أخبار الموقع

اهــــــــلا و سهــــــــلا بــــــكم فــــــي موقع مجلة منبر الفكر ... هنا منبر ختَم شهادةَ البقاءِ ببصمةٍ تحاكي شَكلَ الوعودِ، وفكرةٍ طوّت الخيالَ واستقرتْ في القلوبِ حقيقةً وصدقاً " اتصل بنا "

« داعشي ولكن » ... بقلم : صلاح الحمداني



 « داعشي ولكن »
    بقلم : صلاح الحمداني   
   2/1/2018


«  مجلة منبر الفكر » صلاح الحمداني      2/1/2018


عاندت النوم لساعة فعاندني وعاداني ليلة بأكملها ، أبى أن يباغت مقلتي ويطفىء شمعة يوم قصير مر بسرعة البرق.

سنوات تمضي وأخرى تأتي من يأبه للوقت ، أنا لست من كوكب اليابان حتى أحسب الساعات والثواني ،  فمجرد أن تولد في هذا البلد السعيد فكل وقتك ضائع.

المهم أنا هنا أتزحلق على هذا الحائط الأزرق متأرجحا بين تدوينات فايسبوكية المضحكة منها والمحزنة الممزقة... هذا سعيد وهذا مكلوم.. هذا في قلبه غصة وذاك ينتظر قريب كان يلاحق كسرة خبز في مدينة أخرى.. وآخر ينتظر خروج شخص نالت منه الوحدة في غياهب السجن.

تارة أبتسم وأخرى أضحك ومرات عدة تتقلص أسارير وجهي لقراءة كم هائل من الحزن بين أسطر العديدين.

أحيانا يحسسك هذا الأزرق أن العالم بخير وكل شيىء سيكون على ما يرام... وأحيانا اخرى تجد كل شيىء مبعثر الكل مهموم مغموم منكود على أمره، وتدرك أن العالم ليس بخير ، أزرق بنكهة الواقع فقد أصبح شيىء روتيني ينظاف لأشياءنا اليومية.

شرد ذهني في تخيل سيناروهات عدة ، منها المشروع ومنها المذموم ، تخيلت نفسي داعشيا جهاديا ، احمل الأحزمة الناسفة في جسدي ، وافكارا متجذرة عدمية ، أوزع صكوك الغفران ومن أبى ففي جهنم يصلى سعيرا.

حقا فشر البلية ما يضحك،  لا تُغرّني فكرة؛ أني إذ فجرتُ نفسي داخل مطعم شعبي، سألتقي بالحوريات في الجنة ، سيقابلنني بملابس خفيفة بعد تحوّلي لأشلاء لحم متناترة بأرجاء المطعم. 

لا أستصّيغ هذه الفكرة، سبعون حورية بجلالة جمالهن سيكن تحت أمرك تفعل بهن ما تشاء ، أعرف أني لن احصل على حورية حتى لو فجّرت نفسي بمقر البنك الدولي ،فمن عاش حياته غير قادر على إغواء عاملة نظافة سمينة، لن يكون بمقدوره أن يشفي غلّيل سبعين حورية جميلة.

تبني فكرة أن الله سيكافئك بحورية لمجرد أنك تحملت ضوضاء تفجير قنبلة يدوية الصنع، هو الغباء بعينه.. حتى أن أغلبنا لا يستطيع النوم مع صديقته أو زوجته لمرتين متتاليتن؛ فما بالك بالتناوب على سبعين حورية نهمات وشبقيات جداً.

ثم إن الله أكبر من أن نعبده لمجرد أنه وعدنا بحورية؛ فننقاد ببلاهة لنصائح القتل وتطهير المجتمع من الكفار المرتدّين، الأفضل أن تطهر فمك من رائحته الكريهة المُقزّزة، كان سيكون أفضل، وسيجازيك الله على تجنيب الناس شمّها كلما اقتربوا منك لتبادل أطرف الحديث معك.

سبعون حورية.. عدد كبير من النساء لا أستحمله، وقد أصاب بوله جنوني يُفشل كلّ شيء بجسدي.. شاب مكبوت لم يعهد بفتاة جميلة واحدة تبيح له نفسها وتتعرى وتقول له "هيّت لك"، وبين عشية وضحاها، يجد نفسه محاطاً بعشرات النسوة الجميلة بشعر مفرود فوق كتفين بيضاوين... تردّدُ ترمومتر عواطفي سيفشل، وبدل منحهن واجباتهن كاملة، سأدخل في صدمة طويلة غير مصدق لما يجري.

لا أعلم كيف سأتصرف وقتها.. ثم إن لا أملك الشجاعة لقتل نملة، والنملة الوحيدة التي قتلت قتلتها قتلا رحيماً.. كانت تسير بمشقة بعد أن أصيبت إصابة في ظهرها في قتال غير متكافئ مع دودة أم الأربعة والأربعين، ولكي لا أتركها عُرضة لتكالب الدّود البشع، قتلها بقلب يرتجف خوفاً من مصيري بعدها.

قتل الناس الأبرياء لمجرد فكرة سخيفة بعقلك لا يجلب الحوريات، بل يجلب دموع كثيرة ستنساب على خدود عائلات المقتولين.

لفّ حزّام ناسف حول خاصرتك ونطق الشهادة قبل العملية، لا يعني أنك ، بعد ساعتين ستكون ممددا جانب نهر الخمر وحولك امرأتين فاتنتيّ الجمال، بقدر مستفتح عينيك داخل ثلاجة أموات باردة منتظرا التعرّف على هويتك الحقيرة.

إنه مُجرد طعم يجذبك به تُجار الدين، يرسلونك حيث ستقل رجل كهلاً خطأه أنه وُجد بنفس المكان لحظة كنت أنت تُرتب لسفك دمائهم.. أو امرأة جريمتها التي اقترفتها في حياتها ،أنها ضربت موعدا مع صديقتها هناك.. أو طفل يلهو فرحاً بلعبته الجديدة التي طالما حلُم بها.

الله لا يحبّ أن نتقرّب له بالدماء ولا بأشلاء ممزّقة، ربما نصف سطل شعير تجود به على حمار جائع، سيقربك منه أكثر.

 اقرأ المزيد لـ صلاح الحمداني


لإرسال مقالاتكم و مشاركاتكم
يرجى الضغط على كلمة  هنا 


ليست هناك تعليقات