أعتبر أن الفضاء المعلوماتي أتاح للجميع فرصة إبداء الرأي، وبات كل من يرغب المشاركة في أي موضوع، بين يديه عدّةُ خيارات، لإيصال
صوته، وهذا جيد، ولكن المعضلة دوماً تكمن في ضحالة ما يطرح، ثم التعصّب لما يجري طرحه، بمعنى أنك تجد من يكتب على مواقع التواصل
الاجتماعي، وهو متحمّس، ويبدأ يحلّل ويفنّد ويؤكّد، وتغيب عن حديثه حقائق مسلَّم بها أو أحداث وقعت تكذّب تماماً ما يذهب له،
وتفاجأ بأنه يرفض تماماً الاقتناع.
يصبح الموضوع برمته، وقد تحوّل من نقاش حول قضية عامة، لمحاولة إقناع هذا المتحدث بأنه يسيء لنفسه أولاً، لأنه يظهر جهله.
الشواهد كثيرة، على سبيل المثال عندما يُزَجّ بك في أتون حوار، تكتشف من خلاله أن البعض يتحدثون عن بلدك وهم لا يعرفون العاصمة،
بل لا يعرفون أين تقع. وفي اللحظة نفسها يحلل الوضع الاقتصادي، في اجترار واضح لكلمات اقتصادية عامة، فقط الهدف إظهار نفسه على
أنه خبير، ولو أنصت له لعام كامل، لما وجدت في كلماته فائدة واحدة، لذا يجري استحضار الكذب والتزييف.
هذا واقع، وفي الحقيقة ليست هذه المشكلة الوحيدة، إنما مواجهة أناس لا يجيدون فن الحوار، ولا كيف يتم إبداء الرأي، ولا يحملون
أي احترام للذي يتحدث معهم، وتنصبُّ محاولاتهم على خطّة تطفيشك وانسحابك، وإذا قُدِّر لك وصمدتَ فعليك أن تواجه سيلاً من الكلمات
المؤذية لك شخصياً. هؤلاء يتخذون من الحوار والنقاش، وكأنه مباراة في كرة القدم الإنجليزية، لا سبيل للفوز إلا بالقوة البدنية،
وقوة الضرب، يحولون حتى القضايا البسيطة والمتواضعة، أو الأحداث المحدودة والفردية، لظاهرة وكأنها تهدد بلدك ومجتمعك، وعندما
توضح لهم فداحة الخطأ، تظهر لك الحقيقة، هؤلاء طلاب فتنة لا معرفة، طلاب فوضى لا علم وفائدة.
ليست هناك تعليقات