المواطنة المؤسَّساتيّة هي فعلٌ ينطلق من حيث لا يتوقَّفُ تدفُّق الواجبات في عروقنا و عقولنا و وجداننا و يكمل دربه من حيث لا نتنازل عن حقوقنا و لا نصمت عن الخطأ حقوقنا التي يُخبِّئها البعض و يقفلون عليها كي يأكلها الفساد بدلاً من أن تستأصله من تخاريم المؤسَّسة التي يتعالى فيها النخر حتَّى يكاد ينطق برموز الفساد الذين أضاعوا وجوه المؤسَّسة و لم نعد نميِّزها للأسف عن قفاها و مضى يصوِّرُ ثقوبه الطاغية حالةً صحيَّةً لا مثيل لها و لا مفرَّ من التهوية بهوائها الذي صوَّروه نقيَّاً كي يستمرئ المرءُ النظيف رائحة الأجساد المهترئة الفاسدة و ثقافة التضحية هي فيصل يشفي المواطنة فعيسى و ابن رشد و لوركا و الحلاج و لوركا كلهم قضوا بهذه الثقافة !!............
المواطنة المؤسَّساتيَّة التي تكلِّف المؤسَّسة صرحها الإنتاجي ليست بمواطنة بل هي حلقة من حلقات الفساد الذي هو هيكلٌ هرميّ علينا هدُّه والحذر من خنق الإنسان تحت ركامه و علينا وفق ذلك إصلاح هرم المؤسسة و المجتمع من قاعدته قبل قمَّته فثقافة لن يغيِّر الله ما بقومٍ حتَّى يغيِّروا ما بأنفسهم هي ثقافة دينية قرآنية و إنجيلية و توراتية و علينا أن نسقطها إنسانياً كي يدرك أبناء الوطن أنَّهم كما يكونوا يولى عليهم و ليس كما يكون أعداؤهم أو كما يريدون أي أنَّ هرم دولتهم المؤسساتية و نظامهم القانونيّ يبدأ بثقافة الإنسان الإنسان القاعدية كي يصل إلى قمَّة المسؤول الإنسان و علينا قطع الرأس الذنب و الذنب الذنب كي لا ندع رؤوس الفساد و أذنابه يتصيَّدون أبناء الوطن المخلصين البعيدين كلَّ البعد عن الانخراط بجولات الفساد التي ما زالت تكسب بسبب الالتفاف على القانون و بسبب الفراغات المخترقة في هياكل المؤسَّسات التي تلعب على نصوص القانون بمرونة بل بانصياع لما سوى القانون مع الموظفين الكبار البعيدين عن الإنسانية و بمطرقة تهدُّ رؤوس و عظام الإنسان الحقيقي إذا ما أراد المضيّ بإنسانيَّته إلى حيث تشتهي أواصر الوطن و المواطنة فلا مواطنة بغربتك الوطنية و لا وطن إذا ما تكسَّرت مرايا مواطنتك بمطارق من يدَّعون أنَّهم يرونك من خلالها و مرآة الله محبة هي الهدف و ليس المزايدة و المراوغة و النفاق و كما قال رئيس سورية الدكتور بشار الأسد " إنّ البعض ممن يتكلم عن الفساد هم أساساً من رموز الفساد والبعض ممن يتكلم عن الديمقراطية هم من أعدائها والبعض ممن يتحدث عن الشفافية هم الذين وضعوا الشعارات و اختبؤوا خلفها وعملية التطوير والتحديث لن تكون تربة خصبة للباحثين عن موقع ما تحت خارطة الزعامة" !!...........
المواطنة المؤسَّساتية تولدُ ميتة إذا ما كانت مواطنتنا الإنسانية دون رحم يسع الإنسان و إذا ما كانت مواطنتنا الإبداعية دون بويضةٍ تبحث عن نطفة الإبداع المضرَّج بدمه بعد كلِّ طعنات التسييس و الفساد و العولمة حتَّى غدت مواطنتنا الإبداعية عاقراً بين مواطنةٍ إنسانيةٍ تنهش بمواطنة المؤسَّسات التي غدت أنياباً يمسكها وحش الكرسيّ و تستغلها أفواه السلطة التي تدرك الجوع و لا تدرك الشبع و تدرك الشهوة و الشبق و لا تدرك القناعة و النشوة !!.....
المواطنة الإنسانية تنطلق من الآية الكريمة يا أيها الناس إنا جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم و من الحديث الفضيل لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى و المواطنة المؤسَّساتية تنطلق من مقولة عيسى عليه السلام أعطوا ما لله لله و ما لقيصر لقيصر و أما المواطنة الإبداعية فهي مواطنة إنسانية مؤسساتية بوصلتها الإبداع و مركبها الإنسان الحر النزيه !!............
ليست هناك تعليقات