عقد حزب البديل لألمانيا (AfD) مؤتمره في مدينة شتوتجارت نهاية الأسبوع الماضي و طرح فيه للمرة الأولى برنامجه الحزبي. فما هي اهم نقاط هذا البرنامج و ما علاقة ذلك بالإسلام و تدفق اللاجئين الى المانيا؟
لقد أصبحت نجاحات هذا الحزب في الانتخابات الإقليمية لولايات المانية متعددة تؤرق شرائح المجتمع الألماني المتحررة من قيود الماضي والتي تتطلع الى سياسة ليبرالية تضيء الوجه الإنساني للشعب الالماني و تبعد عنه شبح العنصرية و التطرف.
كما كان متوقعاً فقد تضمن برنامج حزب البديل نقطتين أساسيتين ستشكلان محور نشاطاته في المستقبل لمحاولة حصدأصوات الناخبين الألمان و خصوصاً في الانتخابات البرلمانية لأعضاء البونديستاج في العام المقبل.
النقطة الأولى: الإسلام
يعتبر حزب البديل الدين الإسلامي غير تابع لألمانيا كالديانات الأخرى المسيحية و اليهودية. على الرغم من ان هناك اعضاءً في الحزب حاولوا اثناء النقاش تغيير نص الجملة المتعلقة بالإسلام “من الإسلام لا يتبع لألمانيا” ليصبح “الإسلام السياسي لا يتبع لألمانيا”حيث أراد هؤلاء الأعضاء التفريق بين الإسلام كدين و الإسلام السياسي الراديكالي. و قد حاول بعض الأعضاء وضع نص في برنامج الحزبيطلب من المسلمين تحديث دينهم ليصبح مقبولاً للمجتمعات الأوروبية،لكن هذه المحاولات باءت بالفشل و بقي النص الأصلي بدون أي تغيير. لقد رأت غالبية الحزب بان الإسلام مرفوض ككل لذا فان ليس هناك داعٍ لتحسين صورته اوروبياً.
النقطة الثانية: اللاجئون
للحد من تدفق اللاجئين الى المانيا طالب حزب البديل بإغلاق الحدود الأوروبية اغلاقاً تاماً في وجه اللاجئين، كما طالب بان يتم التقريرفي حماية اللاجئين الذين يستحقون الحماية مباشرة على الحدود و ليس بعد وصولهم الأراضي الألمانية.
لقد رفض الحزب ايضاً قدوم اللاجئين الى المانيا من دول أوروبية لأسباب اقتصادية.
اود هنا ايراد بعض ملاحظاتنا على نقاشات و نتائج هذا المؤتمر الحزبي:
اولاً: لقد تم إزالة الأفكار الراديكالية قبل بدأ نقاش برنامج الحزب و التي تضمنت منع إقامة المساجد و منع تطهير الأولاد وذلك من اجل محاولة استمالة بعض شراح الوسط و الابتعاد عن التصادم مع اللوبي اليهودي القوي و المؤثر في المانيا.و من اجل هذا الهدف تم التوصل الى تغيير النص الأصلي في برنامج الحزب المتعلق برفض عملية الذبح للمواشي و الأبقار التي يقوم بها المسلمون و اليهود على حد سواء. لقد تم التوصل الى الموافقة على ذلك بشرط ان يتم تخدير الذبيحة كهربائياً قبل ذبحها بوقت قصير.
ثانياً: لقد طالب الحزب بالتوجه لدعم زيادة نسبة الانجاب للمجتمع الألماني. يظهر ذلك التخوف الديمغرافي للمجتمع الألماني و المجتمعات الأوروبية عموماً لتدني نسبة الانجاب عندهم و ازديادها عند الأقليات الأجنبية ذوي الأصول الإسلامية.
ثالثاً: محاولة الحزب التخلي عن بعض نصوص الدستور الألماني الذي يطالب بالحرية الشخصية و حرية الأديان و التساوي امام القانون.
يشكل برنامج حزب البديل رحلة الى الماضي كما وصفته ميلاني امان الكاتبة في مجلة دير شبيجل الألمانية.
رابعاً: عدم توفر أي مستوى من الاحترام للإسلام و المسلمين لعدم وجود أي قوة سياسية اسلامية في المانيا قادرة على فرض الاحترام اللازم الذي يستحقه ديننا الوسطي الذي يحترم أبناء البشر كافةً بدون تمييز.
مما لا شك فيه بأن هناك مسؤولية كبيرة تقع على كاهل القوى الليبرالية و المحبة للسلام التي تتخذ من التسامح و احترام الآخر و قبوله داخل مجتمعاتهم منهجاً لسياساتها و اسلوباً لحياتها التي ترغب من خلالها بإحلال السلم الداخلي و الإقليمي و العالمي و ابعاد شبح الحرب و الإرهاب عن اوطانها.
من اجل الأمجاد الشخصية لكسب منصب حكومي تخلى سياسيون المان عن سياسة أحزابهمو مبادئهم التي ناضلت من اجلها احزابهم لسنين طويلة. لقدسبب ذلك ابتعاد الناخب الألماني عن دعم الأحزاب التقليدية كحزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي بزعامة انجيلا ميركل و الحزب الاشتراكي الاجتماعي بزعامة سيجمارجابرئيل. مما دعى الناخب الألماني الى التوجه لانتخاب بديل جديد.
هل سنرى وجوهاً جديدة تتسلم الزعامة في الأحزاب الألمانية العريقة للتصدي لليمين؟
هل سيرضى الشعب الألمانيبالعودة الى الوراء؟
ام هل سيجد السياسيون الألمان الوصفة السياسية التي تعيد الى احزابهم ثقة الناخب الألماني و تبعده عن الارتماء في أحضان اليمين المتطرف؟
هذا ما سيؤكده او ينفيه المستقبل القريب.
|
ليست هناك تعليقات