كلمة لا بد منها: المقهى : أوجاع القرية
أوجاع القرية العربية كثيرة و متشعبة ، لا يمكن لعابر سبيل أن يدرك مغاراتها المظلمة الملتوية . و الخوض في ذلك يطيل الطريق و يأكل من الجهد و الوقت الكثير . لكن السؤال العريض الذي يطرح من قبل العام و الخاص ومن طرف المثقف و غيره:
لماذا يظل التخلف قابعا بأكثر قرانا العربية? لماذا لم يتزحزح قليلا أو يتململ بعض الشئ ليفسح مسارات للتنفس ، و يفتح ثغرات في جدار لرؤية نقطة من ملامح المستقبل ،? أسئلة و تساؤلات تدور في مخيلة الناس شبابا و شيبا . هناك من اهتدى إلى تفسيرات موضوعية حقا ،
و هناك من انحرف عن قول الحقيقة ، بينما هناك من لم يجد اجابة البتة و فوض امرها الى الخالق المعبود. على كل حال القرية العربية أوجاعها متعددة ،لكن سنذكر منها ما هو بارز للعيان ، و نظن أنه سيشاركنا الرأي الكثير . و إذا ما عرف مكمن المرض و أسبابه أكيد سيتيسر العلاج . في هذه المنطقة تعيش مجموعة من الناس تربطهم علاقات الجوار و المصاهرة و المصالح المتبادلة و المتشابكة ، وهذا أمر طبيعي كما هو الحال في معظم بقاع الدنيا . ومن المفروض أن تكون لديهم نظرة واحدة نحو بناء المستقبل و التدرج على سلم التقدم و الازدهار
،لكن هنا مربط الفرس و أصل الداء ،فكل فئة من المجموعة صارت تخطط للمستقبل وفق نظرية اتركوا الطريق لي وحدي ، ورأيي هو الصائب و أنتم مخطئون. فانقسمت الجماعة في القرية الى فرق :فريق صائم عن التعبير منزو في ركن بعيد من الساحة، و فريق التصق بالمسؤول كتفا بكتف و ساقا بساق ،
فإن أصاب فهو معه و إن أخطأ كذلك، وفريق اختار طريقة الكواسر الجارحة لا مع هذا و لا مع ذاك ،ينقض على الفريسة حالما تأتيه الفرصة ، أما الفريق الآخر فينتمي الى زمرة المثقفين الذين يراقبون و ينتقدون و يضعون النظريات ، يستخرجونها من الادراج تارة ثم يعيدونها الى النوم في قطن الارشيف.
هذه أهم الاوجاع التي أصابت القرية العربية و ليست كلها طبعا ، منذ فجر الاستقلال و الى يومنا هذا ، ولا عجب إن بقي أهل المنطقة بعضهم يموج في بعض ، والذي يرى نفسه رابحا فهو الخاسر ، و الخاسر هو الرابح لأنه لم يبذل جهدا و لم يجر لا صعودا و لا هبوطا و يظل مرتاح البال في جنة الاوهام .
ليست هناك تعليقات