ابتسم لخيوط الشمس وهي تتسلل الى زجاج عينيك اللازوردي مع اطلالة الصباح لتأخذ اشعاعا من نور لتستعيد مافقدت من بريقها الذهبي
ابتسم في وجه القمر بعد منتصف الليل وهو يحدق في ملامحك الصافية كأيقونة قديمة ليسترد بعضا من ضوءه المفقود بعد ليل مظلم كئيب
ابتسم لمرآة روحك المتلألئة انفض عنها ثرى هذا الحاضر المسعور كذئب جائع دع رياح الذكرى وأمطار الحنين تغسل عنها تلك الغباشات التي تراكمت عبر الزمن
لا تكن جبانا كفأر هارب قف قليلا إرن بهدوء لشريط ذاكرتك كأنك تراه لأول مرة لا تترك بضع سحابات رمادية تحجب رؤيتك ولا تسمح للأحمر المنثور على الطرقات بأن يغير طينتك فلون الورد أيضا أحمر ولون الخجل في وجه من تحب أحمر
تذكر تلك الجورية التي استوطنت على نافذة أمك أيضا كانت حمراء كشعلة حب نابضة
اصغ لنبض قلبك المتسارع المتباطئ والمتوقف للحظات كأنك تسمع أغنية تدمن لحنها وتعشق موسيقاها
لا تنصت لأحد امض وحدك كالغريب في ليل غريب يشبهك في بعض ملامحه الغامضة
فقط وأنت تقف أمام هذه المرآة ورغم تبعثرها تحت هذه السماء العاتمة سترى نفسك أكثر وضوحا أكثر شفافية أكثر نقاءا وأكثر هدوءا بعيدا عن صخب الحياة وضجيج أفكارها المتداخلة لا شيئ سوف يشوه بصرك لن تحتاج لأن تمسح الغبار عن زجاج نظاراتك لأنك لن تكون بحاجة لها لن تضطر لأن تضع عدسات سميكة لتحسن نظرك سترى بقلبك بصيرتك ستكون أقوى وأكثر عمقا رغم كل الانكسار ات والتشوهات التي ارتسمت بريشة الألم على وجهك وفي ظاهرك إلا أنك ستهمل النظر في رسومات شكلك الخارجي وتمعن التحديق في ذلك العمق الداخلي المقدس هناك حيث يتشبث فيك طفل صغير مازال يسكن تلك الحجرة الصغيرة الدافئة لم يغير لون جدرانها الوردي كل هذا السواد المتراكم حولك من شظايا الموت المتناثرة واسود الثكالى
تحدث معه عن انتظاراته لأول المطر على شرفة الشتاء ليصعد بحلمه على جناح قوس قزح منصتا لصوت الحياة الأولى يبحث فيك عن شيء ما ليستعيد فرحه الأول ضحكاته الملائكية صورته البريئة في ملامح بدائية شكل يديه الصغيرتين شعره الناعم الخفيف صوته الحنون عينيه الصغيرتين المحدقتين في أدق التفاصيل أسئلته الفضولية فمه المنمنم الذي لم يعرف لغة غير الصدق والحب الطاهر
اسأله لماذا لم يكبر ؟! هل نسي ذلك أم أنه رفض أن يخوض سباقا مع الوقت لأنه يدرك أنه خاسر في النهاية وأنه لو مشى مع الوقت في صف واحد سيكبر وستخنقه السنون بقيودها لترمي به إلى تلك الهاوية القاتلة ؟؟
تحدث إليه بحرية لا تخفي شيئا في داخلك فهو يعرفك جيدا أكثر مما تعرف نفسك هو توأمك الخفي الذي قاوم الزمن ليحافظ على صورتك الحقيقية خلف تقاسيمك القاسية إياك أن تطلب منه أن يتغير بل تعلم منه كيف تكون أنت دون أن تعطي فرصة للعمر ومغريات الحياة بأن تشوه ذاتك الأصلية قل له أنا أنت ابتسم في وجه مرآتك عانقه واخلد إلى فراشك مفرغا من ضجيج نهارك آملا بصبح جديد تكون فيه حقيقيا بكل تفاصيلك...
ليست هناك تعليقات