شاعرُ البيت الأخير ما زال مخدوعاً بالعرب رغم موته الحيِّ فهل يموتون و هم أحياء موتى
في مشوار سابق إلى استانبول عام 2014 مررت ببيروت و حجزت في شركة طيران في شارع الحمرا فسئلت السؤال المتداول أستاذ هل أنت موظَّف قلت نعم قالوا حيَّاكَ الله و أنت في طريقك لتنشقَّ عن هذا النظام المجرم
و كنت وقتها أمين فرقةٍ حزبيةٍ في حزب البعث العربيِّ الاستراكيِّ الذي ما زال من أشدِّ الأخطار عليه تدجيجه بالمتدينين المنافقين الساعين إلى تفتيت المفتت فيه و الذي كنت و ما زلت مع الرفيق الأمين القطري للحزب الدكتور بشار الأسد الداعي إلى تطوير خطاباته السياسية كي تتمتَّع بالعقلنة و الواقعية و الفعل المتوائم و المتناغم مع القول بعيداً عن نظريات أدلجته من جديد أو علمنته بلباس متجدد أو تعبئته بأناس يفهمون الفرق بين القطيع الأبيض و القطيع الأسود
عندما يحملون رتبة العقل المنشود و التي تحتاج جلسات لا تنتهي من التجارب و الإسقاطات فقلت لهم ببرودة أعصاب و من قال لكم أنَّ النظام مجرم و أنتم الآن تجرِّمون أنفسكم و ضمائركم و وجدانكم بالانجرار وراء الأكاذيب المعلنة و التي وجِّهت إعلامياً من إمبراطوريات الإعلام الحاقدة في قطر و السعودية و واشنطن رعاة الإرهاب و الإجرام و خالقيه في منطقتنا
التي ما زالت رمادية لا أبيض يطليها و يظهرها ناصعة و لا أسود يخفيها حينها تذكَّرت زوج ابنة عمتي المولودة في حيِّ الجراجمة الذي سقط فيه رأس العرعور مولوداً لقدره المجبول بالخطابات الآسنة و هو شيخٌ إماراتيّ من عائلة المزروعي العريقة إلى حد الجحشنة العربية المؤدلجة بذكاء التقيته عندما زرت عائلة عمَّتي أو كما يقال بالأسلوب الديني وصلت رحمي الباحث عن سرَّة الإنسان !! في بيتها حيث كان صهرهم العتيد في زيارة صيفية إلى سورية و كانت زوجته تربي وقتها بنتين و طفلاً قد أنجبتهم و كانوا قد قطعوا شوط الست سنوات في ذلك الحين
و يقولون على صغر سنِّهم في سورية نظام علويٌّ كافرٌ هنا استحضرت في رأسي قواميس ابن تيمية و استجلبت مباعث كفري الذي كان في مخاضه يوم كنت أراهق بنضجٍ في الثانوية و طرقت باب الغزالي كي أبحر من شطآن بحار الفلسفة الإسلامية إلى أعماقها فلم أجد لدى الطبريِّ إلا تفاسير من أكوام الحجارة التي رجمته كي يتنافي توحيديٌّ مع تبريزيّ في تفسير الدين و التاريخ المؤرَّخان للسلطان بأيادي أعوان السلطان
و حملت أطراف ابن المقفَّع و رحت أحرقها كي لا أدخل عار التاريخ و كي لا أحمل أحقاد الديانات التي مذ وجدت إلى الآن لم تقف سيول الدم و لم ترتفع راية الإنسان بل تربَّع على عرشه سلطان المصالح التي ستدفنُ مضرَّجةً بدماء سلاطينها إذا ما اتُفق على بناء الإنسان بمواطنته العادلة الناطقة غير الخرساء و بأمانه الروحيّ و بحريَّته الدنيوية المسؤولة و بديمقراطيته المرسومة مؤسساتياً وفق رؤى وطنية خالصة غير ملوثة بالتبعية للفاسدين المتنفذين في الداخل و لأعوان الخارج المتآمرين على الأوطان و الإنسانية في كل العصور
فلا عصر يبتعد عن ظلمته ما لم ينر الإنسان وجدانه و ما لم يكن من دعائم استمراره فغرناطة بقيت ثمانية قرون و انقرضت تقريبا و الاحتلال العثمانيُّ بقي أربعة قرون و ما زال معشِّشاً في تفاصيل تفاصيل أممنا المتناحرة لا أمتنا الواحدة
و الدليل أبناء صهر عمَّتي الإماراتيّ فكيف نخرج من ولاءاتنا القاصرة العابرة لكلِّ قيمةٍ من قيم رشدنا الإنساني و ليتها تعبرها فقط بل تدفنها كي تموت موؤودة حيث ولدت و كيف نستحضر ابن رشدٍ من قرطبته في كأس جهالتنا و شاعر البيت الأخير الشهير ما زال يسكرنا بأمجاد العرب الرعاع في الأندلس قائلاً :
قلـت يـا حسنــــــاء مـن أنـت و من...... أيِّ دوحٍ أفـرع الغصـن وطـالا
فـرنَّـتْ شامـخـــــــــة أحسبـهــــــا ..... فـوق أنـسـاب البرايـا تتعــالـى
وأجابـت أنــــــــا مــن أنـدلــــــس ...... جنـَّة الدنيـا سـهـولا وجـبـــالا
وجـدودي ألمــــــح الدهــــر علـى ..... ذكرهـم يطـوي جناحيـه جـلالا
بـوركـت صحـراؤهـم كم زخـرت ..... بالمـروءات رياحــــا ورمــالا
حمَّلـوا الشـرق سنـــــــــاءً وسنـىً ....و تخطـوا ملعـب الغـرب نضـالا
فنمـا المجـد علـى آثــــــــــــارهـم ..... و تحدَّى بعـدمـا زالـوا الـزوالا
هؤلاء الصيـدُ قومــــــــي فانتسـبْ .....إن تجدْ أكرم من قومـي رجـالا
أطرق الطـرفُ و غــــامـت أعينـي .... بـرؤاهـا و تجــاهلـت الـســؤالا !!!
ليست هناك تعليقات