جسر «أفريقيا – آسيا».. تاريخي بمعنى الكلمة .. بقلم : فيصل الزامل
«أولا»، ربط آسيا مع أفريقيا عبر سيناء بجسر طوله 10 كيلومترات له آثار اقتصادية لا محدودة على الوطن العربي بأسره وليس على مصر والسعودية فقط، فالنقل هو شريان الحياة للشعوب في قطاعات السياحة والتجارة والعمل، وستتم تغطية تكلفته البالغة 4 مليارات دولار خلال 8 سنوات. والاقتصاد هو التحدي الأكبر لجميع الدول، وبالذات مصر في المرحلة الحالية، حيث من المتوقع أن يرفع المشروع عائداتها بواقع ملياري دولار سنوياً، هذا الانتعاش له انعكاساته حتى على مواجهة الإرهاب بما يوفره من فرص عمل ضخمة تجفف البيئة التي يستخدمها الإرهاب من بطالة ونقص خدمات. وقد سبق للأردن أن عقد اتفاقاً مع المملكة العربية السعودية عام 1965 للوصول الى خليج العقبة، حصل بموجبه على مساحة 6000 كلم2 مقابل 7000 كلم2 في الصحراء للسعودية، وهي بالنسبة للأردن تمثل نقلة من دولة صحراء بلا موانئ الى مدينة ساحلية. في حالة جسر «أفريقيا – آسيا» سيؤدي المشروع إلى خفض حوادث النقل البحري المؤسفة، وتقصير زمن السفر بين البلدين الى النصف، وتوليد وظائف في البلدين (320.000 وظيفة في السعودية، وخمسة أضعافها في مصر)، وتسهيل تنقل مليوني مصري في السعودية، و2.5 مليون من بقية دول الخليج،. وقد رحّبت الاوساط المصرية الفاعلة بهذا المشروع عند الاعلان عنه في 2015، ثم.. مع مرور الوقت كتبت بعض الاقلام تعارضه من زاوية اعادة جزيرتي صنافير وتيران الى السعودية، رغم ان الاتفاق حفظ لمصر حق الافادة من الثروات الطبيعية في تلك الجزيرتين (نفط، معادن) اذا وجدت، بغير تحميلها كلفة التنقيب.
«ثانيا»، بعد الحملة الصحافية وصل هذا الموضوع الى القضاء المصري الذي انتهى الى سلامة القرار المصري بشأن الجزيرتين، ومن ثم متابعة تنفيذ مشروع الجسر الذي لم يجد معارضة حتى من اسرائيل، الا أن هناك طرفا غير اسرائيل في المنطقة يتوجس من هذا الجسر في ضوء تجربته مع جسر البحرين (25 كيلومترا)، الذي استخدمته قوات درع الجزيرة لتأمين استقرار البحرين في مواجهة محاولات التدخل الخارجي، وبموجبه فإن جسر «مصر – السعودية» يمثل أهمية مماثلة، بل هي تعادل مئة ضعف أهمية جسر البحرين من الناحية الاستراتيجية.
«ثالثا»، مصائر الشعوب لا يمكن تركها لأشرطة تهريج مدفوعة الثمن، ولا حتى لمحامين يوظفون معاناة الآخرين مثلما حدث في اتفاقية غاستا التي ندم الكونغرس على اصدارها تحت ضغط هؤلاء والاعلام الذي اكتشف متأخرا ارتدادات تلك الاتفاقية، فمصر اليوم تواجه خطرا مزدوجا (أمنيا – اقتصاديا)، وبالقدر الذي تتحقق فيه انجازات اقتصادية كبرى يتراجع الخطر الأمني، وسوف يسجل التاريخ لقادة البلدين هذا الانجاز. واذا كان حفر قناة السويس سنة 1869 قد نفع المجتمع الدولي في النقل البحري، فإن منافع هذا الجسر ستنصب على مصر والوطن العربي بشكل حصري.
فيصل عبدالعزيز الزامل
ليست هناك تعليقات