أخبار الموقع

اهــــــــلا و سهــــــــلا بــــــكم فــــــي موقع مجلة منبر الفكر ... هنا منبر ختَم شهادةَ البقاءِ ببصمةٍ تحاكي شَكلَ الوعودِ، وفكرةٍ طوّت الخيالَ واستقرتْ في القلوبِ حقيقةً وصدقاً " اتصل بنا "

« قراءة نقدية تحليلية لـقصيدة "سماء الحب"لـ عائشة كمون » ... بقلم : الناقد و الشاعر أ. أنور الزبن


 «  قراءة نقدية تحليلية »
 « قصيدة "سماء الحب"لـ عائشة كمون »
    بقلم : أنور الزبن                                   
   17/1/2018


«  مجلة منبر الفكر »   أنور الزبن     17/1/2018


في هذه القصيدة تترجل عائشة عن صهوة الحصان 
تلك الصورة التعبيرية المألوفة للجميع
فتقف هنا بشموخ في وجه الريح الرافض لفكرتها وقواعد الشعر المعروفة 
لتمخر عباب القصيد من بحر لجي غرق فيه قامات من اللغويين والشعراء
لكن عائشة أصرت على أن تتجرد من كل ما هو مألوف فالخوف من النقد أو التعثر بضحالة المفردات لا يثنيها عن الولوج في هذا البحر

فتغوص فيه وتأتينا بأرقى الصدف المغلفة بكلماتها الرائعة والتي تشعر القاريء بدفء الحنين ولحن موسيقي عذب حين يسرح في خيالها الخصب المتمثل في كلماتها مابين الحقيقة والخيال وما بين التعبير والتجريد تقف عائشة بشموخ وتسأل
  • من أين أتى ذلك الجنين؟ 

وذلك لإستغرابها لأن العذورية في شعر عائشة كما عذرية الطاهرات من بنات الوطن مشهود له

فهي تعتبر أول من صاغت الشعر بهذه الصورة التجريدية فهي بارعة في صناعة الكلمات والجمل

تلاعب الكلمات بأناملها كما تلاعب خصلات شعر ضفائرها
وتبدع هنا في هذه القصيدة في قوة التشبيه والتصوير
حين تصور المحتل الدخيل بالبذرة وتسأل بغضب العربية الأصيلة التي تأبى أن ترى وطنها وأي شبر من أرض العرب يدوسه الإحتلال فتصب جام غضبها على المسئولين من الحكام حين تصرخ بقوة 
  • لا أدري من أين أتى هذا الجنين؟
  • وكيف نمت هذه البذرة؟
  • ماكنت أعرف كيف أوْرَقَتْ!؟
  • وفي أي جو كبرت وترعرعت؟

تسأل بجنون وحرقة المواطن الشريف كيف أصبح الإحتلال في بلاد العرب وكيف نما وترعرع وهو الآن ينتقل من طور الجنين إلى طور التناسل والبناء والإحتلال والإستبداد فمن سمح له بالحياة والتكاثر

وكأنها تقول لولا خيانتكم أيها الحكام لم نبتت هذه البذرة ولما كبر هذا الجنين إنها نبتة دخيلة في بلادي
كإبن الزنا واللقيط في العائلة
ألا ترون الآثار في بلدي وحكايات جدي من كنعان إلى قحطان فهذه التجاعيد في وطني كناية عن تجاعيد المسن كلما شاخ أكثر زادت التجاعيد في وجهه فهنا بلباقة تختار هذا التشبيه الرائع بين الأرض والإنسان وتمزج الصورة لتؤكد أن الأرض والإنسان كل منهم بحاجة للآخر كي تخبركم أني منذ القدم هنا وسأبقى هنا لكن هذه النبتة البائسة هي ضعيفة وستبقى واهنة مهانة ضعيفة وإن أحيطت بالأشواك 

وكبر ساقها وتعاظمت فستبقى معاول الأحرار تهاجمها حتى تنهار وينهار حلم من غرسها معها فهو كالزاني وضع بذرة في غير موضعها فتبقى كاللقيط وعار لا بد أن يزول
فالحالمون بربيع عربي لا بد أن يتحقق حلمهم وتزهر الحرية في ربوع وطننا العربي الكبير

تنتقل من حالة الثوران إلى شيء من الهدوء لترفض كل ما هو أجنبي
فتطالب بخرائط الوطن وثوب جدتها المزرقش فكلاهما أستبدلا
أما الوطن هو وطنها العربي الكبير الذي اصبح له مجموعة من الأسماء وخلاف وقتال ودماء
وأما ثوب جدتها المزركش ذاك الذي استبدلوه بالعري والقصير والثياب الضيق والشفاف 
كما استبدلوا العادات والتقاليد وحتى الثقافة واللغة

ففي ثوب جدتها تلك العفوية التي فطرت عليها بحب الطبيعة والألوان فجدتها الأم هي الوطن وهي الأرض العربية لا تريد لوناً ولا جزءً تطالب الحكام والمسئولين أن يأتوها بثوب جدتها كاملاً فيه كل الوان أعلام الدول العربية مجتمعةً بثوب جدتها الأرض العربية بما فيها ثوب فلسطين التي تركوها عاريةً في مهب الريح تنهشها أنياب الذئآب
كلما تعمقت في قصيدة عائشة يزداد الأسلوب التجريدي في شعرها حتى تقف متسمراً حيراناً بقوة بلاغتها وتعقيدات جملها
فهي عنيدة تأبى الإنكسار كما كلماتها في داخل الماء
حين تقول :
ليتني غيمة عانقت السحاببشعاع الشمس المسنونببروق الأرض المكنونأوقد نجماً لا يزول
لا تزال تستدل بعلامات تدل على وجود الأمة وحضارتها 
فعندما تكون كالغيمة فهي تسبح في فضاء العالم العربي بحرية ولا شيء يقيدها ولا حواجز تفتشتها او تمنعها من الوصول الى الأقصى او الكعبية او اي بقعة ارض في عالمها العربي التي رسمته في مخيلتها فهي تجري مع الريح لتلامس أقدم مخلوق على الأرض وهو شعاع الشمس الذي لامس وشهد على كل ماهو عربي قبل وجود أي جنس آخر على وجه الأرض

كما تخبيء الأرض ذكريات بداخلها أيضاً السماء من آثار وكنوز تشهد على من سكنها فتحتفظ بتلك الذكريات فتجعل عائشة في قصيدتها السماء والأرض شهوداً على وجودها العربي قبل اللقيط الذي جاء ليشوه اسم وتاريخ العرب ففي قصيدة عائشة كمون مجلدات من الشرح وفيها قوة التحليل والتعبير والتشبيه والتصوير والبلاغة والجزالة في الكلمات 
فعائشة كمون ترسم في هذا العصر خارطة الوطن وتزخرفه بأرقى التعابير التي يحلم بها كل مسلم وعربي أصيل وحر شريف 

وتمثل صوت المرأءة العربيةالقوية والعنيدة والمناضلة
الشاعرة عائشة كمون هي من أسميتها فراشة تونس
تتنقل في فضاء الشعر والوطن وتصنع عقداً من جواهر الكلام تطوق به جيد القصيدة
سماء الحُبْ

«  قصيدة "سماء الحب"لـ عائشة كمون »
.........
لاَ أدري من أيْنَ أتى هذا الجنينْ؟ 
وكيف نَمَتْ هذِهِ البذرة ؟
ما كنتُ أعرِفُ كيف أوْرَقَتْ؟
وفي أي جَوٍ تَرَعْرَعَتْ وَكَبِرَتْ ؟
فهُنا تجَاعيدُ وَجْهِ الوطن
تحكي قِصَّةَ الحالمونَ في ربيعٍ عَرَبي 
تَعَلَّقَتْ في قَلبِ الغُيومِ
و نوافذٌ بينَ السُّجونِ 
ليتَني كنتُ تَغريدَةَ طَيرٍ لم تَكْسِرُها السُّطور
أو نورٌ يَفيقُ الفَجْرُ في ثَناياه
بعدَ أن نامَ فيهِ الجوعُ واسترخى عليه الذُبابُ
أيُّها النائمونَ تحتَ حائطٍ أصمْ
أُريدُ خَرائطَ يدي وبلدي 
أرسمُ عليها بـالماءِ و الدماءِ
صورةً لم يكسرها التاريخُ
ولم تمزقها يدٌ آجنبية
أُريدُ صورةً بثوبِ جدتي المزرقش
يَضُمُ كلَ أعلامِ بلادي
من اليمنِ إلى الجزائرِ
ومن مِصْرَ الى القُدسِ
ومن العراقِ إلى تونُسَ الأبية 
ليتنِي غيمةٌ عانقتْ السَحاب
بشُعاعِ الشَّمسِ المَسنونْ
ببروقِ الأرضِ المكنونْ 
أوقدُ نجماً لا يزولْ
تسائلتُ مراتٍ ومراتٍ أينَ الأفق؟!
فالأُفُقُ يلسعهُ الطِّين
حملتُ الغيومَ من أفواهِ الدفء
والمسافةُ بيني وبينها نفيٌ وقُبَلْ
وبيني وبين النفيِ طحالبٌ وماء
تساءلتُ عن المواقدِ والشوكِ
أيُّ حُمَّى هذه ؟!
أيُّ ألْسِنةٍ تُعانقُ حَدائِقي؟!
يا عُشَاقَ الأرضِ
سألاحِقُ شواطئَ القَصِيدة
سأوقدُ جَمرةَ القلبِ 
سأزرَعُها لتوقِظُ خليَّةَ النحلِ
هل لكم منبراً للألمِ وللأمَلْ ؟
يا جِذْوَةً في اللّيلِ لم تَنمْ
قد تعبَ مَطافُ القَدَمْ
يا سماءَ الحبِ 
غطّي ذلكَ الوَحْلَ
زيِّنيه بالفُسَيفساءِ 
فهذه ولائِمُ النملِ
أزهقها العَفْنْ
و هذه الدماءُ تَتنفَسُ 
تتوشحُ بالريحِ والشمس
أسحبُ مِئزَري فوقَ مَغْنى الشِمَمِ
كأن ما يُوجِعُ حُبوبَ حُنجرتنا 
شتاءٌ يحملُ صدى القِيامة
مبلّلَةً بالحنينِ و الأنينِ
أتهجأُ ضجيجَ الفوضى 
أدخلُ بالنحوِ و الصرفِ 
حيَ على النهارِ 
فمتى تبرأُ الطحالبُ
والبحرُ يَزْبَدْ
يأتِ عَلَيْهِ الليلُ مُشَرَّدْ
أقفزُ خلفَ النوارسِ 
أضيئُ الشموعَج
أعطرُ ظلَ ينبوعِ الكلام
بِلُغَةِ الشمسِ و الأنام
القصيدةُ عشبٌ يأكلُ رأسها الظمأ!
يرتَشِفُني السؤالُ
ويستغيثُ الجوابُ
فلا أدركُ ...
متى يرتاحُ غضبي في هذا السَرابْ؟





لإرسال مقالاتكم و مشاركاتكم
يرجى الضغط على كلمة  هنا 


ليست هناك تعليقات