أخبار الموقع

اهــــــــلا و سهــــــــلا بــــــكم فــــــي موقع مجلة منبر الفكر ... هنا منبر ختَم شهادةَ البقاءِ ببصمةٍ تحاكي شَكلَ الوعودِ، وفكرةٍ طوّت الخيالَ واستقرتْ في القلوبِ حقيقةً وصدقاً " اتصل بنا "

« قراءة في كتاب النقد ( البطل البريء ) لـ حسين سرمك حسن » ... بقلم : جمعة عبدالله


  « قراءة في كتاب النقد ( البطل البريء ) »
 «  لـ حسين سرمك حسن  » 
    قراءة / بقلم :  جمعة عبدالله    
   5/2/2018


«  مجلة منبر الفكر »   جمعة عبدالله     5/2/2018


  يملك الناقد الفذ ( حسين سرمك ) رؤية نقدية متكاملة , في التحليل والتشيخيص , يضاف اليها مهنته الطبية الاختصاصية في علم النفس , وتوظيفها في منجزاته النقدية الثرية  , في تشريح وتحليل النص في الرؤى النقدية  , وفي الاسلوبية النقدية التي يتميز وينفرد بها ,  في المنهجية الشاملة او الجامعة بين ( الادب وعلم النفس ) ,  

 وبرز في هذا المجال بشكل كبير في الابداع النقدي  , نحو جماليات النقد المنهجي والموضوعي  . اي الناقد يضع النص الروائي تحت مختبره التشريحي  , مثل ما انجزبشكل متألق  في رواية  ( قصة عائلة ) للروائي قصي الشيخ عسكر , وضعها  في سرير التنويم المغناطيسي  , يستبطن ويستنطق النص الروائي , وفق معارفه الثقافية  الواسعة  .  التي تشمل ( الادب النقدي وعلم النفس ) , ليكشف المدلولات الدالة الظاهرة والمخفية  في بطن  المتن الروائي , وفق دراسة موضوعية شاملة , في السايكولوجيا , السياسية والاجتماعية في علم النفس , في براعة  التحليل والدراسته  , وفق ما تفرز العين المجهرية المختبرية , في مرآتها  الكاشفة , في غوصها العميق في دواخل العمل الروائي , وتبيان دوافعه وتداعياته  ومسار تحرك وتفاعل  الاحداث المتلاحقة والدراماتيكية  ,

 في براعة قلم  ناقد محترف , في عملية  اعادة صياغة العمل الراوائي ,  وفق معطيات النقد المعاصر , في الدراسة والتحليل , وهي تبرهن على الجهد النقدي المثابر  والكبير , في الدراسة التحليلة الشاملة , وفحص  المذكرات والوثائق والمدونات كمواد خام للرواية   , التي اعتمدها في  المتن الروائي لرواية ( قصة عائلة ) . وهي تتناول اعقد حقبة سياسية عصيبة , في تاريخ العراق السياسي , الذي اخذت  منحى الصراع السياسي العنيف , بعد سقوط الملكية , وافراز اشكال  العنف السياسي  , في ذبح وسحل العائلة الملكية ورموزها في الشوارع , 

وظهر على السطح  الصراع العنيف بين قوتين او تيارين سياسيين متنازعين , تيار اليسار الشيوعي , وتيار القومي / البعثي من الطرف الاخر . وهذه القراءة هي استقراء للدراسة النقدية لكتاب ( البطل البريء ) للناقد الفذ حسين سرمك , في مدخل الدراسة التحليلية النقدية , تتوقف  في حثيثات بدايات  فعل الجريمة , دوافعها وتداعياتها والمعطيات التي فجرت  الصراع السياسي , الذي انشطر  في ارجل  اخطبوطية , خرجت عن المنطق والمعقول , وألهبت الشارع في هزات عنيفة عاصفة من الشحن السياسي , المشحون في كسر العظم بين الطرفين ( اليسار مقابل تيار القومي / البعثي ) آنذاك ,  

وكذلك في  المعيار بين  الجريمة والبطولة , رغم ان  الضابط  ( هاني ) بريء من فعل البطولة , ومن فعل الجريمة والقتل العقيد  جلال   
"اقتربت من الجثة وطلبت من بعض  الجنود , أن يقلبوا العقيد على ظهره . . فبدأ لي وجهه وسط ضباب النور , موشحاً بالكدمات والبقع الزرقاء .. . عيناه جحظتا كأنهما تحلقان فيَّ .... كل ملابسه ممزقة . بدلته تلطخت بالقذارة فأختلط الدم بالوحل . هذا الوجه الوسيم والشعر الخفيف ينبيء عن صورة مرعبة . تلك الدقائق رأيت في وجهه الملطخ بالدماء , مستقبلي الغامض , حياتي الجديدة كأن الجنود التابعين لي قتلوني معه .... قتلوا مستقبلي"

لذلك فأن جريمة القتل , التي لم يقترفها اصلاً وبريء منها , لكنها اخذت ابعاد خطيرة في الشحن السياسي المضاد , وزاد من وتيرة تصاعد   النزاع السياسي  العنيف  , وخرجت الجريمة من منطقها الموضوعي , الى ابعاد خطيرة , وقعت على كاهل الضابط البريء ( هاني ) , في التطرف النقيض بين الطرفين , فجانب من الصراع السياسي , يعتبره عملية القتل  بطولة تستحق التقدير  , بينما الطرف الاخر المضاد , يعتبره متهم بجريمة القتل , هذه النزاعات السياسية اخذت جانب الاسقاط والتسقيط المتنازع ,  

وانسحبت بظلالها الى الشارع  . في عواصف سياسية هائجة بالشحن المضاد , لذا فأن موضوع البحث النقدي , التي تناولته  الدراسة النقدية الشاملة  , في  التحليل العلمي الموضوعي  , في سايكولوجيا النفس والشارع السياسي  , وافرزت الدراسة التحليلة ,  افرازات الطرح والطرح المضاد ,  الاسقاط والاسقاط المضاد  , في طيات  المتن الروائي لرواية ( قصة عائلة ) تناولته   من جوانب وزوايا متعددة , وفق  ما جاء في المذكرات والوثائق المدونة  , وخرجت بهذه المسلمات السبعة :

1 - الواقع الفعلي يتحدث عن جريمة القتل , كما ورد في المتن الروائي في ثنايا  الحبكة الفنية القديرة 

2 - جريمة القتل اتخذت سمة سياسية لطرف سياسي , ضد طرف سياسي اخر في طابع سايكولوجي سياسي وعسكري , في قتل العقيد ( جلال ) على يد جنود محسوبين على اليسار , ووهو انتهاك صارخ للاعراف والسياقات النظم العسكرية المعروفة . 

3 - الاستفادة من مدونات والوثائق التي اعتمدتها في احداثيات  المنظور  الروائي والذي  سلط الضوء على جريمة القتل ودوافعه وتداعياته ,  في الاحداث المتلاحقة والمتسارعة بعد فعل الجريمة . 

 4 - البراعة في توظيف عملية الاسترجاع الزمني ( فلاش باك ) , وتسليط الضوء عليها , في نشوء العنف السياسي , الذي اتخذ شكل من الاشكال البشعة والهمجية , التي بدأت مفاعيلها  في قتل وسحل العائلة الملكية في الشوارع , وهي بمثابة تدشين العنف السياسي في الصراع الدامي 

5 - الحدث المركزي في الرواية هي جريمة القتل , وتحميل الضابط ( هاني ) توابعها في الاتهام بارتكاب القتل لدوافع سياسية 

6 - محاولة تبرئة الضابط ( هاني ) من الاتهام بفعل ارتكاب الجريمة , رغم انه غير موجود ساعة قتل العقيد وسحله من قبل بعض الجنود , لكن هذه البراءة كانت  تعزف في الفراغ , بل تطورت بشكل دراماتيكي ,  بين فعل البطولة , وفعل الاتهام , فهو البطل البريء , والمتهم البريء  , وكذلك هو من ناحية الاخرى , المجرم المتهم القاتل , اي انها انساقت الى ظروف قصرية غير منطقية , واصبحت قضيته  تجارة سياسية  , لاهداف وغايات سياسية مضادة ومتناقضة  , وكل طرف له استنتاجات لا موضوعية ولا عقلانية في حثيثات الجريمة . 

7 - الجهد الروائي للرواية ,  استغرق ثلاثة السنوات من الجهد والمتابعة الحثيثة والدؤوبة   , في تدقيق المذكرات والوثائق التي  في حوزة ( هشام ) شقيق الضابط المتهم , وهو المشارك المحور الاساسي في شخصية   الرواي  , في رواية ( قصة عائلة ) , واستخلصت الدراسة النقدية , في تحليلها وتشخيصها حثيثات العمل الروائي , في ظواهره الذاتية والموضوعية , 
استخلصت هذه الحقائق الظاهرة على المكشوف : 

 1 - الحقيقة الاولى : ظاهرة اشتعال عقلية الجماهير وتفاعله في فعل الجريمة , وطريقة تفكيره السايكولوجيا , المتولدة من الشحن السياسي المضاد , الذي خرج عن سياقات المنطق والمعقول , وتحركه سايكلوجي الذي  فرض نفسه على واقع الاحداث  , دون عقل وتفكير , في سايكلوجية الجمهور او الشارع , وترك بصماته على تحركاته المجنحة بالتسيس المنحاز والمتطرف  ( قد تكون الظاهرة الابعث عن الدهشة , من ظاهرات أشتعال الوحدة العقلية للجماهير التالية : فأياً تكون نوعية الافراد الذين يشكلون ( الجمهور النفس ) وأياً يكن نمط حياتهم متشابهاً او مختلفاً , واياً تكن طبيعة اهتمامهم وامزجتهم ودرجات ذكائهم , فأن بمجرد تحولهم الى جمهور يزودهم بنوع من الروح الجماعية , وهذه الروح تجعلهم يحسون ويفكرون بكيفية مختلفة تماماً عن الكيفية التي سيحسس  بها ويفكر ويتحرك كل فرد منهم لوكان معزولاً ) ص58 .

2 - الحقيقة الثانية : الجمهور المسيس  بتعصب في  تحركاته في  التعصب السياسي المحتقن  , وتحركه غزائر منفلة عن ضبط الاعصاب ,  وتقييم الامور بموضوعية , فأن غرائزه تدفعه الى العنف , وهو في حالة التماهي في الفعل , تبعاً لسلوك السياسي الذي ينتمي وينحاز اليه ( اوتوماتيكياً ) بدون استشارة العقل , لذلك اختلفت الرؤى في فعل الجريمة القتل ضمن الجنون السياسي السائد   , فمن يعتبر الجريمة عمل بطولي والفاعل يستحق البطولة , وعلى النقيض من يعتبره مجرم متهم يستحق العقاب , هكذا كان الرأي العام , يضع نفسه فوق القانون والمحاسبة . 

3 - الحقيقة الثالثة : العقل اللاشعوري هو المسيطر في طريقة تفكير الجمهور العام وطريقة تحركه  اشتعال اللاشعور , فيتصرفون دون رؤية بصيرية لواقع الحال . وانما اتخاذ قرارات جماعية بلهاء دون حساب العواقب المترتبة عليها  . 

4 - الحقيقة الرابعة : ( تذويب الشخصية في اللاوعي , المحكوم بقوى اللاشعورية الطاغية ,بالانسان المنوم معناطيسياً , فيما أن حياة الدماغ تصبح مشلولة لدى الانسان المنوم , فأنه يصبح عبداً لكل فعالية اللاواعية , ويصبح منومه قادراً على توجيهه الوجهة التي يشاء , بعد ان غدت الشخصية الواعية مغمياً عليها , واصبحت اردة التمييز والفهم ملغاة , والحال ان المنوم بالنسبة الى الجمهور النفس , هو المحرض ) ص143 .

5 - الحقيقة الخامسة : دخول الدين في حلبة النزاع السياسي , فتحطمت قيمة الدين والسياسة معاً , لانها خلطت الامور في الغموض والضبابية للواقع الموجود , فأنقسم رجال الدين بين القوى السياسية المتصارعة ,بين  التأيد او الرفض والسخط , أو بين التمجيد الافعال الهجينة , أوبين اشعال الشقاق والخلاف الى اقصى درجة من العنف , فقد لعبت الفتاوى الدينية دوراً تخريباً , في اهدار حرمة الدم , بشكل رخيص ومبتذل , بذريعة محاربة الكفر والالحاد , اي ان تسيس الخطاب الديني لمآرب واحقاد متنازعة , هذه الظاهرة المدمرة , ساهمت في تخريب قيم المجتمع , فقد ضاعت المقاييس في رجل الدين , هل هو مسؤول حزبي ؟ ام مسؤول النفاق السياسي المدمر؟  . 

6 - الحقيقة السادسة : . الخطاب الديني المسيس  ساهم في تمزيق اواصر المجتمع , فقد اصبح جزءاً من الصراع السياسي الناشب والعنيف , فمنذ ذبح العائلة الملكية , ووقوف الخطاب الديني , الذي ساهم في الاحقاد السياسية واضطراب الاوضاع كلية , حسمت  بمجيء  الانقلاب الفاشي للبعث في شباط الاسود عام 1963 , ودخل العراق في مسلخ القتل والذبح . الدم يجر الدم 

7 - الحقيقة السابعة : هي التلاعب في عواطف عامة الناس لغايات سياسية وتحريكها كدمى سهلة وطيعة ,  مهما كانت الغايات ( ايجابية أم سلبية . طيبة او شريرة . لذلك تتميز هذه الافعال الجماهيرية بطابع المزدوج . فهي مضخمة جداً ومبسطة جداً في آن واحد , لهذا فأن الفرد المنخرط في الجمهور يقترب كثيراً من الكائنات البدائية . فهو غير قادر على رؤية الفروقات الدقيقة بين الاشياء ) ص176 . 

 هذه هي الخطوط العامة للدراسة النقدية الشاملة , التي فككت مفاتيح رواية ( قصة عائلة ) ووضعتها تحت مجهر التحليل النقدي الحصيف والبارع في الجمالية الابداعية

--------------------------------- 
× كتاب : البطل البريء  
× تأليف : الدكتور حسين سرمك حسن 
× الطبعة : عام 2018 
× اصدار : مؤسسة المثقف العربي . سدني / استراليا 
× نشر وتوزيع : دار امل الجديدة . دمشق / سوريا 
× صفحة : 267 صفحة 


 اقرأ المزيد لـ جمعة عبدالله


لإرسال مقالاتكم و مشاركاتكم
يرجى الضغط على كلمة  هنا 


ليست هناك تعليقات