« حرب السعودية على قطر بداية انهيار النظام الرسمي العربي » ... بقلم : تحسين الحلبي
إذا استندنا إلى إعلان ثلاث دول خليجية السعودية والبحرين والإمارات بقطع علاقتها مع قطر وإعادة القطريين المقيمين فيها إلى بلادهم وبتحذير مواطني هذه الدول بعدم السفر إلى قطر فإن ما حدث صبيحة الاثنين الماضي سيؤدي إلى انقسام ساحة مجلس التعاون الخليجي إلى دولة يراد عزلها وتثبيت المقاطعة عليها ودولتين هما الكويت وسلطنة عمان لا تتبنيان الموقف نفسه.
ولأن دول النظام الرسمي العربي تستند في الجامعة العربية إلى نفوذ ودور دول مجلس التعاون الخليجي, وفي المقدمة السعودية, في إدارة الصراع ضد سورية والعراق وإيران, فإن هذا التصدع الواضح في مجلس التعاون الخليجي سيعكس نفسه داخل عملية اتخاذ القرارات ولن تعود الدوحة تتحكم بقرارات كانت تتفق فيها مع السعودية ضد ليبيا وضد سورية على غرار ما كانت تفعله في عام 2011, لذلك يتوقع معظم المحللين المختصين بشؤون دول الخليج أن تنشغل الرياض بأزمتها مع قطر وتبدأ المجموعات الإرهابية التي كانت كل دولة تتولى تمويلها بالانقسام إن لم يكن بالتفتت, وقد تميل العائلة المالكة في قطر إلى العمل على تخريب السياسة السعودية في المنطقة إذا سمحت لها واشنطن, التي تعد نفسها مسؤولة عن عدم تجاوز أي من الجانبين حدود النزاع.
ومع ذلك بدأت الدول الغربية المتحالفة مع هاتين الدولتين منذ أشهر قليلة باتهام كل منهما بدعم الإرهابيين في المنطقة, بل إن زعيم حزب العمال البريطاني جيرمي كوربين أعلن الأحد الماضي في حملته الانتخابية أن السعودية ونظام حكمها الوهابي هي التي تنشر الفكر الإسلامي المتطرف وتجعل المسلمين في بريطانيا وأوروبا يتبنون الإرهاب ولم تنج العائلة القطرية المالكة من هذه الإدانة نفسها وهذا ما دفع بعض الكتاب السياسيين في بريطانيا إلى التساؤل عما إذا كانت السعودية تحاول تبرئة نفسها من دعم الإرهاب عن طريق اتهام قطر به وقطع العلاقات معها وتحريض العالم العربي عليها.
لكن النتيجة التي يمكن استخلاصها من هذا التصدع المتصاعد داخل دول مجلس التعاون الخليجي هي أن العائلة المالكة السعودية بدأت تحصد الفشل والإحباط في كل ما سعت إلى تحقيقه منذ استلام سلمان منصبه الملكي, فقد حاول حشد أكبر عدد من الدول العربية معه ضد سورية والعراق وإيران فإذا به يفقد الآن قطر بشكل كامل ويعجز عن إقناع دولة الكويت وسلطنة عمان بقطع العلاقات معها حتى الآن، أما في اليمن فلن يشارك في تمويل حرب السعودية ضد اليمن الآن سوى الإمارات بينما لا يمكن استبعاد أن تعمل قطر قريباً على التقارب من علي عبد الله صالح وأنصار الله, ولا يستبعد أيضاً أن تتقارب قطر مع إيران.
ورغم أن البعض يحذر من احتمال أن تقوم الرياض بغزو قطر وتغيير الحكام فيها أو أن تحرض على انقلاب داخلي قد تكون إجراءات قطع العلاقات مع قطر مقدمة له, إلا أن الجميع يتفق على أن واشنطن هي التي تملك القرار في مستقبل هذا النزاع بين حليفين من هذا النوع ولو كانت إدارة ترامب تريد تحقيق مثل هذا الهدف لكانت سعت إليه بطرق مختلفة داخلية أكثر منها خارجية لأنها أكثر المطلعين على خبايا كل عائلة مالكة من دول الخليج, وهي التي تتحكم بقواعد اللعبة بينهم.
وفي النهاية تزداد أشكال التصدع في الجبهة المعادية لسورية بين عام وآخر وفي المقابل يزداد التحالف السوري -الإيراني وفي قلبه حزب الله والمقاومة الفلسطينية ومعه العراق والجزائر والقوى التقدمية القومية في تونس قوة مثلما يزداد دوره في تشكيل مستقبل المنطقة.
ليست هناك تعليقات