« عملية "غصن الزيتون" الرتكية تقدم عسكري بطيء وكلفة إنسانية عالية »
أعلن الرئيس التركي رجب طيب أرد وغان في العشرين من يناير/كانون الثاني من عام 2018 عن بدء العملية العسكرية التي سماها بـ "غصن الزيتون" في مقاطعة عفرين الكردية الواقعة شمال غربي سوريا، وقال أردوغان " إن الهدف من هذه العملية هو تطهير المنطقة من وحدات حماية الشعب الكردية والحفاظ على أمنها القومي"، في حين اعتبر الأكراد هذا الهجوم اعتداءً صارخاً على الشعب الكردي ومناطقهم.
بحسب احصائيات التي تعود إلى الفترة سبقت الحرب في سوريا فإن عدد سكان منطقة عفرين بلغ ما يقارب الـ 800 ألف نسمة، عدا عن أعداد كبيرة من المنطقة الذين انتقلوا للعيش في المدن السورية الكبرى مثل حلب ودمشق وغيرها، في ستينات و سبعينات القرن الماضي، بحثا عن فرص عمل أفضل. وبلغ عدد سكان العرب هناك حوالي 9000 نسمة، أي أقل من 2 بالمئة من سكان منطقة عفرين. وفي السنوات الأخيرة منذ اندلاع الحرب السورية، نزح مئات الآلاف من العرب إلى عفرين كونها كانت منطقة آمنة.
"الأصحاب الحقيقيين"
وأثارت تصريحات أردوغان الأخيرة سخرية الأكراد السوريين عندما قال أن الغالبية في منطقة عفرين هم من العرب وأنه سيطهر عفرين من المقاتلين الأكراد ليعيدها إلى أصحابها الحقيقيين.
وكان الاسم منطقة عفرين خلال المرحلة العثمانية "كورد داغ" أي جبل الأكراد، وفي حقبة الانتداب الفرنسي على سوريا، قسمت المنطقة إلى قسمين، الأول منها بقي في سوريا والثاني ألحق بتركيا.
وكانت تعرف حتى ثمانينات القرن الماضي في الكتب المدرسية السورية بـ"جبل الأكراد" ثم أطلق عليها اسم منطقة عفرين نسبة إلى مركزها مدينة عفرين.
القصف التركي أوقع ضحايا من الأطفال والنساء في قرى عفرين الحدودية 28/01/2018
قال أردوغان أن عمليات الجيش التركي لن تتوقف عند عفرين فقط ، بل ستمتد إلى مدينة منبج والمناطق الكردية الأخرى حتى الحدود السورية العراقية التي تقع تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية والتي تشكل وحدات حماية الشعب العماد الأساسي لها.
ويوجد حوالي ألفي عنصر من القوات الأمريكية في منبج ومقاطعة الجزيرة إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية.
ويرى أكراد سوريا وعلى رأسهم حزب الاتحاد الديمقراطي، أن أردوغان يسعى بهجومه على عفرين إلى التغيير الديموغرافي في المنطقة كونها تكاد تكون كردية مئة في المئة تقريباً الأمر الذي يمنح الأكراد فرصة في المستقبل لإنشاء كيان كردي متواصل على حدودها الجنوبية، وأن أردوغان يعمل جاهداً لمنع قيام أي نوع من الفيدرالية أو الحكم الذاتي في شمال سوريا.
جاء الهجوم على عفرين في أعقاب إعلان واشنطن إنشاء قوة أمنية شمال شرقي سوريا تدعى "حرس الحدود"، مما أثار غضب أردوغان فبدأ عملياته في منطقة عفرين الخارجة كلياً عن سيطرة التحالف الدولي.
فبدأت تركيا بقصف شديد على بعض البلدات والقرى الواقعة على حدودها، حيث هاجمت المنطقة من عدة محاور الطائرات والدبابات ، فمن ناحية الشرق بدأت بالهجوم على قرية ديكمداش و قسطل جندو القريبة من اعزاز، ومن الشمال راجو وشنكيلي وبلبلة، أما من الغرب فهاجمت حمام وماملي وخليل وجلمة وغيرها من القرى، نزح على أثرها الكثير من سكان تلك القرى إلى مركز مدينة عفرين.
صرح أردوغان عند الإعلان عن الهجوم أن عملية السيطرة على عفرين لن تستغرق سوى أيام معدودة. ولكن بعد أن بدأت معارك الكر والفر بين الجيش التركي ووحدات حماية الشعب، ومع تأخر الأتراك في تحقيق الهدف المطلوب في الوقت المحدد، صعدت تركيا من هجماتها في اليوم الثامن من العملية، مستخدمة أسلحة محرمة دولياً مثل النابالم والقنابل العنقودية ضد المدنيين حسبما أفاد أطباء من مشافي مقاطعة عفرين.
وطالبت "قوات سوريا الديمقراطية" العالم والمنظمات الانسانية والأمم المتحدة،"بالقيام بواجباتها لوقف نزيف الدم السوري وكبح جماح تركيا"، وقالت في بيان لها " إننا نؤكد بأن الحرب في عفرين أخذت بعداً جديداً متمثلاً بإصرار حزب العدالة و التنمية لإبادة الشعب الكردي، و الدفع بمشروع جبهة النصرة و تنظيم الدولة إلى واجهة الخيارات في سوريا، على ذلك فإن حربنا هي للدفاع عن القيم الديمقراطية في العالم، و عليه، نتوقع من كل القوى الديمقراطية أن تتحرك لإنقاذ شعبنا من هولوكوست متطرف يقوده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان".
كلفة إنسانية
وحسب الجهات الكردية الرسمية في مقاطعة عفرين، فإن حصيلة الهجوم التركي على عفرين حتى تاريخ الـ 27 من يناير/كانون الثاني بلغت 86 قتيلاً و 198 جريحا من المدنيين ومازال العدد في تصاعد يومياً.
ويقول الكاتب البريطاني روبرت فيسك من صحيفة "الاندبندنت" البريطانية والذي زار مشافي عفرين في الثامن و العشرين من يناير/كانون الثاني الحالي: "قمنا بجولة بين عنابر المشفى في عفرين، كانت العواطف جياشة وأنا أشاهد الناجين من العدوان يرقدون في أسرّتهم".
وأضاف "إن ما يثير الاستياء الشديد، هو الرواية الرسمية التركية للمجازر التي ارتكبها طيرانهم، والتي تم في إحداها فقط نقل نحو 34 قتيلاً إلى مشفى عفرين، وإن النظام التركي لا يتورع عن التبجح بقصف أكثر من سبعين طائرة تابعة له على ما يزعم أنها على مواقع للقوات الكردية في الحادي والعشرين من الشهر الجاري".
ليست هناك تعليقات