ونحن صغار
كنت أصنع مصائد للضوء
أنصب المرايا الضريرة
وأستدرج الشمس للسور الكحلي
أمزّق من صلب السواد ورقة ورقة
كي يتبعني رأس النور
يستنهض قلبي ألوان الضياء
فتتراقص العتمة دون زهر يذكر
حين يمتد من الكوة الضيقة
صوت الجناح وعداً
وتسقط قامة الضوء في الشرك
أُغلق العصافير على قلبي
أعصر ضحكتي فوق ظلّي
وأترك يدي فوق ريش التعب
كي ينضج وجهي في قوارير الوقت
الساعة تمام العتمة من كل ليلة
أتسلل خلف السور
وأوقد مزاجي الحنطي
أُحرر الضوء وأُطلق وجهي من سباته
في الصباح أعود لأنصب الشراك
وأتحايل من جديد على الضوء
أصطاده مرة أخرى
وبنزق الصبيان أرفع مصيدتي
كي يهرب الضوء ويتلاشى
مثل كسرة ضحك ابتلعها الحزن
كنّا أطفالاً نتقاسم الطرائد وبستان التين
نُفرط في نصب المرايا
نتشارك القبور ويوحّدنا البكاء
كل شيء يعود لأصله
قادتني فطرتي إلى صفصاف القرية
لم يعد البستان كما كان
بلا حول تقبع المرايا الصدئة
في بيتي مرآة عمياء كبيرة
كثيراً كبيرة
بحجم السور الكحلي للمقبرة
لكن قلبي الآن أكثر رشداً
من الماء الخشن
كلما فتحت عليه مطري
على حين غيمة
وأمسى وجهي نافذة هرمة الدرب
يبتكر للغياب خيلاً
لتدوسني حوافر الراحلين
يا الله كم يحب المسافرين هذه القبور
مثل حَمَل صغير استيقظ متأخراً
في المرج الشرقي
دون أمه
أكبو مرتبكاً أستجدي وجهي
ينفطر صدري زهرة وعصفوراً
ولا يفلح الضوء في الانبلاج
|
ليست هناك تعليقات