أخبار الموقع

اهــــــــلا و سهــــــــلا بــــــكم فــــــي موقع مجلة منبر الفكر ... هنا منبر ختَم شهادةَ البقاءِ ببصمةٍ تحاكي شَكلَ الوعودِ، وفكرةٍ طوّت الخيالَ واستقرتْ في القلوبِ حقيقةً وصدقاً " اتصل بنا "

« السقوط الأكبر » ... بقلم : صلاح الحمداني



 « السقوط الأكبر »
    بقلم : صلاح الحمداني   
   21/12/2017


«  مجلة منبر الفكر » صلاح الحمداني      21/12/2017


في كل صباح، أخرج بكامل أناقتي وأتهيأ لأكون شاعرا، وأنا على موعد مع الفن.

أحمل حقائبي من الكلام إلى الكلام ، وأنشر قصائدي على حبل الزينة، حتى تحط عصفورة على بيت مهجور، أو تغرد على شرفة آخر بألحان الشوق ، أفعل هذا من أجلي، من أجل قلب يحاول ألا يموت الساعة ويستبدل ثوب اليأس بالحياة.

في كل صباح، أضحك حتى تهتز جدران قلبي فتتحرر الجنيّات الطيبات ، يطردن عن الليل ظلمته، وينشرن الفرح في حدائق جديدة من الورد و يلهمن راعيا كي يكتب بالناي قصيدة على حافة الأمل بعون الريح ويوم جميل في حضرة منظر آخاد يملي عليه الطيبة والسعادة.

أعترف الآن أني أعرف ما يعنيه أن أكون على وفاق مع العالم، وقبل أن يكون لي شأن يا نفسي؛ أنا أعتز بك أكثر من ذي قبل.

وأعترف كذلك بأنه لم يعد هناك خيبة أمل ولا سعادة متميزة ، فقط إعتدت على نفس الإحساس ، نفس التصرف ، بعيدا عن العصبية بعيدا عن الفرح ، أدور في حلقة شروقها المال وغروبها الشيء عينه ، ما أنا من هؤلاء المتميزين ، ولا في عالمي حياة تتجدد مع أناس معجبين ، ثارة هنا وثارة هناك ولازلت لم أصنع ما أحطمح إليه وحلمت به.

إلى قلبي الذي لم يعد يتكلم ، وإلى عقلي العاجز عن الإبتكار وإلى وجداني الذي مات فرأى العدم بعد الوفاة ، كبرت عن الحب وشخت عن الألم ، ولا ساكنا تحرك منذ مدة ، منذ أن إخترت الطريق عن طريق أحببتها وتعلقت بها فأحزنتني وأسعدتني ودائما نفس النتيجة ، أما الآن فضاع كل ما كان في الحسبان وتبعت مسار الخصاص لعله يعوضني عن كل ما فات.

في هذا اليوم الغامض، المتقلب المزاج بين غيم ينسى أن يمطر وشمس تأبى الرحيل وبين هببب الرياح الباردة برودة مشاعرنا وبجفافها.

أتجول في هذه المدينة¹ الأزلية بتراثها وتاريخها ،والتي لا تتبدل ولا تتغير ثيابها مع تعاقب الفصول ، شرذ ذهني ، وتاه فكري ، محاولا إستيعاب عبارة " أختك ماتت" وما تحمله من حمولة فكرية ورسائل مبطنة ، معلنة بذلك إقبار المسار وعن نهاية السبيل.

تذكرت انه كانت لنا مع بداية السبيل حكاية ، ولكل حكاية بداية وكذلك نهاية ، فكانت " اختك ماتت" بمثابة إعلان مدوي لسقوط  صارخ لأغلى عنقود من العناقيد إسمه "البلهوشة²".

تذكرت كذلك قولنا في إحدى التدوينات : 

"ﻣﻦ ﺃﺻﻌﺐ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺃﻥ ﺗﻔﺎﺭﻕ ﻣﻦ ﺗﺤﺐ ﻭﺗﻐﻴّﺮ ﻣﺎ ﺗﺄﻟﻒ، ﻭﺍﻟﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺷﺎﻕ ﻭﻣُﺮ، ﻛﺄﻧﻪ ﺍﻟﻌﻠﻘﻢ ﻗﺪ ﺻُﺐ ﻓﻲ ﻛﺄﺱٍ ﻭﺍﻟﻨﻔﺲ ﻣﺮﻏﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺗﺸﺮﺑﻪ، ﻓﺘﺘﺠﺮﻋﻪ ﻭﻻ ﺗﻜﺎﺩ ﺗﺴﻴﻐﻪ"

هي من أصعب الأمور نعم ، لكن الواقع سيد نفسه، والرضوخ له مطلب انساني حضاري ، فلعل الله يحدث بعد ذلك أمرا.

ﻭﻛﻠﻤﺎ ﻧﺴﻴَﺖ ﺃﻭ ﺗﻨﺎﺳﺖ ﺗﺠﺪﺩﺕ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﺬﻛﺮﻯ ﻓﺂلمت النفس ﻭﻧﻘﻀﺖ ﺗﻤﺎﺳﻜﻬﺎ، ﻭﺍﺗﺠﻬﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺰﻥ ﺗﺴﻠّﻢ ﻟﻪ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻟﻌﻠّﻬﺎ ﺗﺠﺪ ﻓﻴﻪ ﺭﺍﺣﺔ، ﻓﺘﺼﻄﺪﻡ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ، ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺑﺄﺣﻜﺎﻣﻪ ﺍﻟﺠﺎﻓﺔ، ﻳﺮﻯ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮﺭ ﺍﻟﺼﻮﺍﺏ ﻭﺍﻟﺨﻄﺄ ﻭﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻭﻋﺪﻣﻬﺎ، ﻻ ﻳﺮﻯ ﻟﻠﻨﻔﺲ ﻋﺬﺭًﺍ ﻓﻲ ﺷﻌﻮﺭﻫﺎ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺗﺒﻴﻦ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﺼﻮﺍﺏ، ﻭﻳﻘﻒ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻟﻠﻨﻔﺲ ﻭﺍﻋﻈﺎ، ﻧﺎﻫﻴﺎ ﺇﻳﺎﻫﺎ ﺃﻥ ﺗﺤﺰﻥ، ﺁﻣﺮﺍ ﺇﻳﺎﻫﺎ ﺃﻥ ﺗﺼﺒﺮ، ﻣﺨﺒﺮﺍ ﺇﻳﺎﻫﺎ ﺃﻧﻬﺎ ﺍﻷﻗﺪﺍﺭ ﻭﻣﺠﺎﺭﻳﻬﺎ، ﻭﺃﻧﻬﺎ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺳﻨﺘﻬﺎ، ﻭﺃﻧﻪ ﺍﻟﺤﻖ ﺃﺣﻖ ﺑﺎﻻﺗﺒﺎﻉ، ﺣﺘﻰ ﺇﺫﺍ ﺍﻧﺘﻬﻰ ﻣﻦ ﻭﻋﻈﻪ ﺷﻨّﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺷﻌﻮﺭﻫﺎ، ﻭﺃﻣﺮﻫﺎ ﺃﻥ ﺗﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ ﻃﻔﻮﻟﻴﺘﻬﺎ ﻭﺟﻨﻮﻧﻬﺎ، ﻭﺍﻟﻨﻔﺲ ﻣﺴﻜﻴﻨﺔ، ﺗﻌﺮﻑ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺳﻴﺪﻫﺎ ﻭﺃﻥ ﻣﺎ ﺗﻘﺘﻀﻴﻪ ﺃﺣﻜﺎﻣﻪ ﺃﺟﺪﺭ ﺑﺎﻻﺗﺒﺎﻉ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺫﺍﺗﻪ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﺤﻜّﻤﺔ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻳَﻌْﺮِﺽ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﺗﺸﻌﺮ به ﻭﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﻐﻴﻴﺮﻩ ﺑﻴﻦ ﻋﺸﻴﺔ ﻭﺿﺤﺎﻫﺎ.

 ﻗﺪ ﺃﻓﻠﺢ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻋﻘﻠﻪ ﻣﺘﻔﻬّﻤﺎ ﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻼ ﻳﺤﻤﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻐﻴّﺮ ﺟﻤﻠﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ، ﺑﻞ ﻳﺄﺧﺬ ﺑﻴﺪﻫﺎ ﻓﻴﻨﺴﻴﻬﺎ ﺃﺣﺰﺍﻧﻬﺎ ﻭﻣﺎ ﺍﻋﺘﺎﺩﺗﻪ ﺷﻴﺌﺎ ﻓﺸﻴﺌﺎ.

أختي ماتت ، فرجائي لكم أن ترفعوا أكفكم للسماء داعيين بها بالرحمة والرضا والقبول الحسن وأن يوسع لها في قبرها.

 اقرأ المزيد لـ صلاح الحمداني


لإرسال مقالاتكم و مشاركاتكم
يرجى الضغط على كلمة  هنا 


ليست هناك تعليقات