كان يقطن في قرية شبه نائية .وقد كان سكانها يشعرون بانهم عائلة واحدة .له قطيع اغنام يهتم به .كان الوقت اصيلا بين شتاء يحتضر وربيع مقبل .ذهب بغنمه الى سفح الجبل المتاخم للقرية .أسند ظهره الى جذع شجرة ضخمة متشابكة الاغصان .وراح يتامل من حوله ويصغي الى انغام الطيور وحفيف الاوراق وخرير الجداول وهي تنساب الى الاسفل .فالربيع بدأ ينشر جماله .فأيقظ الحقول من سباتها .وأحيانا يلف المكان الضباب .فتنساب قطرات الندي على الاعشاب المحيطة به .وتتعانق الطيور .وتتحاور عائدة الى اوكارها .مضي ذلك الاصيل .وغابت شمسه تاركة خيوطا صفراء .أحس بحنين الى الماضي الذي ترك لديه جرحا خفيا .لم يجد له حلا.بقي يتدثر حزنه .لما تعلق بابنة عمه .عاش معها احلى لحظات .حينها لم يشبع من وجبات الحب .فقد كان الجوع والظما يملا جسديهما بتلك النشوة الغريبة .انها نشوة الحب وبعد الزواج رزقا ببنت .مرت اكثر من خمس سنوات وهما يعيشان في سلام وفجاة تدهورت صحته اذ اصيب بعجز جنسي طال امده .نصحه احد اصدقائه بضرورة التداوي .ذهب الى مصحة خاصة حتي يجد حلا لهذا المرض الذي الم به ولما وصل الى العيادة .انتظر قليلا .ثم استقبله الطبيب وبعد الترحاب به .وجه اليه بعض الأسئلة .- في أي موضع من جسدك تحس بالالم ؟ - اشكو من عجز جنسي منذ مدة طويلة .- أهذه اول مرة في حياتك تتعرض لهذه المشكلة .- نعم - هل تعرضت لحادث مروري؟ - لا يا دكتور فاجاتني المشكلة وتدهورت صحتي من كثرة التفكير .- هل انت متزوج .- نعم ولي بنت .- لاتخف سنجري فحصا دقيقا وشاملا حتي لانترك للشك مجالا. - ارجوك دكتور خفف من" المي وتعبي ".قام الدكتور بفحص جسده كاملا .وأخذ كل العينات للتحليل .واصرعلي ان اعود اليه بعد اسبوع .حتي يكتشف سر مرضي .مرت ايام ذلك الاسبوع ثقيلة جدا .جاء اليوم الموعود .فاسرعت صوب العيادة حتي اعرف سر مرضي .كنت يومها اول الزائرين .كانت قسمات وجهه توحي بشيء غير سار .ونبرات صوته تنم عن شيء غير عادي .- التحاليل تثبت انك تمر بفترة ارهاق .- هل هناك مرض خطر ؟ .- لا لكن هناك شيء اخر .- ماهو سيدي ؟ - التحاليل اثبتت انك لا تنجب .!!.كان خبر كالصاعقة يصعب على ان اتقبله وسرعان ما سقطت من فوق الكرسي .فأنقذني واعتني بي.الي ان عاد لي الوعي .مكثت بعض الساعات ؛ ثم عدت أدراجي نحو منزلى .وقد مر ذلك اليوم مظلما طامسا رسوم تلك الايام الجميلة .وجدت أن الباب لونه تغير كما الوجوه .أرفع يدي لتصل الى الجرس .أسقطها أرفعها .أشعر أني لا استطيع النظر في وجهها مرة ثانية .انسحبت وذهبت ألى بيت والدي .اخبرت اميبما حصل.تغيرت ملامح وجهها .وتساءلت - كيف نستيقظ بغتة على هاته الفضيحة .- ليس لدي اجابة . - لابد من الانفصال واهم شيء ان تجري زوجتك وابنتك تحاليل ربما نصل الى صاحب هذا العمل الدنيئ .مرت ايام كان الصراع بين العائلتين على أشده .ولم يبق لي من ذلك الحلم الجميل سوي الذكريات الموجعة تثير تنهدات الاسي في اعماق صدري .وأخيرا استقر راي الجميع على ضرورة التحليل .ثم الانفصال .مر أسبوع ونحن نعيش على مضض خائفون من وقع الحب .فاحيانا يفعل الانسان اشياء سرا في ظلمة الليل .لكنه يصطدم بها حين تظهر يوما علنا .جاء ذلك اليوم وكشف الطبيب .مصيبة اعمق واشد وطاة .لقد كانت زوجتي ؛ هي اختي من الاب !! .كان كل شيء مبهم .الى ان انبلجت خيوط النور .ولم تكن سوي شعاعا باهتا .سرعان ما انكسر على جسد الغموض والتعتيم يلف العائلتين .شار الدكتور على فتح هذا الملف ؛ امام العدالة .وفك خيوط هاته الماسأة التي كشفت ان ابي هو رجل لاينجب .وعمي هو ابو الجميع .
ليست هناك تعليقات