أخبار الموقع

اهــــــــلا و سهــــــــلا بــــــكم فــــــي موقع مجلة منبر الفكر ... هنا منبر ختَم شهادةَ البقاءِ ببصمةٍ تحاكي شَكلَ الوعودِ، وفكرةٍ طوّت الخيالَ واستقرتْ في القلوبِ حقيقةً وصدقاً " اتصل بنا "

« رسم الزعيم » ... أقصوصة بقلم : منير الجابري



  « رسم الزعيم »
    بقلم :  منير الجابري
   9/1/2019


« مجلة منبر الفكر »
منير الجابري     تونس  9/1/2019


رجع بشير منذ أشهر ؛ الى مسقط رأسه في دارفور ٠ بعد أن وضعت الحرب أوزارها ٠ كان يعاني من الفاقة والعوز ٠ لم يكن يعرف كيف سيتدبر أمور غده المقبل ٠
فهو شاب في مقتبل العمر ٠مكث في منزلهم في القرية ؛ لكن همه الوحيد إيجاد شغل ؛ حتي يغير نمط حياته نحو الأفضل٠
توجه في إحدي الأماسي الى المقهي لتمضية بعض الوقت ٠
او ربما يجد أحد المقاولين يبحث عن عامل ٠ حين هم بالجلوس رن هاتفه ٠إنه أحد أصدقائه الذي درس معه في المدرسة ٠
لفت نظره الى إعلان في إحدي الصحف التي وقعت في يده عن طريق الصدفة المحضة ٠فيه يقول " مطلوب عمال لدي شركة الورود في الخليج " ٠ تفحص الاعلان جيدا ٠ وللفور بدا
له أن الفرصة قد أتت على غير ميعاد ٠ فإنه يكف أن يعرف ماهو المطلوب منه ٠ لكنه وجد فيه غموظا ٠ شدت إنتباهه جملة في الإعلان " لا سيما أن المنافسين في هذا الميدان نادرين جدا " ٠
في الصباح الموالى لملم شتاته وآتجه الى قرية صديقه ٠ ربما يجد جوابا لفهم الاعلان ٠
بعد عناء السفر ؛ وصل الى المقهي المجاور لمحطة المسافرين
في قرية صديقه ٠ وجده مكتظا . يسمي مقهي عيون المهي ٠
جلس بشير ونظر الى الساعة المعلقة على الحائط ؛ التي كانت تشير الى الساعة العاشرة صباحا ٠
المقهي يمتد على على أطراف القرية المشردة ؛ المنسية ٠
يتجلي ذلك في المناضد القديمة العتيقة ٠٠٠
تأمل في الوجوه فإذا هي فسيفساء من الناس ٠ يجلبها المقهي ٠ جلسوا فرادي او محلقين ٠٠٠
وخبرة الصحراء تعلن عن نفسها من خلال ملامح الوجوه ٠٠٠
خبرة ليست مكتوبة ولكنها محفورة داخل أغوار النفوس ٠
يتجادلون في قصص حول حول مواجهة عواصف الرمال
وغارات البدو ٠ والمجاعات والأوبئة وأيام الجفاف ٠٠٠
طلب بشير كأس شاي لكن عيونه بقيت شاخصة ؛ في تشققات الحيطان والسقف ٠فتظهر أعشاش العناكب ٠
وقد إستوطنت أركان المقهي وبسطت خيوط شباكها ٠٠٠
حتي الغبار الراسي على النوافذ والجدران ؛ قد إتخذ أشكال هندسية متنوعة ٠٠٠
سمع خلفه همسا ؛ فجلبه الفضول لمعرفة الامر ٠
وجد رجلا ضخم الجثة شديد السواد ٠ له عينان مشوهتان ٠
مليئتان بالشر وفي أصابعه أظافر طويلة قذرة ٠
يصرف وقته متاجرا بنفوذ احد أقاربه ؛ بين طالبي الوظائف ومريدي الوجاهة ٠
أشعل بشير سجارة ثم نظر الى النادل فوجده . شاب نقي القلب هادىء الطباع ؛ يبذل أقصي جهده في العمل عن طيب خاطر ٠٠٠
سحب نفسا طويلا ثم نفخ وبقي يرقب تصاعد الدخان وهو يتلوي ٠ فرأي صورة الزعيم معلقة قبالة الباب ٠ في رسم عريض ٠تعلو محياه إبتسامة عريضة ويبسط يده اليمني محيا الجمهور ٠ تأملها جيدا وود لو يقول لها أشياء كثيرة
تملأ صدره بالشجن والأسي ٠
بدات خيوط الشمس تتواري عن الأنظار ؛ زامن ذلك مع هبوب عاصفة رملية ٠ حينها بزغت ملامح صديق بشير من بعيد ٠
آعتذر طويلا عن التأخير ٠ وكانت يده لاتزال تحمل الجريدة ٠
عرجا على مرحلة الصبي وأيام الطفولة الغابرة ٠ التي تركت أحلى الذكريات ٠٠٠
رفع بشير بصره الى صديقه ٠ وتصور نفسه قد تبسمت له الحياة أخيرا ٠ فسأله
- هل وصلت الى الحلقة المفقودة في نص الاعلان ؟
-هذا الاعلان غير واضح المعالم والبنود !!! يحمل في طياته تحيل ٠ هدفها أخذ العمال بتعلة العمل في ميدان الفلاحة !!!
- وأين الاشكال خبرنا العمل في الفلاحة ٠٠٠
- هناك من حذرني من العمل في هاته الشركة !
- ماهي المخاطر التي يحتوي عليها ؟
- عند وصول العمال تغير وجهتهم الى ساحة الحرب في اليمن مقابل راتب شهري !!!
بهت بشير دقيقة وقد تغيرت ملامحه ٠ كأن تلك الاجوبة التي باح بها صديقه ؛ قد أوحت اليه بمآسي ٠٠٠
ثم نظر في عينيه نظرة طويلة ؛
- هل نحن قدرنا من محاربة الأشقاء الى محاربة الجيران !!!
ونستسلم كالقطعان الى تجار الحروب ونقضي بقية حياتنا في الحضيض ٠٠٠
- هذا ما أخبرني به أحد العائدين من ساحة الوغي ؛ لأن ساقه قد بطرت ٠٠٠
- لقد أزحت لثام الضباب الذي يلف هذا الإعلان ٠٠٠





 اقرأ المزيد لـ منير الجابري


لإرسال مقالاتكم و مشاركاتكم
يرجى الضغط على كلمة  هنا


ليست هناك تعليقات