استثنت منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" وروسيا غير العضو في المنظمة آسيا من تخفيضات إمدادات النفط التي جرى التوافق عليها في اتفاق مهم العام الماضي في مسعى حثيث للحفاظ على حصتيهما في أكبر وأسرع أسواق النفط نموا في العالم.
وكبديل عن الإقدام على هذه الخطوة تخفض "أوبك" وروسيا الإمدادات إلى أوروبا والأمريكتين في الوقت الذي تنفذان فيه اتفاقا منسقا لخفض الإمدادات بنحو 1.8 مليون برميل يوميا في مسعى لتقليص وفرة الإمدادات العالمية ورفع أسعار النفط.
ووفقا لما أظهرته بيانات تومسون رويترز، فقد زادت إمدادات "أوبك" النفطية إلى آسيا 7 في المائة في الفترة بين تشرين الثاني (نوفمبر) وكانون الثاني (يناير) إلى 17 مليون برميل يوميا لتلبي ثلثي استهلاك المنطقة من النفط.
وبموجب الاتفاق الذي جرى إبرامه في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي تعهدت أوبك بخفض إنتاجها بنحو 1.2 مليون برميل يوميا في النصف الأول من 2017، بينما تعهد منتجون من خارج المنظمة بينهم روسيا بخفض إضافي بواقع 600 ألف برميل يوميا.
وقال توشار بانسال المدير بشركة "آيفي جلوبال إنرجي" للاستشارات في سنغافورة إنه فيما يخص أوبك وبشكل خاص دول الشرق الأوسط فإن آسيا هي سوقهم الأساسي والمتنامي وآخر ما قد ترغب فيه تلك الدول هو أن يهرع مصدرون مثل روسنفت أو فنزويلا لزيادة حصصهم السوقية في آسيا بينما ينشغل أعضاء "أوبك" في فتح أسواق جديدة خارج المنطقة.
وبينما يتعين في نهاية المطاف أن تعيد تخفيضات "أوبك" وروسيا التوازن إلى السوق بعد فائض في المعروض استمر على مدى ثلاث سنوات فإن هذا سيكون أكثر تباطؤا في آسيا ما لم يرتفع الطلب الإقليمي.
وفي مؤشر على وجود وفرة الإمدادات المستمرة في آسيا تظهر بيانات منصة آيكون أن نحو 30 ناقلة عملاقة مستأجرة ترسو في المياه خارج مركزي تجارة النفط في آسيا وهما سنغافورة وجنوب ماليزيا محملة بنحو 55 مليون برميل من النفط وهو ما يكفي لتلبية الطلب الصيني على مدى نحو خمسة أيام.
وظلت آسيا المصدر الرئيس لنمو الطلب العالمي على النفط على مدى العقدين الماضيين في الوقت الذي شهد فيه الاستهلاك في الدول المتقدمة اقتصاديا ثباتا.
لذلك تزيد "أوبك" إمداداتها إلى آسيا كما أعادت روسيا توجيه جزء كبير من إنتاجها المتزايد صوب الصين ومنطقة آسيا-المحيط الهادئ على مدى السنوات العشر الماضية.
وصدرت روسيا إلى الصين في العام الماضي 1.05 مليون برميل يوميا من النفط الخام مقابل 1.02 مليون برميل تصدرها السعودية، وتتناقض الزيادة في عقود الإمدادات الآسيوية مع خفض إنتاج أوبك عالميا بأكثر من مليون برميل يوميا في الشهر الماضي وهو ما يثير دهشة مراقبي السوق خاصة في ظل معدل التزام بالتخفيضات يتجاوز 80 في المائة.
وأشار أوستين بيرينتسين العضو المنتدب للنفط لدى شركة "سترونج بتروليوم" لتجارة الخام في سنغافورة إلى أن مخزونات النفط تنخفض خاصة في أوروبا، أما في آسيا فقوة الطلب تقلص الفجوة مع المعروض لكنها ستستغرق وقتا.
وتشير بيانات من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إلى أن الأسواق العالمية ما زالت متخمة بفائض في الإمدادات في الوقت الحالي حيث يبلغ الطلب نحو 95.8 مليون برميل يوميا مقابل إمدادات بنحو 96.4 مليون برميل يوميا.
لكن نظرا لتخفيضات الإنتاج وتوقعات بزيادة الطلب أكثر من 1.6 مليون برميل يوميا العام الجاري فإن من المرجح أن تتوازن السوق العالمي هذا العام.
وتحملت السعودية ومنطقة الخليج كل التخفيضات الإنتاجية تقريبا التي نفذتها منظمة أوبك حتى الآن، فقد خفضت الرياض إنتاجها بمقدار 564 ألف برميل يوميا في الشهر الماضي أي بما يزيد بنسبة 16 في المائة على مستوى الخفض الذي تعهدت به في تشرين الثاني (نوفمبر) وهو 486 ألف برميل يوميا.
وفقا للمسح الشهري لـ "رويترز"، فإن أعضاء "أوبك" ككل خفضوا الإنتاج بمقدار 958 ألف برميل يوميا فقط أي بما يقل بنسبة 18 في المائة عن التخفيضات الموعودة التي يبلغ إجماليها 1.164 مليون برميل في اليوم.
وبناء على ذلك تكون السعودية قد تحملت ما يقرب من 60 في المائة من عبء التخفيضات الإنتاجية حتى الآن مقارنة بما وعدت به ويتمثل فيما يزيد قليلا على 40 في المائة.
وأسهمت السعودية والكويت والإمارات وقطر بنسبة 82 في المائة من إجمالي التخفيضات التي نفذها أعضاء المنظمة مقارنة بالنسبة المستهدفة لهذه الدول وهي 68 في المائة.
أما معدلات الالتزام بالتخفيضات بين الدول الأخرى الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول فقد كانت أقل عموما، فقد خفضت الجزائر وفنزويلا إنتاجهما بنسبة 18 في المائة فقط من تخفيضاتهما الموعودة ولم يكن مستوى التزام العراق أعلى كثيرا إذ بلغ 24 في المائة.
وللدقة، فإن المقصود هو أن تحسب التخفيضات على أساس متوسط النصف الأول من 2017 ، ولذلك لم يخلف أي من أعضاء "أوبك" حتى الآن ما وعد به، ولا يزال بوسع أصحاب الأداء الضعيف إجراء تخفيضات أكبر في الأشهر المقبلة لتعويض مستوى الالتزام المتدني في الشهر الماضي وإن كان هذا يبدو مستبعدا.
ليست هناك تعليقات