هجم الليل مسرعا على شوارع باريس ٠ حبات الثلج تتطاير في كل مكان ٠
خرج طاهر كعادته ؛ يلتفت يمينا وشمالا عله يجد صديقا ٠
يرافقه الى الملهي ٠هو شاب لم يتجاوز السابعة عشرة من عمره ؛ وسيم ٠
بعد جولة قصيرة تسرب الى أحد الملاهي ؛ جلس وطلب زجاجة " وسكي " ٠أشعل سجارة وسكب النبيذ في الكأس ٠
إنطلقت الموسيقي الصاخبة متبوعة بالاضواء الكاشفة ٠
ظل في مكانه دون حركة وصيحات الشباب تتعالى في آنسجام فتتشابك مع الموسيقي ٠
تتوالى الدقائق مسرعة كأنها في سباق ٠
نظرت اليه في حين غفلة احدي الفتيات ورمته بسهم ؛ وهرولت الى طاولته ؛ شعرها ذهبي وعيناها كبيرتان ٠وقالت
- تعالى نرقص معا ٠٠٠
وثب مدفوعا بقوة سحرية ٠ كان صوتها منخفضا ؛ كانت حركاتها بطيئة متوازية أشبه بنقرات موسيقة ٠همس اليها في أذانها - رقة وجمال غير عادي
فجأة قدم اليهما احد الشبان ودفع طاهرا دفعا قويا ٠ فسقط على الارض ٠نهظ مسرعا وتحول الملهي الى حلبة صراع ٠
مما إستوجب إستدعاء الشرطة ؛ فأخذت الشابين الى مركز الامن ٠وتحول طاهر الى السجن وحكم عليه بخمسة أشهر ٠
لأنه ترك أثارا عنيفة على وجه الشاب ٠
إنقضي الشهر الاول وأقبل الشهر الثاني ٠كانت الساعة تشير الى التاسعة ليلا ٠خيم على الغرفة صمت عميق ؛ قطعه رنين الجرس ٠فعصفت في نفس طاهر أحزان وحركت أوجاع قابعة في الذاكرة ٠
في تلك اللحظة طلب منه زميله في الغرفة أن يغني لأنه يحس بقلق ينتابه ٠ لكنه عارض رغبته وراح يختلق الاعذار ٠
لأنه لم يغن طيلة حياته ٠لكنه الح عليه ؛ فرضخ لمشيئته ٠
فغني بصوت عال حتي يخفف من ألمه ٠إنبهر زميله بصوته الساحر لان الحياة قد تجددت في قلبه وفي الغرفة ٠
فجأة فتحت جميع غرف السجن وبدأ السجان يسال عن صاحب الصوت ٠لأن جميع نزلاء السجن تفاعلوا معه ٠فقال طاهر - هذه اول مرة أغني عن طريق الصدفة المحضة وتلبية لرغبة زميلي ٠٠٠
مما أثار إعجاب رئيس السجن ؛ فسعي سعيا حتي يخفف مدة سجنه ٠
غادر طاهر السجن وبدأ يبحث عن فرصة حتي يبرز كفائته الفنية ٠
لفت نظره إعلان في صحيفة مفادها أحد النزل سيقدم حفلة فنية ٠ وللفور بدا له أن الفرصة قد أتت على غير ميعاد ٠
فيكفي أن يقنع المسؤول عن الحفلة أن يعطيه مساحة صغيرة خلال السهرة ٠
- أرجوك أعطيني مساحة صغيرة من الوقت !!!
بعد أخذ ورد قبل المسؤول على مضض ٠على ان تكون الفرصة في أخر السهرة ٠
جاء اليوم الموعود ؛ حضر جمهور غفير في السهرة التي تزامنت مع إحتفالات شهر ديسمبر لما له من مكانة في باريس
جاءت اللحظة التي طال إنتظارها وهم الجمهور بمغادرة المكان ؛ لكنه بمجرد سماع صوت طاهر ؛ صمت ضجيجه وسكنت الحركة ٠فأبهر الجميع بصوته ٠٠٠٠
ليست هناك تعليقات