« هل وصلت النار إلى لبنان » ... بقلم : زهير ماجد
هنالك رؤوس حامية في لبنان، مثلما هنالك رؤوس حامية خارجه من أجل تقويضه .. ليس من السهل، تمكن هؤلاء من تحقيق مراميهم وأهدافهم التخريبية، وإن كان هنالك قدرة على الكثير من الخلايا النائمة أن تعبث ولو لفترة .
استيقظت اليوم لأسمع شيئا من هذا القبيل، كان الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله قد هدأ بالأمس رؤوس الداخل اللبناني بأن أعطاهم بكل هدوء فرصة التفكير بالخطوة الأخرى .. لكن الخارج هو المشكلة، وهو من يخرك أذرعته، التجربة السورية ليست خافية على أحد ، وما تعرضت له سوريا من هذا الخارج هو كل اللعبة، إذ لاأحد يمكنه التنفس بدون أوكسجين، والخارج هو هذا لأهل الداخل .
المسألة في لبنان بكل بساطة أن رئيس وزرائه قدم استقالته ، وهذا من محصلات التجارب اللبنانية وسبق وصار مرارا .. لكن ثمة من يريد تفسير الاستقالة بما هو خارج حقيقتها من أجل تحريك عواطف مذهبية وطائفية ، وبالتالي ، وضع لبنان على سكة مايجري في سوريا .. ربما الانكسار الذي جناه أهل المؤامرة في سوريا مقدمة لنقل الامتحان إلى لبنان ، فلربما في هذا البلد الفسيفسائي يتحقق نوع من المعادلة ، كأن يربح الخاسرون في سوريا في لبنان .
من يقرأ الإعلام الإسرائيلي يعرف وجع هذا الكيان وقادته، وكيف أنهم يريدون حربا لكنهم لايستطيعون خوضها، وبالتالي فهم يفتشون عن بدائل تقوم بالنيابة عنهم في تخريب لبنان .. إذا لم يتحقق الإسرائيلي كسبا مائة بالمائة فلن يقدم على أية حرب حتى لو بقي على أملها عشرات السنين.
ثم إنه بات واضحا وبأقل تفكير ، إنه لم يبق في المنطقة العربية مايهدد وجود إسرائيل وليس أمنها فقط إلا حزب الله .. وأقصد بالوجود أن تبقى إسرائيل أو لاتبقى ، ويعرف منظروها ومفكروها هذا الأمر جيدا ، بل إنهم يشعرون بأن أية مغامرة قد يرتكبها نتنياهو قد تؤدي إلى زوال الكيان من أساسه .
إذن فجّروا لبنان، كلمة السر لم تعد سرا من أجل توريط حزب الله بحرب داخلية تؤدي إلى إنهاكه كما يعتقد، فتتدخل إسرائيل في اللحظة المناسبة لتجهز عليه. هي الأفكار ذاتها التي مورست مع المقاومة الفلسطينية يوم كانت في لبنان قبل أن تجتاحه إسرائيل في توقيت ملائم لها، أساسه تهالك المقاومة في الحرب الداخلية اللبنانية، إضافة إلى المتغيرات التضامنية الشعبية معها.
لبنان الآن وبعد استقالة سعد الحريري أمام تطورات متسارعة شبه يومية، وليس مايضمن إلى بقاء مناخ التهدئة ساري المفعول، طالما أن كل الإشارات تؤكد أنه وضع في عين العاصفة، بل هو الهدف الذي فتح ملفه على كل المستويات ، الأمني والعسكري والاقتصادي.
قبل الحرب على لبنان في العام 1975 بأسابيع قليلة، كتب الكاتب المصري جلال كشك الذي كان مقيما فيه مقالا معلوماتيا عنونه ” أشهد أني بلغت ” وفيه شبه سيناريو للحرب المقبلة على لبنان، ثم لم أغراضه وعاد إلى القاهرة، إلى أن دخل لبنان بالفعل في اتون حرب دامت خمسة عشر عاما، كان فيها سباقا إلى الخراب والقتل والموت والتخريب بما يشبه مايجري اليوم في سوريا، ليتضح أن مهندس الحرب اللبنانية هو من هندس السورية وغيرها، وأن المخرب لايدخل بلدا قبل أن يجرب تخريبه في بلد قبله ليأمن نجاح خطواته .
*الوطن العمانية *
ليست هناك تعليقات