في السياسة دع عنك عصاك و جزرتك و راقبْ الأحداث بعقلٍ منفتحٍ هادئٍ صلبٍ يملك كلَّ معطيات اللين و القساوة حينما يواكب المقولة الصريحة :
"لا تكنْ قاسياً فتكسرْ و لا تكنْ ليِّناً فتعصرْ "
حيَّرنا الأمل مذ نسيناه في دنقلنا و هو يقرض السياسة لا الشعر و يفتح آفاق الخوف و لا يغرقنا بظلام الإحباط
نعم بدأت قصيدة السياسة تنشرعنُ الدناءة و الخيانة و هي تخون دنقلنا قبل غيره أليس هو الذي قال :
"العمر أقصر من طموحي و الأسى قتل الغدا "
فكيف يبتلع ريق أساه و هو الذي لثم الطموح لثمة التحدِّي في أصعب مشوار وجودٍ يخوضه الشعراء و هم يدركون أنَّ "الوجود هو لا مخلوق يضجُّ بحياةٍ خالقة" كي يضاجعوا لا وجودهم علَّهم يتحدون به في مشوار وجودهم المنشود و هم يخلقون و يُخْلَقون .
انفجرت دبلوماسية الأمر الواقع في وجه أشدِّ القوى تخريباً في المنطقة على كلِّ الأصعدة و وصلت شظاياها إلى حدِّ إصابة حجرة الصمت و تطويق الخلافات و باتت الغرفة الخليجية العربية محيِّرة فهي إما أن تكون غرفة إنعاشٍ تعيد مشروع الاعتدال الذي يتغيَّرُ شكله تبعاً للمراحل الأميركية إلى الحياة بوجهٍ جديد يطلُّ علينا من مسارح الاختلاف المصطنع لغايات يعقوب الكثيرة
أو أنَّها غرفة بدأ سقفها بالتشقُّق ليسرِّب إلى أصحابها إنذارات الوقوع على الجميع و خاصةً أنَّ السدَّ القطريّ لم يغرق بعد قحط السعوديَّة و جدبها بكلِّ ما تتحرَّك به السياسة الإيرانية من خصبٍ و رطوبة بعيداً عن جلافة التلمود السعوديّ الذي لم يقضمه مكماهون و هو يكتب على جبين شريفه الحسين أنَّه حثالة التكوين الجديد للمنطقة الشرق أوسطية
و بالتحديد العربية التي تلوَّثت عروبتها و لم تُطهَّر بعد من كلِّ ما ألمَّ بها من أوبئة عبرت مضيق باب المندب و قناة السويس بنفطها لتكدِس الانهيار العربيّ و لتنبش قبور المبادرات التي لم يسعف التراب ديدانها من الانكشاف و هي بتاجها الحسينيّ باعت في سبيل ولائمها لواء الاسكندرون كي تغدو الأكثرية لا سوريةً و كي يزايد الأعراب على العلويين بأنّهم من جبالٍ أخرى في أصفهان و سواها لكنَّما من يقرأ الحكم السوريِّ الحاليّ يدرك أنَّ العروبة معنىً شافياً لا قولاً يجلب كلَّ داء عضال و أنَّ من يحكمون سورية رغم انغماسهم بلاهوتٍ خائف يملكون من الشجاعة ما يقلع عنَّا كلَّ لاهوتٍ يرسِّخُ الغباء القطيعيّ منقطع النظير في مجتمعاتٍ لا تودُّ أن تنهض رغم توقها إلى الرفاهية و الديمقراطية و تداول السلطات !!!
واشنطن تطمئنُ الذئب التركيّ أنَّ الذئب الكردي المجاور له سيغدو قطعاناً لا متناهية من الذئاب الأشد ضراوة حين تمسك بمفاتيح القوة الأميركيّة التي تتبع قاعدة الجنون الأعظم و لكن هل الدرع الصاروخيّ الأميركي للدولة الأولى في الناتو سيحمي تركيا الدولة المؤثرة كما يقولون في الناتو على هوى واشنطن من فوضى خسارة الحلفاء الذين لا ينامون على ضيم و على رأسهم الدبُّ الروسي الذي لا يدع و لن يدع خلايا النحل تمرُّ منه مرور الكرام دون أن يحظى بعسلها و هو يمسك صاروخ زيركون كي يخفِّف من ثقله في قارات العالم أجمع
و بسرعةٍ تسعف فكره الذي بات محورياً قبل جسده الرشيق مهما ثقل و ثقلت به الأرض , لن ندع العسكرة تبدأ بميقاتية الانفعال بل سنقول نحن الذين نبحث عن نهايتها و نحن نحلق بأجنحة صقرٍ عالميٍّ جديد لا بعيون غرابٍ نسي ريشه في السماء و ما زالت تدفع الأرض أثمان تراكمه علينا منذ أن بزع التاريخ العربيّ معتماً تائهاً من دمٍ إلى دم و هو يكتب انتصارات الفتح الذي يغرق المواطنة بالذميين و يغرق العقلنة بالأميين و يغرق الاستشراق بالمغرضين ,
يوم قال يوليوس قيصر للتاريخ أسرع ببْطء كان أردوغان يظنُّ نطفته مجنِّحةً بسرعة الضوء والآن و الأخونة الإسلامية و الدعشنة الدموية اللتين نشرهما كالسرطان تأكلان جسد سياساته يتمنى لو أنَّه سلحفاة ليقف في مكانه كي لا يتقدم إلا ببطء و تمنى لو أنَّه كنغر يحمل في جعبته سياساته الماضية و يقفز بسرعةٍ إلى الوراء كي يتعلَّم من الأسد أنَّ زئير الساسة في استراتيجيتهم و تسامحهم لا في دمويتهم و حقدهم و غوغائيتهم
و لكنْ هل يدرك السيسيّ في لعبة الفتح الأردوغانيّ أنَّ مصر لم تعد أمُّ الدنيا و أنَّ جنرالات بيريز و شارون قد أخضعوها كي لا تقوم إلى يوم الدين حيث لا دين إلا ما يفرضه الجبابرة الأقوياء و الأغنياء النبلاء الذين ما زالوا يقتاتون على شرعة الإنسان المنقرض ما بين هابيل و قابيل !!
|
ليست هناك تعليقات