أخبار الموقع

اهــــــــلا و سهــــــــلا بــــــكم فــــــي موقع مجلة منبر الفكر ... هنا منبر ختَم شهادةَ البقاءِ ببصمةٍ تحاكي شَكلَ الوعودِ، وفكرةٍ طوّت الخيالَ واستقرتْ في القلوبِ حقيقةً وصدقاً " اتصل بنا "

« طقوس العودة » ... بقلم : عصام سعد حمودة



 « طقوس العودة  »
    بقلم : عصام سعد حمودة   
   17/1/2018


«  مجلة منبر الفكر » عصام سعد حمودة     مصر 17/1/2018


تمارس دائماً نفس الطقوس خلال العودة من الإسكندرية حيث تعمل إلى حيث تسكن في إحدى القرى القريبة من طنطا.. تخرج من عملك حاملا حقيبة يد صغيرة تحوي كتبا وجرائد واشتراك القطار.. تصعد القطار.. تلقي بالحقيبة إلى أقرب مقعد لتحجز بها مكاناً وتستأذن من أحد الجالسين في الذهاب لعدة دقائق.. تمضي لتفرغ جسدك مما يثقله.. تعود لتفرغ ما في جيبك وتدفعه إلى قاعها.. تستقر بعدها فوق فخذيك ويداك تقبضان على مزلاجها.. يغالبك الوسن.. تستسلم له دون أن تجاهد.. اليوم على غير المألوف تغيرت طقوسك لسبب ما وتودع المرتب داخلها حين دخلت المحطة.. تتركها لدى شخص لا تعرفه وتراه لأول مرة دون أن تأخذ ما بها أو تنتظر شخصا تعرفه

(ركاب ذلك القطار معروفون لدى بعضهم وتولدت بينهما صداقة من كثرة الوقت الذين يقضونه سويا في الحكايات والإسرار والتعليقات وتستطيع أن تترك لدى أحدهم أي شيء، والراكب الذي تراه لأول مرة فهو غريب ونادرا ما تجمعك معه مصادفة أخرى)

شاهدك تضع حاجياتك في الحقيبة؟.. تنفي ذلك، فقد حوطت عليها بجسدك مانعا تسلل العيون إلى ما تقذفه في جوفها، محصورا لتلك الدرجة التي جعلتك تتركها لدى شخص لا تعرفه!.. أينتظرك؟.. سيأخذها ويمضي؟

ما بين دورة المياه ورصيف المحطة مسافة ليست بالطويلة ولا القصيرة أيضا، في دورة المياه تغالب شكوكاً عديدة وتوعز لنفسك بأنه ليس لصا وملامحه لا تدل على ذلك، في دورة المياه يتسلل العفن إلى ذاتك، تشعر بدوار.. أماكن ضيقة، شبابيك محطمة، أبواب مهشمة، صنابير مفتوحة، كتابات ورسوم علي الأبواب والجدران (يدعون البعض إلى أفعال دنيئة دون مواربة وهم يعلنون عن أبرز ملامحهم وكيفيه التعرف عليهم)
كيف ستعود إلى منزلك إن أخذ الغريب، الحقيبة ورحل؟.. امرأتك ما الذي ستفعله إن عدت دون نقود؛ فهي تنتظر اليوم أكثر من أي وقت آخر
..........................................
لتدخل عليها غاضبا وتبلغها بما حدث وإذا علا صوتها؛ اهوِ بكفيك على أصداغها.
.............................................
تعقد العزم على فعل ذلك مرات ومرات وتفشل في كل مرة أن تفعلها.
تدفن رأسك بين شقوق جدران سوداء تطل منها رائحة العفن ويوشك القطار على القيام ولم يعد هناك وقت.. جسدك ثقيل ومازلت تحاول وتحاول، بين السبابة والإبهام يرقد الأنف مستكينا، وعيناك مغمضتان.. تشتد الرائحة.. تضغط أكثر وأكثر.. 
لم تنتظر لتغلق سحاب بنطالك وتحكم رباطه تخرج مسرعا، عيناك تجولان على الرصيف، تبحث عن القطار الذي كان قد غادر المحطة.





لإرسال مقالاتكم و مشاركاتكم
يرجى الضغط على كلمة  هنا 


ليست هناك تعليقات