أخبار الموقع

اهــــــــلا و سهــــــــلا بــــــكم فــــــي موقع مجلة منبر الفكر ... هنا منبر ختَم شهادةَ البقاءِ ببصمةٍ تحاكي شَكلَ الوعودِ، وفكرةٍ طوّت الخيالَ واستقرتْ في القلوبِ حقيقةً وصدقاً " اتصل بنا "

« حركة النهضة و الممارسة السياسية » ... بقلم : صبري الغربي



 « حركة النهضة و الممارسة السياسية  »
    بقلم : صبري الغربي                               
   18/9/2017
 أستاذ جامعي وإعلامي تونسي


«  مجلة منبر الفكر »   صبري الغربي   تونس18/9/2017

هل الممارسة السياسية لحركة النهضة تتعارض وما حققته أو ما تسعى لتحقيقه من مكاسب اجتماعية وما رسمته من أهداف استراتيجية ؟


اختيار النهضة المشاركة في الحكم إبان الانتخابات التشريعية الأخيرة كان اختيارا واعيا ومبنيا على قناعات راسخة وذلك لتحقيق مكاسب سياسية بناء على أهداف استراتيجية قريبة وبعيدة المدى، أبرزها:

-هدف التطبيع: ويعني ذلك تطبيع حراك النهضة السياسي في المجتمع بحيث تحقق نوعا من الوجود الطبيعي في الوعي السياسي التونسي فتكون جزءا لا يتجزأ من نسيجه السياسي وليس كما يريد تسويقه معارضيها بأنها نزوة اجتماعية وسياسية عابرة سيلفظها المجتمع بعد خفوت رياح الثورة وبعد تسجيلها لإخفاقات سياسية متعددة بحكم عدم الخبرة وانعدام التجربة وتراكمها في الحياة السياسية. فالحركة بناء على هذا الهدف الاستراتيجي تعمل من اجل ان تكون جزءا لا يتجزأ من النسيج السياسي الوطني التونسي مكنونا في اللاوعي الشعبي.

- مكسب التشاركية السياسية: فالتوافق مع حركة النداء تحقق به الحركة نوعا من السكون السياسي وتركن به جزئيا إلى مقاعد الاحتياط لثقل الأعباء السياسية التي تتسم بها المرحلة الراهنة وخاصة بعد حالة "اللعب" لمواسم عديدة دون راحة مما أدى بها إلى حالة من الاهتراء في ماكينتها الداخلية من جهة ومن جهة أخرى تبرهن للشعب عدم سعيها وراء السلطة وتبجيلها للمصلحة الوطنية على تلكم الحزبية الضيقة. وكذلك عدم وقوعها في العزلة السياسية التي يمكن أن تقع فيها إذا خرجت من الحكم وما يمكن أن ينجر عن هذه العزلة من تهميش وإقصاء ومحاصرة وتضييق..

- هدف الانفتاح الوطني: ويتجلى ذلك عبر خطوات حثيثة وسريعة سياسية ودبلوماسية قامت بها الحركة في الآونة الأخيرة من مثل خيارات الفصل بين الدعوي والسياسي في مؤتمرها الأخير، وخيار الانفتاح على الكفاءات الوطنية المستقلة وما سيعكسه ذلك إيجابا على تجديد النفس السياسي داخلها وفتح آفاق سياسية جديدة، فالحركة ماضية نحو الانشراح الحزبي وتلوين قاعدتها الشعبية بحيث تزيد في طمأنة القوى السياسية الفاعلة في المجتمع الدولي.

- تعزيز مكسب التضامن الدولي: لا شك أن الكثير من خيارات الحركة السياسية من الالتزام بالتوافق والتشاركية والانفتاح سيحقق لها نوعا من التضامن الدولي الذي سيرى فيها قدرا من الحداثة والوطنية والانفتاح وأنها لا تشكل تهديدا على مكاسبهم في تونس والمنطقة العربية وبخاصة دول الجوار ولذلك كان الشيخ راشد يؤكد أن الثورة التونسية غير قابلة للتصدير وأنها شأن داخلي وهذا ما يفسر كثرة الطفرة الديبلوماسية التي شهدتها الحركة في الفترة الاخيرة.

- مكسب البناء الديمقراطي القاعدي: فالحركة انتبهت إلى أن عملية ترشيد الوعي السياسي الجمعي وبناء الديمقراطية الحقة والحفاظ على مكاسب الثورة لا يمكن أن يتأتى من اعلى الهرم السلطوي وإنما يتم بناؤه من القواعد والأسس وهو ما يمثله الحكم المحلي الذي سيحقق لها التطبيع الفعلي لوجودها في المجتمع ويكرس عملية التشاركية والانفتاح ويوزع السلطة على كامل تراب الجمهورية فلا خوف من عودة الدكتاتورية من جديد حتى ولو وافقت رئيس الجمهورية في تغيير البناء السياسي في البلاد لا قدر الله.

غير أن الحركة بممارساتها السياسية في الآونة الأخيرة ربما وقعت في بعض المحاذير التي قد تهدد أهدافها الاستراتيجية سابقة الذكر، فمصادمة وعي الجماهير الشعبية بتمرير قانون المصالحة الإدارية وإن أفرغته من مضامينه ولكن في الوعي العام هو مصالحة مع من اجرم بعض النظر عن نوعية الجرم وآثاره، والسكوت عن إلغاء المنشور القاضي بمنع زواج التونسية بغير مسلم ما من شأنه أن يهز من شعبيتها التي تتضاءل يوما بعد يوم، ومما يزيد في الغليان الشعبي التأويلات الضعيفة وفي بعض الأحيان السخيفة التي انبرى إلى تقديمها البعض من قيادات الحركة مما زاد في الطين بلة.

والرضوخ الكبير اللامبرر للابتزازات اللامتناهية لحركة النداء دون تحقيق أي فائدة سياسية تذكر لا على المستوى الحزبي ولا على المستوى الوطني ولا يضيرك مكسب الاستقرار والأمن العام في البلاد فهو ليس من دهاء الحركة ولا فطنتها ولكنه نتيجة طبيعية لتخليها عن السلطة، ومن أكبر الابتزازات عدم استكمال تركيبة هيئة الانتخابات كما كان مقررا في الجلسة الاستثنائية للمجلس لخروج بعض نواب النداء حتى لا يتحقق النصاب المطلوب وتمرير قانون المصالحة الإدارية الذي لم تحقق به الحركة أي فائدة بله ضرره كان أكثر من نفعه إن كان له نفع حقيقي أصلا

فينبغي على الحركة ان لا تستهين بقدرتها وان لا ترضخ لابتزاز شركائها في الحكم وان تنفض عنها هاجس وخطر عزلها سياسيا واجتماعيا وان تُمارس السياسة بما يخدم أهدافها ويحقق مكاسبها كأي حزب ديمقراطي يعمل من اجل تحقيق الصالح العام، فقوة حركة النهضة وتماسكها هو ترسيخ للديمقراطية الناشئة في تونس وهو تعزيز وتقوية للنسيج السياسي بالبلاد ولا يتم هذا الا بالانسجام مع خيارات شعبنا ومبادئ ثورتنا.


 اقرأ المزيد لـ صبري الغربي


لإرسال مقالاتكم و مشاركاتكم
يرجى الضغط على كلمة  هنا 


ليست هناك تعليقات