تورق شجيرات ثقافية هنا، وهنالك، ولا تجد من يقطف ثمارها، ويبادر إلى أزهارها، فيمتص الرحيق، ويولع بالأغصان، ويلتذّ بالاخضرار...!
ويتوالى الدفق الثقافي والفكري، وأرباب اللحظة والمكان، والحكمة والزمان، والإنسان والجبال ، وصنعة الكلام، وعأزمة الجدب الثقافي..؟!
ازفو النقد، والبيان، غير متفاعلين التفاعل الإيجابي الثقافي،،،! وكذاك الجمالي،،، وفي مثل روسي : (كما الريش يزيّن الطاووس كذلك الثقافة تزين الإنسان)
تُرى ما السبب ؟!
فكّر النقاد في القديم والحديث، وقالوا :
١/ نخبوية الثقافة أحيانا وصعوبتها ،،! ولكنها ليست صعبة على كل حال كأمسية شعرية أو قصصية، أو تاريخية،،،!
٢/ انشغال الجيل بلقمة العيش، وضيق الأوقات الملائمة للحضور والتبكير .
٣/ الزهادة الذاتية والفكرية في التطوير وصناعة المثقف الحقيقي والمتفاعل مع الجماهير والأوساط الثقافية ، أو اعتقاد ترَفية الثقافة، وأنها من الزمن المهدور، والتعاطي الممجوج ...!
والزهدُ يحسنُ في الأمور وزهدُكم// بثقافةٍ متعثرٌ ومذمّمُ
لولاها ما عزفت لحونُ عقولِنا// أو أنها من عزلةٍ تتكممُ !
٤/ تقالّ الجهود المبذولة على المستوى الثقافي .
٥/ الخشية النقدية حين التفاعل أو إبداء وجهات النظر، بحيث يحصل ادعاء بلا برهان، وتعقب بلا تأصيل ، فيؤثر عندئذ الغياب الصامت ، وهذا لا يليق بمدعي الوعي والثقافة، لأنهم ارباب مسؤولية ، وعليهم تبعات، وكما قال تشومسكي: ( المثقفون لديهم مشكلة : عليهم تبرير وجودهم ) .
٦/ التوجس الأيدولوجي، وهذا معطاه الشللية والخلفية السابقة عن أشخاص ومدارس ومصنفات..! مع أن الثقافة تستوعب الجميع إذا حضرت الحجة والبرهان .
وليس الغريب أن نتثاقف ونتناقش، بل الغريب أن لا نختلف، لأن الثقافة ليست قضية جامدة حدية، بل مستودع للنقاشات والأخذ والرد، والكر والفر..!
٧/ الفهم الثقافي المغلوط مسبقا، من حيث الاحتكار والتصنيف ، أو طغيان المجاملات ، برغم أن النوادي الثقافية تفتح المجال للحوار والنقاشات الجادة .
٨/ ضعف الاطلاع القرائي، وهزالة التواصل المعرفي ، وبالتالي يتصاعد الزهد، ويكثر اللغو، وتذبل شمعة الإبداع ..!
ويعاين فئات أن الاطلاع كلفة، والقراءة مشقة، فسيتهين بالتثقف والعلم، ولئن صح ذاك من عامة أو سطحيين، لا يصح أن يتزعمه متدينون، فضلا عن دعاة وطلبة علم...! وقد علموا ما للثقافة من ثمار وأبعاد عقلية ومعرفية واجتماعية...!
وظاهرة الإجداب تضاعف من تعقد المشهد الثقافي وتغازر مشكلاته، وترمي به للشللية، ووأد الإبداع، والسير على صهوة التقليدية، والتنكف عن النقد ورفض التقويم الثقافي، بحيث تُضفى الجلالة على بعض الأعمال الثقافية، ولا زالت خداجا، وإنما تطبل لها وسائل إعلام غير موثوقة، فتجعل الهزيل قويا، والقوي هزيلا، لتحكم وتقنن وفق هواها...!
ولئن جفت المكتبات من الرواد، ما ينبغي أن نساعد على جفاف الوعي الثقافي والإبداعي، ولئن كانت القراءة ثقيلة، لا يصح جعل الحضور والتفاعل ثقيلا..!
إن حملة العلم والثقافة يتحملون مسؤلية كبرى، لتدارك الأوضاع ، وتصحيح المسار الثقافي، والضخ بعقاقير الإنعاش في جسده المتراجع، والذي قد يستمكن منه السقم...!
٩/ غياب مفهوم الوعي الذاتي والمجتمعي، وأن الثقافة بوابة لتحقيق ذلك، متى صح العزم، وصدق الحرص، وتوالت الجهود لطمس كل معالم التخلف والتبعية والهوان ، قال تعالى:(( وقالوا لو كنّا نسمع أو نعقل ما كنّا في اصحاب السَّعير )) سورة الملك .
١٠/ ضعف المبادرات الثقافية والاجتماعية، والتسليم للتقليدية وتداعياتها، وأن التثقيف عملية موجهة ومبرمجة، ومن المستحسن تركها تمضي بلا إدارة أو تحفيز،،! وهو من آثار الزهادة والضعف القرائي .
وأتوقع أنه لعلاج ذلك، تأكد يقظة الجهات الثقافية، وقيامها بدورها اللائق، والإعلاء من شأن الثقافة، وانتفاضة التعليم معرفيا وثقافيا ، وتحول تجمعاتنا من ملتقيات إجمام إلى صوالين ومنتديات ثقافية، ومعارض كتب نشطة، ومسابقات تأوي للكتاب وشرفه واطلاعه، واندماج الموهوبين عمليا في المسار الثقافي، والله الموفق .
ومضة/ جدب المثقف شكل من تراجع المد القرائي والزهادة في ذلك ، وهي من معضلات تعليمنا .
|
ليست هناك تعليقات