أخبار الموقع

اهــــــــلا و سهــــــــلا بــــــكم فــــــي موقع مجلة منبر الفكر ... هنا منبر ختَم شهادةَ البقاءِ ببصمةٍ تحاكي شَكلَ الوعودِ، وفكرةٍ طوّت الخيالَ واستقرتْ في القلوبِ حقيقةً وصدقاً " اتصل بنا "

« طبول مؤتمر المانحين » ... بقلم : د. فاضل البدراني


 « طبول مؤتمر المانحين » 
    بقلم : د. فاضل البدراني  
   25/2/2018


« مجلة منبر الفكر»    د. فاضل البدراني      العراق 25/2/2018


ثمانية شهور من التسويق الإعلامي رافقت مسيرة الحديث عن مؤتمر الكويت للدول المانحة لإعادة إعمار العراق الذي دعي له قبل انعقاده في 12 شباط الحالي، وعلى ما يبدو أنه بالأصل فكرة أميركية لأن يجتمع زعماء من بلدان العالم في بلد مجاور للعراق للمساهمة بإعادة اعماره عقب تحرر حوالي 32 بالمئة من مساحة تمثل مدنا وأراض كانت تخضع لسيطرة تنظيم داعش منذ 2014.

وقبيل انعقاد المؤتمر بأيام صدم الجميع بتنصل الولايات المتحدة من المساهمة بالتبرعات بسبب غياب الثقة بالإدارات العراقية، جراء ثقافة الفساد المستشرية بحسب تصريحات المسؤولين بالخارجية الاميركية، لكن بإمكان واشنطن لو صدقت ان تتبرع، وان تضع آلية ايجابية للمساهمة في موضوع الاعمار بعيدا عن السرقات والفساد بالتعاون مع منظمات وفعاليات دولية تودع المبالغ فيها بأمان. بينما الذي حصل ان "مؤتمر الدول المانحة" تحول الى "مؤتمر الاستثمار" الذي دعيت له شركات القطاع الخاص في انحاء العالم تحت شعار " استثمر في العراق " واما المنح فقد غابت تماما عن اجواء المؤتمر، وتنصلت الدول المشاركة من التبرع ما عدا مبالغ كانت ارقامها مخجلة، فمثلا ماليزيا تبرعت بمبلغ 100 الف دولار وسلوفاكيا مليون دولار والمجر مليوني دولار، وهلمجرا لدول أخرى، فضلا عن منظمات انسانية وحقوقية تقدمت بتبرعات متواضعة المبالغ على قدر امكاناتها، وينبغي ان نثمنها باعتزاز، لكن بالحقيقة ليس هذا حال العراق الذي يصدر 3 ملايين و400 الف برميل يوميا.والجانب الأهم في المؤتمر أن 94 بالمئة من المنح جاءت بصيغة قروض، وتشكل منها 66 بالمئة قروض سيادية، أي لو لم يسدد العراق الاقساط السنوية أو فوائد الديون سيتم الاستيلاء على أي أملاك أو ودائع عراقية، ومنها ثروات البلد من النفط والخطوط الجوية، و38 من القروض غير سيادية و6 بالمئة بدون فوائد.

والبعض من خبراء الاقتصاد المختصين اكدوا بان الدول المشاركة بمؤتمر الكويت وعدت العراق بتقديم 30 مليار دولار ،منها 29 مليار بصيغة قروض ومليار واحد تبرع، وحذروا من ان القروض هذه جاءت ليس للمنح وانما لزيادة الديون، واثقال كاهل العراقيين لأجيال قادمة،وسيؤدي الى تردي أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية مستقبلا، حتى ان البنك المركزي العراقي أعلن أمام مؤتمر المانحين بان العراق لم يعد يتحمل زيادة في ديونه لان نسبة مديونته اصبحت ثقيلة للغاية، وعلى ما يبدو ان أقيام الديون الخارجية على العراق تجاوزت 140 مليار دولار، وهذا يعني ان البلد سيبقى يسدد ديونه مع فوائدها على مدى ستة عقود من الزمن. فالبلد أهدر منذ الاحتلال الاميركي مطلع 2003 ولحد الان ما يزيد عن 800 مليار دولار، ولو استثمرت بأيدي أمينة، وفق خطط التنمية المستدامة لوجدنا العراق في وضع اقتصادي آخر ليس بهذا الحال الذي يتقبل صدقات الاخرين، ولما تراكمت هذه الديون في رقاب العراقيين وحتى أجيال مقبلة. وإما آمال سكان المناطق المنكوبة فقد تبددت وذهبت ادراج الرياح ،ولم يعد من أمل ينعش أذهانهم بعد الصبر على مدى ثمانية شهور من الوعود والورود ،والنتيجة جاءت ولادة مؤتمر الاستثمار وليس المنح والمساهمة بأعمار المدن وتعويض المواطنين. 

فقط الذي يجب الاشارة اليه في الجوانب المشرقة لمؤتمر المانحين او المستثمرين، انه منح الشركات الخارجية المستثمرة فرص العمل والتباحث والاطلاع على ما قدمته الحكومة العراقية من مشروعات تبدو مشجعة لو لا الوضع الأمني الذي يربك حسابات أصحاب الشركات الأجنبية من مخاوف، وينبغي ان  يكون ذلك في بال الحكومة لتذليل التحديات والمخاوف الأمنية، وبلا شك فالمؤتمر جاء على صيغة معرض للتسوق وعرض الفرص الاستثمارية، ولنكن في المنظومة الحكومية والبرلمانية ومنظومة القطاع الخاص في العراق ضمن هدف وطني واحد للعمل على تأسيس شراكة اقتصادية تعيد للعراق وضعه الطبيعي وبناء مدنه واقتصاده والعبور الى مرحلة الازدهار. 


*أكاديمي وإعلامي عراقي 

 اقرأ المزيد لـ د. فاضل البدراني


لإرسال مقالاتكم و مشاركاتكم
يرجى الضغط على كلمة  هنا 


ليست هناك تعليقات