عيد العمال يزحف إلينا بأشباح عمالية هزيلة لا تقدرْ حتَّى على تحريك سيقانها أو المشي عليها و لا تقدرْ على تمثُّل البطَّة في مشيتها الشهيرة التي باتت تسبقنا
و ربَّما تطؤنا و تتجاوزنا بأشواط من أزمان الفاسدين المقنَّعين و ها هو يسخر منَّا تشي جيفارا بسخريته المرَّة من زمن العبيد الذي يمتلئ بنا فتزداد عبوديَّته إلى حيث لا تميِّزُ بين وجه العبودية الأسود و وجهها الأبيض الناصع و هو الذي قال :
"إذا فرضت على الإنسان ظروف غير إنسانية و لم يتمرَّد سيفقد إنسانيته شيئاً فشيئاً !!"
فهل من إنسانيَّةٍ لمن لا يمسكون خيوط كرامتهم و لا يحاولون شدَّها إلى حيث تزلزل أركان الصمت على كلِّ مظاهر و قيم الفساد التي خرجت من كلِّ معنىً إيجابيّ و هي تدقُّ بمطارقها كلَّ معاني الكرامة التي تتلاشى متفتِّتةً متبعثرةً متناثرةً من قواميس دول العالم الثالث أو شعوب العالم الثالث
والتي شمَّرت عن شوائبها و نسيت أن تخرس العالم الذي لا يرى إلا سوءاتنا المكشوفة بدءاً من مسؤولينا الذين لا يدركون بلاهتهم في خبثهم انتهاءً بمواطنينا الذين لا يدركون مواطنتهم في خضوعهم و انسياقهم و سكوتهم على الخطأ و عدم استعدادهم للتضحية في مشوارهم للوصول إلى لقمة العيش الذي يسرق منهم كلَّ أفقٍ و يريدونه نزهةً من الدولة التي يصارعون أنفسهم الخائفة على مشروعيتها من عدم مشروعيَّتها ترفِّههم به على أطباقٍ من ذهب !!...........
من قراءات أممنا تدرك دوماً أنَّهم يبحثون عن وهم البطل المنقذ و مسلسل زورو الكرتونيِّ الذي يقبِّلُ لوليتا لم يعلِّمنا أن نربِّي أطفالاً على تمثُّل العمل بل رسَّخ من جديد أسطورة البطولة التي تنتهي بمكافآتٍ جنسيةٍ غرائزيَّة للعاجزين دون أدنى انزياحٍ حقيقيّ و فصلٍ ما بين الأسطورة و الحقيقة و ما بين الطوباويَّة و الواقع المعاش و ما بين الوطن و المزابل التي تفوح منها نتانة الأحقاد و الفساد و يصيح فيها ديوك الأمم المدفونة في تخاذلها
فالوطن ليس حلقة الصراع المستمرة بين أنصار جسَّاس و أنصار كليبٍ الذين ينتظرون من سيف الزير أن لا يصالح ليبقي المؤجَّج داخلهم مؤجَّجاً فلا يقدر أحدٌ على إسعافه بعد ذلك بالسلام و الطمأنينة و إذا ما دخل الوطن بين فكَّي العالم كي تنهشه أنياب المصالح فهل من الصواب و المبدئية أن ننتزع قلبه بعد أن ننهش مع أعدائه ما ننهش من جسده المنهك في أبشع أشكال الصراعات التي ما زالت تغزو عجزنا المسلَّط علينا كي يجتثَّنا بأيادينا تحت ذرائع تنبش قبور الماضي و لا تقدر على انتزاع جواهره من جسده البالي بل تسلِّم نفسها لديدانه التي لم تمت بعد و هي ما زالت تتغذَّى بكذبة البروليتاريا على عمالة المصطلح دوماً لسلطة الأقوى لا لمنهج الحقِّ انطلاقاً من البرزخ الأمميِّ اللاهوتيّ الواسع الممتد ما بين الظالم و المظلوم !!.............
و هنا لا ننسى في جولة العمَّال التي لن تنهي حربهم الطويلة ما بين كرٍّ و فرٍّ أن نستنهض أرقى قيم التضحية و نحنُ نرى جنديَّاً سوريَّاً معدماً ماديَّاً لكنَّه يرسِّخ القيمة المؤسَّساتية و القيمة الإنسانية و القيمة النضالية فهو الحلقة التي منعت سلسلة الوطن من الانهيار
رغم كلِّ محاولاتهم في الدخول من هذا الباب و ما حالات الشقاق إلا دلالة على الإسفاف الفكريّ عندما يطعن المؤسسات التي حاولوا صهرها بنيران الانشقاق كي يخلخلوا بالفراغ تسلسل البناء الذي لن ندَّعي أننا على درايةٍ بهرميته الصحيحة و لكنَّنا على درايةٍ بأنَّ انهياره المعلن يعني انهيار كلَّ قيمةٍ هزَّت كياننا كي نبقى بطوليين لا منظِّرين فندقيين من وراء البحار و خارج الحدود و بعيداً عن ساحات الحرب الحقيقية !!.
بدأت روسيا تعرِّي بمعاول جنودنا العمَّال الحقيقيين الفاعلين أكذوبة الدول الغربية و هي تدقُّ في نعوش أكاذيبهم محاولات لا تنتهي و مبادرات لن تقف في سبيل وقف نزيف الدم السوريّ
و ما المبادرة الأخيرة إلا تكتيك سينزع سلاح الغارقين في الدم بعد التلويح بالتهدئة المنشودة لا لتسمى مناطقنا منزوعة السلاح بل لتسمى مناطق مدارة الحروب سياسياً و إن بقي المتصارعون على طريق موسكو دمشق مدججين به فالطريق إلى أنقرة لن يكلِّف دمشق إلا فقراً جديداً ثمَّ هل من عالةٍ أقرب من هذه و ما زالت رواتب السوريين لا تكفي لشراء أكفانهم !!!......
ليست هناك تعليقات