أصبحت المدرسة في صراع حقيقي مع الشارع من جهة و مع بعض الاسر من جهة أخرى ليتحول هذا الصراع الى صراع غير متكافئ فحشر ت المؤسسة التربوية في زاوية الحلبة و حد من دورها الرائد في تربية الفرد و تعليمه ليكون صالحا لبناء الوطن و ازدهاره.
يحدث ذلك مع الاسف في وقت برزت فيه تيارات جارفة وماحقة لكل القيم و المبادئ ، لتصبح المدرسة أو المؤسسة التعليمية ككل مجرد هيكل بلا روح تتأثر بما يجري من حولها و لا تؤثر فيه بل و تكاد تذوب كليا في هذا الزخم كثير التناقضات.
ومن أهم المعاول التي باتت تهدد العملية التربوية التعليمية في أوطاننا العربية وسائل الاعلام الحديثة هذه الاخيرة التي ما فتئت تروج لافكار و سلوكات غريبة تارة و متطرفة تارة أخرى بحيث أصبح الطفل المتمدرس لا يعبأ بنصائح أبويه و لا يأبه بقوانين المؤسسة التربوية التي بتعلم بين جدرانها
وبين هذا و ذاك اختار هذا الطفل طريقا آخر أشد و عورة و أحلك ظلاما : الشارع و مغرياته التي لا تعد و لا تحصى و بمعلمه النشيط الذي لا يمل و لا يسأم من تقديم دروسه الهدامة ليل نهار .
ومن شدة تأثير الشارع القوي أصبحت بعض الاسر لا تقوى على ردع أبنائها و التحكم في تربيتهم بشكل صحيح و تركت الحبل على الغارب بل و تنصلت من واجب التنشئة و الرعاية ليتحول ابناؤها مجرد أشخاص لا يدخلون البيت الا في اوقات متأخرة لاجل الاكل و النوم و اهمال واجباتهم المدرسية ،
وهنا يتطور الامر و تكبر كرة الثلج الى أن يتخلى هذا الطفل نهائيا عن الدراسة فتضطر الادارة التعليمية الى طرده و بالتالي الولوج الى عالم آخر ، عالم الضياع ، و هنا يبرز عبء هذا المتسرب من التعليم على الاسرة و على المجتمع كفرد مسلوب العلم و المعرفة و مسلوب المستقبل
و بين هذا و ذاك يجد نفسه بين مخالب الفراغ و البطالة و التسكع و ما ينتج عن ذلك من انحرافات لا تحمد عقباها . إن غالبية المتسربين من المدرسة هم من ذوي النتائج الجيدة في الدراسة و هذا بشهادة الاساتذة ، لكن بسبب تاثير المحيط و وسائل الاتصال الحديثة و الترويج لحملات الهجرة و تصوير العالم الغربي على أنه جنة ، ونفض بعض الاباء أيديهم و التنصل من واجب الرعاية سواء بسبب أو بآخر ، مهد الطريق لتفاقم ظاهرة التسرب المدرسي ،
هذا الاخير الذي يعتبر معضلة من أكبر المعضلات التي تواجه مجتمعاتنا . و على الدول و الحكومات في عالمنا العربي أن تتصدى فورا لهذه المشكلة و ذلك بوضع حلول ناجعة تشارك في وضعها كل القوى الحية و كل القطاعات و كل من بيده ذرة من الدواء لعلاج الداء.
ليست هناك تعليقات