عاد منتخب البرازيل إلى مكانه الطبيعي بعد فترة غياب طالت منذ ما بعد التتويج بلقب مونديال 2002 في كوريا الجنوبية واليابان. عوامل عدة أسهمت في استعادة "السيليساو" عافيته وهيبته ومكانته بين كبار الكرة العالمية.
أن يفوز المنتخب البرازيلي على منتخب بحجم الأوروغواي 4-1 في عقر داره في مونتيفيديو في مباراة ضمن تصفيات كأس العالم 2018 وليس في مباراة ودية في ظل اشتعال المنافسة على التأهل وذلك بعد الفوز الكبير على الجارة الغريمة الأرجنتين 3-0 فهذا ليس بالأمر العابر على الإطلاق. أن يتصدر "السيليساو" بعد 13 جولة بفارق 7 نقاط عن الأوروغواي نفسها وبـ 8 نقاط عن الأرجنتين الثالثة بعد تحقيقه 7 انتصارات متتالية، وهذا ما لم يفعله سابقاً في التصفيات، فهذا، أيضاً، غير عابر.
هذا المشهد إثبات بأن منتخب البرازيل عاد إلى مكانه الطبيعي بعد فترة غياب طالت منذ ما بعد التتويج بلقب مونديال 2002 في كوريا الجنوبية واليابان وتحديداً منذ تلك المباراة في ربع نهائي كأس العالم 2006 عندما تلاعب النجم الفرنسي السابق زين الدين زيدان بالبرازيليين وتقمّص دورهم بتقديم الكرة الساحرة حيث مثّل الخروج من ذلك المونديال نهاية جيل رائع ضم أساطير أمثال رونالدو وريفالدو وروبرتو كارلوس وكافو وغيرهم. ثم كان الخروج مجدداً من ربع نهائي كأس العالم 2010، إلى أن جاءت الكارثة الكبرى والسقوط المدوّي في نصف نهائي كأس العالم 2014 على الأراضي البرازيلية وتحديداً في ملعب "بيلو هوريزونتي" الذي شهد أسوأ هزيمة في تاريخ "السيليساو" بسباعية لواحد أمام ألمانيا.
لكن ما يُحسب للبرازيليين أنهم استطاعوا النهوض سريعاً من تلك الكبوة رغم فداحتها وتأثيرها السلبي معنوياً، إذ ليس خافياً أن البرازيل برمّتها تعرضت لإحباط كبير جراء تلك الهزيمة بعد أن كان البرازيليون يأملون إحراز اللقب السادس على أرضهم وتعويض الفشل في مونديال 1950 بخسارة المباراة النهائية في "ماراكانا" أمام الأوروغواي.
ولعل عوامل عدة أسهمت في استعادة المنتخب البرازيلي عافيته وهيبته ومكانته بين كبار الكرة العالمية. وهنا لا يمكن طبعاً إلا الإنطلاق من الدور المؤثر للمدرب تيتي الذي فاق ما يقدمه مع "السيليساو" كل التوقعات خصوصاً أن الرهان عليه كان محطّ قلق للبرازيليين ذلك أنه قادم من الظلّ بدلاً من الشهير كارلوس دونغا. لكن تيتي عرف كيف يصنع توليفة متجانسة وقوية في كل الخطوط، والأهم هو عنصر التحفيز والجانب النفسي الذي اعتمده مع اللاعبين لإخراجهم من الإحباطات السابقة.
المسألة الثانية تمثلت بالثقة التي راكمها المنتخب من خلال الإنتصارات المتتالية وهذا ما انعكس حالة معنوية مميزة لدى اللاعبين وقدرة فائقة على مواجهة التحديات. عامل الثقة تحدث عنه النجم فيليبي كوتينيو حيث اعتبره "مفتاح" النجاح الذي تحققه البرازيل حالياً، لافتاً إلى أن الإنتصارات "خلقت أجواء رائعة في المنتخب".
كذلك، فإن بروز العديد من اللاعبين في الأندية الأوروبية أمثال كوتينيو وفيرمينو ودوغلاس كوستا فضلاً عن ظهور الواعد غابريال جيسوس شكّل إضافة نوعية للمنتخب البرازيلي وأسهم في تخفيف العبء عن نيمار الذي كان يتحمل لوحده مسؤولية قيادة المنتخب، وهذا الأمر صبّ في مصلحة المجموعة ككل.
اليوم، لم يتوان القائد السابق لـ "السيليساو"، كافو، في تصريحات لصحيفة "غلوبو سبورت" عن القول أنه يرى "السيليساو" بطلاً للعالم في مونديال 2018. الحقيقة أن هذا الإنطباع ينسحب على الشعب البرازيلي ككل الذي استعاد ثقته بمنتخبه وهذا ما يظهره، على سبيل المثال، حضور 13 ألف مشجع الحصة التدريبية أمس استعداداً للمباراة المقبلة أمام الباراغواي في التصفيات. ما هو واضح أن "السيليساو" يعيش بزوغ فجر جديد، فيما يأمل البرازيليون أن تسطع شمسهم على الأراضي الروسية الصيف المقبل.
المصدر: الميادين نت
ليست هناك تعليقات