مع شاعرةٍ أو شويعرةٍ من السويداء التي تؤمن بخازوق نزار قباني الممتد من جبل الشيخ إلى سعسع و مع شيخٍ أو نصف أميٍّ من حماة يمسك دار إفتائها بالجاهلين من حوله في أروقة السلطة و مع مسؤولٍ غير مسؤول في حمص الباحثة عن هوائها النظيف و مع قاضٍ لا يؤمن بالقضاء في دمشق و ما حولها و مع مؤذِّنٍ يغرق الآذان بخوفها في بقاع الوطن السوريِّ الكبير من درعا إلى القامشلي كلَّما اشتعلت جذوة النقاش من محكِّها إلى محكِّها و تساقطت الأقنعة الإنسانية البيضاء
كنت حلبياً حينما تجوَّلتُ في طريق الحرير مررتُ بتدمر دونما ترفيق و اقتادني داعشيٌّ إلى رقَّة الشيوخ و المعفشين و الضاربين بسيوف رجال الأمن و أجهزته الذين ترميهم شويعرتنا و ترميني بهم و هي تتهمهم بالإجرام و تبرِّئُ نفسها منهم لكن ضمن حدود الجغرافية التي ما زالت متسامحةً معها إلى حدِّ اتهام الغير و تبرئة نفسها و قد جسَّدت باتهامها المثل الشعبيّ القائل "ضربة عالحافر و ضربة عالنافر "
و هي تشرفُ على تسييري و تبعيتي لهم و لسواهم جازمةً في تمثيلية النقد و فضح المستور ناسبةً لنفسها دور البطولة فيها دونما أيِّ ثمن فهي خارج اللعبة القذرة كما تقول مع أنَّها تدركها بحنكة المنافقين دون أن تجرؤ على تحويل شهوات نفسها أو إحساساتها المادية و اللاهوتية إلى أفكار و ما أكثر شعاب المنافقين في بلداننا
ربَّما سنبقى في نظر من نناقشهم و هم يدفعون عن أنفسهم ما يدفعون من تناقضاتهم و خوفهم و يطمروننا بسير حيواتهم و تواريخهم النضالية من بعيد بمجدٍ طوباويٍّ يبقيهم في أجواء مفرطة من الأناقة و الإيتيكيت شَبِّيحةً من النسق الأول بل من الأزلام الأوائل في إبقاء أركان النظام السياسيّ ثابتة و ما نحن إلا أبواق و بيادق ستحين ساعة اقتلاعها من جذور الأرض الشعبية مهما امتدت فروعها المتطفلة الطفيلية في سماء السلطات
يبدو أنَّ شويعرتنا الثائرة لم تنسَ أنَّ في فمها عبرة تلوكها مذ ولدت و لم تجرؤ على ابتلاعها ل جورج أورويل "ثائر اليوم هو طاغية الغد .. إننا ندرك أنه ما من أحد يمسك زمام السلطة وهو ينوي التخلي عنها .. إن السلطة ليست وسيلة بل غاية , فالمرء لا يقيم حكما استبداديا لحماية الثورة , وإنما يشعل الثورة لإقامة حكم استبدادي .. إن الهدف من الاضطهاد هو الاضطهاد, والهدف من التعذيب هو التعذيب وغاية السلطة هي السلطة, هل بدأت تفهم ما أقول الآن ؟!!
ليست هناك تعليقات