يبدأ الخلاف بدلع، ثم يصبح غضبا، ثم حزنا، ثم حقدا، ثم خصاما وهجرا.
تقول الدراسات ان الخلافات بين الأزواج مفيدة للصحة، والنقاش والجدال وحتى الشجار، يعني أن العلاقة بين الزوجين مازالت حية، ومازالت هناك رغبة في التعايش. فالشجار، رغم بشاعته، يمكنه أن يحل المشاكل وينظف الأجواء العائلية، اذ فيه تنفيس للتوتر والضغوطات، فالشخص الذي يكتم غيظه، ولا يعبّر عن غضبه أكثر عرضة للأمراض والذبحات الصدرية، وربما الموت المفاجئ.
بيد ان عندما يتحول الشجار إلى خصام وتسود «لغة الصمت» بين الزوجين، وتطول مدتها، ينتقل الحال من الغضب إلى الحزن، ثم يتطور لينبّش كل من الزوجين عن مساوئ الآخر، فتتولد مشاعر سلبية إضافية بعيدة عن أصل المشكلة، وتتسع الفجوة بينهما، ويتحول الغضب إلى حقد، وينتهي بقطيعة تسد كل الأبواب.
إن المعاملة الصامتة، أي عدم الكلام بين الأزواج، «الحرد» أو القطيعة هي أقسى أنواع الحالات، التي تمر على الزوجين، فالشخص الذي يمتنع عن الكلام غاضب، لكنه في نفس الوقت حزين، أما الشخص الذي يتلقى المعاملة الصامتة فهو «معاقب» من الطرف الأول، مما يشعره بالإحباط، ويجعله يتوقف عن الاستجابة للطرف الأول، فيلجأ الرجل إلى قضاء معظم وقته خارج البيت هربا من المشاكل، وتلجأ الزوجة إلى الهروب إلى عملها أو أولادها تفاديا للقاء زوجها، وهكذا يعيش الزوجان في دائرة مفرغة من القطيعة.
الكثير من الأزواج لا يعرف الطرق المثلى للصلح، والبعض منهم يعرف، لكنه يكابر، فعزة النفس، العناد، واعتقاد كل من الطرفين أن الآخر هو المخطئ، وعليه هو أن يقدم الاعتذار أولا، يؤخر عملية الصلح، فتتضخم المشكلة ويطول الخصام وتستمر القطيعة. أنت إن حملت كوبا من الماء لمدة دقيقة، دقيقتين، خمسة.. لن يتعبك، لكن إن حملته لساعات ستؤلمك ذراعك، وإن لأيام ستشل. هكذا هي المشاكل، تبدأ بسيطة تافهة ثم ــ إن تُركت ــ تتضخم لتسبب ألماً كبيراً.
اترك الباب موارباً. أعط للحب فرصة، دع الذكريات الجميلة تنتصر على الحادثة التي سببت المشكلة. الأمر أبسط مما يصوره لنا كبرياؤنا، فعملية الصلح بسيطة.. قد تكون بـ«خير إن شاء الله؟»، بابتسامة، بلمسة حانية، بباقة ورد، أو بهدية. لا تجعل مدة الخصام تطول، فكلما طالت صعب الصلح. تجنب الردود القاطعة مثل «أنا هكذا»، و«لن تربيني». ابتعد عن الإهانة والكلمات الجارحة، فهي لن تزيد الطين إلا بلة، وعاتب فالعتاب «صابون القلوب».
بيد أن أهم ما في الصلح هو كلمة «آسف». اعتذر ولكن ليس بأسلوب «رفع العتب» بكلمة طائرة في الهواء. اعتذر بصدق وبمشاعر حقيقية عن الألم الذي سببته لشريكك مهما كنت تراه بسيطا أو حتى سخيفا. كلمة آسف، وضمة للقلب، وقبلة.. ستحل كل المشاكل صدقوني.
ولا تنسوا، أحلى ما في الخصام.. هو الصلح.
دلع المفتي
|
ليست هناك تعليقات