أخبار الموقع

اهــــــــلا و سهــــــــلا بــــــكم فــــــي موقع مجلة منبر الفكر ... هنا منبر ختَم شهادةَ البقاءِ ببصمةٍ تحاكي شَكلَ الوعودِ، وفكرةٍ طوّت الخيالَ واستقرتْ في القلوبِ حقيقةً وصدقاً " اتصل بنا "

« نبش الذاكرة » ... أقصوصة بقلم : منير الجابري



  « نبش الذاكرة » 
    بقلم :  منير الجابري
   14/12/2018


« مجلة منبر الفكر »
منير الجابري     تونس  14/12/2018


أحيانا يجد المرء .لذته في نبش الذاكرة .فيبحر في ثناياها .تحرك فيه الوجع والالم .يظل يبحث في زوايا الماضي .لانه يمثل الملاذ الوحيد .وخاصة لمن وصل الى ارذل العمر .مثل حالي .لقد تجاوزت الستين .فوقفت دموعي على ذكري ايام رحلت .صارت ملامحي متجعدة .وصارت الوحدة هاجسي اليومي .خاصة بعد مغادرة ابني الوحيد .نحو اروبا بحثا عن العمل .فهو سافر عبر سفن الموت .ومكثت انتظر رجوعه .اتجه كل صباح الى مصب النفايات للعمل .انبش اكداس القمامة .لجمع قوارير البلاستيك.احدق بالارض ؛فتتسرب الى انفي .روائح قذرة مقرفة .والطقس بارد جدا .احيانا لااقدر على مسك ما اجمعه .لكي اضعه في الكيس .اردت تحريك قدمي ؛ لكني سقطت في بركة ماء .فهي لا تظهر من خلال الاوساخ .قدم الي احد الشبان .وانتشلني ثم قال :" قد علا وجهك صفرة وشحوب ".
ارتسمت على وجهي علامات الحيرة ؛ اجبته :" لقد ضعف بصري ؛ اصبحت اتلمس الاشياء كالاعمي ؛ وصارت حركتي بطيئة ". اردف قائلا :" ثيابك تلطخت بالوحل والمياه القذرة".
صمت طويلا وقلت :" لسعات البرت اتعبت جسدي ؛ الضعيف" سالني :" ليس لك من ينقذك من عملك المضني ؟".
تدحرجت الدموع من عيني ورفعت راسي .متاملة في وجهه.
:" لقد تركني ابني ورحل ". حملت الكيس .وعدت ادراجي الى المنزل .انهمكت في اشعال النار لاحضر كاس الشاي .حتي اطرد الم راسي .سمعت نقرات على الباب .انه جاري احمد الذي يهتم بي ويسال عني دائما .نظرت اليه ؛ وقد ارتسمت علامات الحيرة على محياه .وقال في صوت مضطرب :" لقد اخبرني العمدة ان ابنك لن يعود !! " . بقيت اتامله ؛ وجالت بخاطري اسئلة كثيرة .لاني لم اسمعه يوما يحكي بتلك النبرة .فالابتسامة لاتفارقه .صوته تقطعه تنهدات .وسالته
:" لم افهم ما تقول وضح كلامك ". رد قائلا :" لقد مات ابنك منذ مدة ؛رمي من احد قوارب الموت ؛ فلم يقدر على مصارعة الامواج ". ذعرت مما سمعت ؛ وبكيت بكاءا مرا .واشتد بي الياس والكابة .ومر ذلك المساء ثقيلا .وغابت شمسه ؛ التى غاب معها ابني الى الابد / .



 اقرأ المزيد لـ منير الجابري


لإرسال مقالاتكم و مشاركاتكم
يرجى الضغط على كلمة  هنا


ليست هناك تعليقات