع واقعهم المتقلّب.

المصدر: البلد

ليست هناك تعليقات