مجلة منبر الفكر ...
د . هشام العوضي
أن تشتهر يعني ان تكون معروفاً بالاسم أو بالشكل، أو بالاثنين معاً. وهذه لها خطوات معروفة، وهي مثلاً أن تقرر ما الذي تريد أن تشتهر به، وأن تتميز في الذي تريد أن تشتهر به، وأن يكون لك مدرّب أو موّجه محترف، وأن تطوّر الأسباب التي شهرتك باستمرار.
هذه هي خلطة الشهرة المعروفة في العالم، ولكن الخلطة تختلف قليلاً في الكويت. ففي الكويت يجب أن تشتهر خارج الكويت أولاً ان أردت تشتهر محلياً. ويجب أن يقدّرك الآخرون أولاً، ويُفضل أن تكون جهة غربية معروفة، كي تلتفت إليك الدولة وتُقدرّك.
ولماذا ذلك؟ لأن شهرتك خارج الكويت، ومن جهات عالمية معتمدة، يعني انك اجتزت مقاييس الجودة المتفق عليها، ولأن حجم الكويت الصغير طبيعياً يجعلها تثمّن شهادة «الكبار» في مواهب مواطنيها وانجازاتهم. ولا أرى في ذلك مشكلة. ولكني اقترح شيئين؛ الأول هو أننا يجب أن نحتضن ونطوّر المواهب الموجودة لدى ابنائنا، وهي كثيرة، قبل أن نفاجأ من غيرنا وهو يُعلن عنها، ويُكرّمها. فتكريم الدولة «بأثر رجعي» لمن شهد له الآخرون في الخارج عن موهبته وعبقريته، يُفقد جزءا كبيرا من مدلول هذا التكريم المحلي. يجب أن يكون لمؤسسات الدولة دور في تطوير «المادة الخام» قبل أن يشتهر صاحبها في الخارج، بحيث تكون بمنزلة الراعي له في تقدير هذا الخارج له.
والاقتراح الثاني هو ضرورة أن نقدّر المواهب المحلية، سواء اعترف بها عالميا أم لم يعترف. فنقدّر الروائيين والأطباء والباحثين والرياضيين وكل أصحاب موهبة وإبداع وذلك قبل أن يفوزوا بجوائز عالمية. أن يكون لنا قصب السبق في اشهارهم، قبل أن يأخذنا الآخر في اشهاره على حين غرّة!
لماذا؟ لأن المفترض أننا اكتشفنا ورعينا مواهبهم مسبقا، والمفترض كذلك – وهذا الأهم – هو أننا نملك ونحترم ونطبّق نفس مقاييس الجودة المتفق عليها عالمياً. فإن طبّق الآخرون في الخارج تلك المقاييس فخير وبركة، وإن لم يطبّقوا طبّقناها نحن، وقدّرنا الموهبة. فنحن لا نريد أن تكون لدينا «عقدة نقص» بحيث لا نعترف بموهبة طالما لم يعترف بها غيرنا، وإنما الثقة بالنفس بأن تقديرنا هو ايضاً مهم. وهذا بلا شك يصنع جيلاً أوسع من المبدعين لديه ثقة أكبر في نفسه وفي موهبته وفي دولته.
أ.د. هشام العوضي
ليست هناك تعليقات