يجب أن نحفظ واقعنا عبر حفظ علاقاتنا الاجتماعيّة والإنسانيّة، وجعلها بمأمن من تداعيات المصالح، الّتي باتت ـ للأسف ـ تتحكّم بهذه العلاقات، ما يضطرّ البعض إلى التزيّن والخداع إرضاءً لفلان أو فلان، بحكم المصلحة الّتي تجمعهم، وهذا لا يمتُّ إلى الأخلاق الإيمانيّة والإنسانيّة بأيّة صلة، إذ ما ينبغي أن يحكم العلاقات بين الأهل والأرحام والأصدقاء وزملاء العمل، الصِّدق والصَّراحة والإخلاص، فأيّة علاقةٍ تنحو منحى تغليب المصلحة الشّخصيّة، فإنّها لن تدوم لافتقادها إلى الصِّدق والصَّفاء.
من هنا، لا بدَّ من أن نواجه لبس الأقنعة عند البعض، وعند أنفسنا أيضاً، وأن نظهر بمظهرٍ واحدٍ يتَّسم بالصّدق والوضوح، كي نعبِّر عن أحاسيسنا أكثر وعن مواقفنا وشخصيّاتنا أكثر، ومن هنا أهميّة تربية الأولاد على قول الصّدق والصّراحة وعدم الخداع والنّفاق.
كما على الكبار أن يكونوا قدوةً للصّغار، فالزّوجة عليها أن تكون مثالاً للأولاد في صدقها وصراحتها في علاقتها بهم وبزوجها وبجيرانها، كما على الزّوج أن يكون الصَّادق مع أولاده وزوجته في معاملته وتصرّفاته. أيضاً، على زملاء العمل أن يكونوا الصَّادقين الّذين يبنون علاقاتهم على أساس التزام الحقيقة والصّراحة والوضوح في التّعاطي، فهذا ما يعمّق العلاقات، ويجذِّرها أكثر، ويجعلها قويّةً ومستدامة.
ويرى مختصّون نفسيّون أنَّ النفاق مرض نفسيّ أخلاقيّ هدفه تحصيل الرّضا والقبول من المحيط على حساب الحقيقة وتغييبها، وذلك ما يدفعهم إلى العيش في وهم كبير، واختراع الأساليب والكلمات الّتي تخدم نفاقهم، فالمنافق صاحب شخصيّة ضعيفة غير متّزنة لا بدَّ من متابعتها وعلاجها.
على الجميع أن يعلم أنَّ التزام الصِّدق، وعدم التملّق والنّفاق، يؤمّن لنا الاستقرار والسّلامة النفسيّة، ويزيد من تماسك العلاقات الاجتماعيّة وانفتاحها وترابطها على أسس صحيحة وسليمة، فواقعنا يحتاج فعلاً إلى أناسٍ يمارسون أخلاق الصِّدق وأخلاق الفضيلة، إذ يكفي ما تعانيه المجتمعات من نقصٍ وضعفٍ وسقوطٍ في علاقاتها الأسريّة والعائليّة، فإذا ما أردنا مجتمعاً صحّياً سليماً، فإنّنا بحاجةٍ إلى ممارسة الصِّدق في مقابل النّفاق، والعمل على مواجهة النّفاق بالأسلوب المناسب.
إنَّ قوَّة شخصيَّة الإنسان في مدى صدقه وصراحته وثقته بنفسه وإيمانه بالحقّ، بعيداً عن أجواء النّفاق الموبوءة الّتي لا تخلق إلا التوتّر والقلق والمشاكل.
|
ليست هناك تعليقات