في مقالٍ سابقٍ لي على صحيفة رأي اليوم كان عنوانه "مناطق آمنة تدحرج النظام العربيّ السوريّ أمْ مناطق مصالحة وطنية بإرادة دولية ؟!
" أنطلق منه لأتحدَّث عن طاولة الجنرالات و ما ستؤول إليه بعد قضم بل و نهش و ابتلاع كلِّ فرائس و غنائم الوطن المنهك كانت الظنون تحوم حوله من قبل المعارضات الراديكالية التي تدَّعي تمثيل الشعب السوريّ بكلِّ فجاجةٍ و غرابةٍ منقطعة النظير
بأنَّه في طريق انهيارٍ محتَّمٍ و أنَّ الأسد البشَّار سيترك عرش سورية الموحَّدة ليحيلها إلى تكتونات ضعيفة تتقاذفها أمواج الضغينة و اللا رأي و اللا قرار و كأنَّ سورية باتت حجر النرد الذي لا يحدِّد رقم سورية الصعب في العالم بل يضربُ في مندل الحلفاء بعد كلِّ رقمٍ كان يظنُّه الحاجون إلى قاسيون ساعة الصفر المنتظرة في إعلان تقسيم سورية التي خرجت من كأس عروبتها لتتجرَّع نفسها بالعروبة التي خادعتها
وقول و منَّا الوليد و منَّا الرشيد ما زال يعيد سؤال الأمَّة المحيِّر لم لا نسود و لم لا نشيد؟! فكيف نسودُ و نحن لسنا بسادة بل و كما يبدو أنَّنا أقوامٌ من التابعين لا يملكون راية البدء و لا مُزق النهاية أوليس أولى بمن تاهوا في الأرض أربعين عاماً و هم ينبشون كلَّ كذبةٍ في التاريخ ألَّا يسودوا فكيف بهم سادوا بما عندنا و بدأنا نغدو تُبَّعاً من اليمانيين و من الدمشقيين بما لنا و هو ليس لنا
و الأصول التي بارك بها محمد عليه صلوات الله و ربما صلوات رندة قسيس و سهير الأتاسي و جورج صبرة و ميشال كيلو و برهان غليون في شامنا و يمننا ما زالت تخرج الفروع الحاقدة من جرار التاريخ كي تكسِّرها على رؤوس الغارقين به وهماً لا بدَّ من دحضه بعقلنة القرآن و مجمل الكتب الدينية و الخرافية و الأسطورية
و علمنة التفسير بما يخدم المراد الذي يرسخ الآية الكابحة لطموحات التوسع و التدخل في شؤون الغير و أقاليمهم و طقوسهم "الشهر الحرام بالشهر الحرام و الحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم و اتقوا الله و اعلموا أنَّ الله مع المتَّقين " فليس لحربٍ أن تنزع طائفة السلام من أرض المسالمين
و ليس لمعتدٍ أن يسلَّم أرض غيره دون ردِّ العدوان عن النفس و عن البلد و الإقليم و عن طريقة العيش التي ترسِّخ تآلف الراعي مع الرعيَّة إذا ما انطلقنا من روضة المحمديين الذين يعقلون و يتفكّرون فهل يسلِّم راعي سورية رعيَّته لمغتصبي الجزيرة العربية و لمقتطعي خواصر بلاد الشام الذين ما زالوا يحاولون و بحقدٍ أممي لاهوتي اقتلاع قلبها الدمشقيّ و رقصة السيوف هي أقصى ما يمكن إظهاره من نضارة الإسلام الوهابيّ الذي غزا المنطقة فأحيا الرجعية العربية و ما زال فارس الحداثة المترجِّل عن حصانه يتيه سنيناً لا تحصى بين رعاع العصر الحديث ؟!!..........
اتفاق المناطق التي لم يسقطوا تسميتها وفق إسقاطات المريدين المختلفة و أعادوا ما رأيناه في مقالنا السابق كباحثين عن سيادة الإنسان قبل امتلاك الجغرافية ما زال يراوح مكانه فلا جغرافية تسعف إقليمنا الإنساني ما لم نمتلك قرارنا و إرادتنا و مواطنتنا
و تركيا التي ما زالت تبحث بالوهم الحقيقيّ الذي ترسخ في انهيارٍ بنيويٍّ واضح لكلِّ ما كنَّا نبنيه في سورية من الإسلام النورانيّ الروحانيّ ها هي قد انتزعت قطعاً من أجسادنا و راحت تقطع بها أوصالنا و أوصال بلادنا في سبيل الوصول إلى قلوبنا علَّها تموت و لن تموت و ما صبرت عليه دمشق من سبعٍ عجاف ما زالت تصرُّ على الانتصار به لنفسها و لشعبها لتعيد بالتسامح دورة بنائه و عجلة المصالحة الوطنية التي يديرها الرئيس الأسد ما زالت تدور لا لتجتثَّ الكرامة السوريّة
بل لتعيد مأسسة ما سقط من بنيانٍ ما زال يتعالى رغم تدمير أواصره التي باتت متينة بعد أن عاينت معاني الدمار الذي لم يراهن به الأسد حين وقف مع أردوغان في ملعب الحمدانية على ربح مباراة الخسارة فالأسد ما زال رغم كلِّ شيء يبحث عن نتائج مباريات السياسات الرابحة الرابحة و لن نربح مناطقنا إذا لم نربح إنساننا و إذا ما أسقطنا ما قاله ابراهام لينكولن "معظم الرجال تقريباً يمكنهم تحمل الصعاب ,
لكن إذا أردت اختبار معدن رجل فاجعل له سلطة " على الساسة الفندقيين الذين يأسرون رجال المعارضة الحقيقيين و معانيها المشرقة لن نجد إلا بقايا رجالٍ قد تخنثوا غير آمنين وغير مطمئنين داخلياً و غير قادرين على إدارة نزواتهم و أحقادهم فكيف بهم يديرون مناطق من المفترض أن ندخلها آمنين ؟!!!!
ليست هناك تعليقات